كمي الملحم كمي الملحم

على أبواب السفارة الأمريكية.. تعال إلى أمريكا!

قد تتورم قدماك من الوقوف أمام السفارة الأمريكية، وقد تصاب بالدوالي، أو  فقرات ظهرك بالديسك، وستخضع لتفتيش يدوي، وإلكتروني، وستحمل الكثير من  الأوراق، محاولاً أن تثبت فيها ملكيتك لرصيد جيد من المال، وإتقانك اللغة الإنكليزية، واستنكارك جميع الأعمال الإرهابية غير الأمريكية.

وبالمقابل، قد تأمل بالحصول على (تأشيرة) تعبر فيها من «محور الشر» ليجلسك إخوانك الأمريكان فوق قمة «محور الخير» كما أجلسوا الذين من قبلك، والأقواس هنا ضرورية. التأشيرة سالفة الذكر يمنحك إياها قنصل أمريكي لم يستطع الحصول على تأشيرة دخول لأحد المطاعم الصغيرة في العاصمة السورية.

■ وزير العدل الأمريكي جون اشكروفت يقول:
«أمريكا لن تسمح للإرهابيين باستغلال ضيافتنا كسلاح يوجه ضدنا» ذلك بعد أن وافق مجلس النواب والشيوخ الأمريكيان على مشروع قانون يفرض قيوداً على دخول رعايا دول تتهمها واشنطن بالإرهاب (من بينها سورية) والمصادر الدبلوماسية السورية  تشير إلى أن مشروع القانون سالف الذكر هو محاولة للضغط على سورية كما على غيرها من الدول التي تسميها واشنطن بلغة ميتافيزيقية، «دول محور الشر».

■ الشاب عمر يقول: «أتيت أنا وصديقي لنقدم أوراقنا، لقد سمعت بالقرار، لكنني سأحاول، لأن القانون لم يعمم على السفارات بعد، أنا لست ذاهباً إلى أمريكا للسياحة، بل للعمل، فمن المؤكد أن حدائق معلقة كالتي قصفها الأمريكيون في بغداد، لن أجد مثلها في واشنطن، إلا أنني سأجد النقود، وأنا ذاهب من أجل النقود فقط، فأنت تعرف أن الظروف هنا صعبة للغاية، ولاسيما بالنسبة للشباب».

■ أحد المصادر الدبلوماسية في القنصلية الأمريكية يؤكد بأن أكثر من 200 سوري يومياً يقدمون طلباتهم للسفر، فيوافق على 30 منها تقريباً، أي أن عدد الذين يحصلون على تأشيرة خروج يقارب الـ (11000) سنوياً، وتطلب السفارة الأمريكية من طالبي التأشيرة، وثائق كثيرة عن وضعهم الاقتصادي و العائلي وارتباطهم بعمل، وحيازتهم لممتلكات وعقارات، والكثير من المواطنين السوريين والعرب يصابون بالخيبة عقب الوصول إلى (الدولة العظمى) جراء المعاملة العنصرية التي يلقونها هناك، فكمية الدولارات الأمريكية التي يمكن أن يجمعها مواطن من دول العالم الثالث، تتناسب طرداً مع حجم الذل الذي يتلقاه، وحجم الاستغلال الذي يمارَس عليه، وخاصة أن معظم الذين يسافرون إلى أمريكا، يصلون إليها بـ (فيزا) سياحية، أي أنهم لا يستطيعون العمل هناك بظروف سليمة، وبشكل نظامي، فيسكنون في أحياء فقيرة ويعامَلون معاملة عنصرية ويعزلون اجتماعياً.

■ أبو محمد الذي يقيم الآن في حي المهاجرين يقول لنا:
«سافرت إلى أمريكا أكثر من عشر مرات منذ عام 1990 حتى الآن، في البداية عملت في كازية، ثم أجيراً عند سمان، وكنت أعمل من السابعة صباحاً حتى العاشرة مساء تقريباً، وأتقاضى حوالي 5 دولارات عن الساعة الواحدة، الأمريكيون ينظرون إليك نظرة غريبة، فهم عنصريون مع العرب، كما مع الزنوج الأمريكيين، ولا يهتمون بالسياسة التي تعتبر حكراً على الطبقات الراقية منهم، فإذا كنت تقود سيارة قديمة في أحياء البيض في أمريكا مثلاً يتبعك البوليس ويوقفك ليأخذ منك أوراقك، وقد أوقفني البوليس ثلاث مرات لهذا السبب، وهم لا يعرفون من العرب سوى (فلسطين والعراق والسعودية). ويقولون لنا أنتم العرب إرهابيون، ومع الأسف، العرب هناك غير فاعلين وغير منظمين كما يجب، على عكس اليهود الذين يتحكمون عملياً بسياسة أمريكا الخارجية والداخلية، لقد عانيت كثيراً من الإهانات والذل هناك لكنني سأعاود السفر مرة أخرى فلي أبناء أريد أن أؤمن مستقبلهم.

■ وتشير الأرقام أن أغلبية الطلاب السوريين الذين يستفيدون من فرص البعثات العلمية والإيفاد إلى الخارج لا يعودون إلى بلدهم، بل يبقون في البلد الذي سافروا إليه، ففي عام 1998 بلغ عدد الطلاب الموفدين خارج البلد في جامعة دمشق /332/ طالباً، عاد منهم /18/ طالباً فقط من إيفاد سابق عن عام 1998.
■ صديقنا موفق اسماعيل يقول: «الشباب المهاجر، يقدم على السفر إلى أمريكا والهجرة إليها لأسباب عديدة، وهناك شريحة كبيرة من الشباب والشابات ترى في الهجرة حلاً للمشاكل المادية والاجتماعية، فهناك مليارات الدولارات تضيع سنوياً على المواطن السوري نتيجة للنهب المنظم والتهرب الضريبي لشركات القطاع الخاص، والتهريب ولو كان راتب الموظف السوري أفضل، لما أقدم على السفر إلى بلد عنصري مثل أمريكا،  فالأمريكي مستعد لاضطهادك عرقياً ودينياً وماليا».
■ ولا يضحك العرب المتواجدين في الولايات المتحدة شيء، بقدر ما أضحكهم تصريح نائب مفوض مصلحة الهجرة مايكل بيكرافت الذي أكد على إبقاء إصدار التأشيرات الطلابية على وضعها السابق أثناء تعليقه على مشروع القانون المتعلق بالهجرة حينما قال:
«لاتوجد طريقة أصلح لتعليم الديمقراطية من تمكين الطلاب الأجانب من أن يختبروها بأنفسهم، ومن ثم حمل تلك القيم الهامة معهم حينما يعودون إلى أوطانهم».
فالطلاب العرب قد فهموا الديمقراطية الأمريكية جيداً، وهم بالتأكيد، ليسوا راغبين في نقلها إلى بلدانهم «الديمقراطية» أيضاً..

معلومات إضافية

العدد رقم:
175