ماذا تقول يا صاحبي وجهات نظر

● دون غوص في التفصيلات، ومن غير سعي وراء التنظير والتخمينات، وبعيداً عن جموح الخيال إلى عالم التصورات والتهويمات، ثمة تساؤلات كثيرة وهامة ومشروعة، تجهر بها ألسنة الناس صباح مساء، من أبرزها وفي مقدمتها الأسئلة التالية: أين نحن؟

وما الواقع الذي نعيش في كنفه؟ وما المصير الذي نساق إليه؟ وبخاصة أن ما يحيط بنا يكشف وبشكل صارخ الحقيقة المؤلمة .... حقيقة ما آلت إليه حالتنا من تهميش وتهشيم نتشرنق فيها، بلا حول ولا قوة ولا دور فاعل في التصدي لما يجابهنا داخلياً وخارجياً، فعلى الصعيد الداخلي ينطلق دعاة «الانفتاح» بوحي من البنك وصندوق النقد الدوليين إلى تعميم «قيم» الاقتصاد الحر مزينة بادعاءات مضللة تتستر تحت يافطة «اقتصاد السوق الاجتماعي» الذي أخذ يبتلع دون حسيب أو رقيب كل المكتسبات والإنجازات التي حققتها جماهير الشعب وقواها الوطنية والتقدمية خلال عقود من أعوام نهوضها ونضالها وعطائها.
■ رويدك يا صاحبي... إلى أين أنت ذاهب بكلامك هذا...
● أرجوك لا تقاطعني واسمعني فأنا لم أكمل كلامي بعد!! فهذه هي ساحتنا الداخلية تئن تحت وطأة حيتان ومافيات النهب والفساد والإفساد، والأمثلة أكثر  من أن تعد، وتحت سمع وبصر الجميع، وعلى الصعيد الخارجي تترصدنا أخطار عدو منفلت من عقاله تستهدف بالقوة المسلحة وبمخططات التفتيت، وتأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية والعرقية لإعادة ترتيب المنطقة واستعبادها وفقاً لمشيئة الشيطان الأكبر «المستفرد» بالساحة الدولية شرقاً وغرباً، شمالا ًوجنوباً.
■ ما تقوله يا صاحبي ينم عن قصور في استجلاء الوقائع كما هي، وفي معرفة الحقائق الماثلة أمام عيون الجميع، إن الصورة ليست بهذا السواد الذي رسمتها به، فمازالت الحالة تحت السيطرة وبيد الغيورين على الوطن، ومازال بالإمكان تبديد تلك السحب الداكنة، ودرء تلك العواصف الجامحة، والأمر يتطلب تضافر الجهود، وحشد الإمكانات المتوفرة، ورص الصفوف بإرادة المقاومة، ولن تكون النتيجة إلا في مصلحة الوطن والمواطنين!!
● هذا مجرد كلام لا يعبر عن حقيقة الوقائع ولا يجدي نفعاً لأنه فقاعات في الهواء، فأين هي تلك الإمكانات وقد استنزفها المستنزفون، وأين هي حقاً وفعلاً إرادة المقاومة؟ وأين هي تلك الصفوف التي سترص؟ وهل بقي صف قادر على استنهاض الجهود والهمم وتحفيز العزائم والأيدي التي فت عضدها الركض اللاهث وراء لقمة العيش المغمسة بالشقاء والعناء والدم.
ألست ترى بأم عينك مآسي الواقع، وتحس بمرارة وقساوة العيش؟ ألا تشعر بما يعانيه الناس من يأس وإحباط دفع ويدفع بالجميع ـ إلا ما ندر ـ إلى أتون محرقتين اثنتين، الأولى محرقة النفعية الأنانية المنتهزة لكل «فرصة» ولو على حساب الكرامة والشرف والصدق والاستقامة والعمل المنتج، لتصب في النهاية في مصلحة قوى الشفط والتآمر على الوطن والشعب، والثانية محرقة التقوقع والانغلاق وتسليم قياد الزمام والأمر لأقدارها لتجيير الأجساد والنفوس لخدمة قوى التخلف والتعصب والظلام!!
■ لقد حشرتنا يا صاحبي بين فكي عدوين مفترسين، الإرهاب والشر... وبذلك سددت في وجوهنا كوة الخلاص وبوابة الأمل... وفي هذا إيغال في مجافاة الحقائق، فهلا أفسحت مجالاً لسماع رأي الآخرين وهم الأكثرية، ومعرفة وجهات نظرهم وقناعاتهم في كل ما يجري؟! فماذا تقول يا صاحبي؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
284