عبدي يوسف عابد عبدي يوسف عابد

أحداث من الذاكرة إنجاز كبير.. وحلم تحقق!

حتى عام 1951، لم يكن يوجد في كل منطقة الجزيرة أية ثانوية.. كانت هناك مدرسة التجهيز في مدينة الحسكة، والدراسة فيها كانت لا تتعدى الشهادة الإعدادية، وثانوية السريان الأرثوذكس الخاصة في مدينة القامشلي، التي بالكاد كانت تستوعب أبناء الطائفة.. أي أن طلاب المحافظة كانوا محرومين من متابعة دراساتهم الثانوية، إلا في مدارس الداخل، وهذا محصور طبعاً بمن استطاع مادياً إلى ذلك سبيلاً.

في عام 1951 نجحنا في امتحان الدراسة المتوسطة، وكان عددنا ثمانية عشر طالباً، فركبنا هم متابعة دراستنا الثقيل، أين؟ وكيف؟ وهل باستطاعة الأهل تحمل النفقات؟
توجهنا، الرفيق طلعت دباغ من عامودا، وأنا من الدرباسية، إلى دمشق كممثلين للطلاب الناجحين، وقابلنا السيد وزير المعارف الطيب الذكر رئيف الملقي، وتحدثنا معه مطولاً عن الإهمال الذي تعانيه منطقتنا الخيرة من نواح عديدة، إلى درجة أنها محرومة من مدرسة ثانوية واحدة، جئنا نلتمس تحقيقها..
رحب الوزير بنا وأثنى على مسعانا، وبعد تفكير عميق قال: إن طلبكم حق مشروع لكم، والوزارة سوف تسعى إلى تنفيذه، وأهلاً وسهلاً بكم..
لكننا لم نطمئن كثيراً، وعبرنا عن شكوكنا بالوعود، وعدنا إلى مناقشة الموضوع من جديد بحماس أكثر، فراح الوزير يؤكد لنا من جديد: كفى يا بني.. وعدتكم بأنني سأنفذ طلبكم.
ورغم ذلك عدنا إلى النقاش للمرة الثالثة، ونحن نرجو بإلحاح ألا تلحق هذه الوعود بسابقاتها الخلبية.. عندها نفذ صبر الوزير، ورن الجرس بقوة، فظننا بأنه سيستدعي الشرطة لإخراجنا بالقوة. بعد قليل حضر الحاجب فأمره الوزير:
- بلّغ مدير ثانويات سورية أن يحضر إلى مكتبي حالاً.
انفرجت أساريرنا، وعندما حضر هذا المدير قال له الوزير بحزم وجدية:
- هيئ مدرسين لثانوية الحسكة/ الفرع العلمي..
 أجابه المدير:
- ولكن لا توجد ثانوية في محافظة الحسكة يا صاحب المعالي.
- الآن تأسست.
ثم التفت إلينا:
- هل صدقتم الآن؟ عليكما أن ترجعا إلى الحسكة فوراً، وتسجلا اسميكما في ثانويتها.
شددنا على يديه بقوة شاكرين بامتنان، والفرحة تكاد تطير بنا لنجاحنا في تحقيق هذا الإنجاز الكبير الذي طالما حلمنا به..
حدث هذا عام 1951..
أهدي هذا الإنجاز الذي حققته منظمة الشبيبة الديمقراطية في الجزيرة إلى الذكرى الستين المجيدة لتأسيس اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي..
 وإلى إنجازات لاحقة..

معلومات إضافية

العدد رقم:
405