أوراق خريفية.. الموافقة الأمنية

 تدور حالياً مناقشات على أعلى المستويات لتعديل القانون الأساسي للعاملين في الدولة. 

ولما كانت البطالة تتعلق بهذا الشكل أو ذاك بهذا القانون، فقد لفت انتباهي أن كل المقالات والدراسات والأبحاث التي تناولت هذا القانون لم تتطرّق إلى آلية التوظيف وما تتضمنه من شرط جائر ما زال معمولاً به منذ عشرات السنين ألا وهو:

ضرورة حصول طالب العمل على الموافقة الأمنية كشرط استراتيجي لاستكمال عملية التوظيف . 

 ولا أدري إن كان هذا الشرط العجيب يعود سبب بقائه إلى ضرورة تشغيل عناصر فروع الأمن للبحث والتقصي والتحري عن المواطنين . 

حتى لا تترهل هذه الفروع وتشيخ وتفقد مكانتها الحيوية في شؤوننا الخاصة والعامة. 

وعجبي من حكومةٍ تعطي أمثلة فاضحة على خرقها للدستور الذي ينص في مادته (36/1) على أن العمل حق مقدس، تعمل الدولة على توفيره لكل قادر على العمل .

فلا الحكومة جادّة حتى الآن - رغم صدور البرنامج الوطني لمكافحة البطالة – على توفير فرص العمل والحدّ من أزمة البطالة.

ولا هي تقبل بتشغيل العاطل عن العمل إذا ما توافرت الفرصة، دون الحصول على الموافقة الأمنية. 

تُرى، ما هي جريمة المواطن إذا كانت له وجهة نظر تختلف عن وجهة نظر الحكومة ؟

بل أين الغضاضة إذا كان معارضاً لها ولبرامجها بشكل مطلق .

ويعتنق مبادئ وأفكاراً وعقيدة على النقيض تماماً من توجهات الحكومة ؟ 

نسمع بأن أغلب الدول الديموقراطية تعتني بالمعارضة وتدعمها وتوفر لها كل أسباب البقاء من صحافة وإعلام مقروء ومسموع ومرئي وصولاً إلى الدعم المالي؛

حيث يخصص لها من ميزانية الدولة اعتماد للحفاظ عليها وعلى نشاطها.

لتكون هذه المعارضة الرقيب على أعمال الحكومة.

لأن كشف المستور وتسليط الأضواء على مكامن الخلل، من الأهمية بمكان . بحيث بات من البديهي القول أن أي بلد يفتقر إلى المعارضة الجدّية والحقيقية ، يعدّ بلداً غير قابل للتطور. 

فهل تملك حكومتنا الحبّابة الجرأة بإلغاء شرط الحصول على الموافقة الأمنية، كما سبق وألغينا شرط الحصول على شهادة من المختار تثبت أن طالب التوظيف حسن السلوك ؟ ونعتمد في تقييمنا له على كفاءته ونزاهته في العمل وحرصه على المصلحة العامة.

وتتفرغ الفروع الأمنية لملاحقة كبار الفاسدين والمفسدين وناهبي قوت الشعب.

وكوننا مقبلين على الشتاء يمكننا البدء فوراً بتوجيه الفروع الأمنية لملاحقة مهرّبي المازوت واسطوانات الغاز ومن ييسّر لهم أمورهم من بعض عناصر دوريات المكافحة وبعض رؤسائهم ...

 مو منشان شي، منشان ما نترك حجة أو ذريعة للحكومة لكي ترفع الدعم عن المازوت وتقوم بتحرير سعره وبيعه بالأسعار العالمية .

لأن ذلك سيؤدي إلى زعزعة استقرار السلم الأهلي، وارتفاع جنوني للأسعار، وانخفاض حادّ بمستوى المعيشة، وغلاء فاحش بالمهور، وبالتالي عزوف مدوّ عن الزواج واستبداله بالمساكنة وما أدراك ما المساكنة... 

« بقى مو ناقصْنا يا شباب يرضى عليكم!...»

■ ضيا اسكندر – اللاذقية

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

معلومات إضافية

العدد رقم:
232