أسماك غريبة تغزو أسواقنا..وصيادونا جائعون!!

يبلغ طول الشريط الساحلي السوري إلى قرابة 183 كيلومتراً ولا يوجد في سورية أسطول بحري للصيد لأسباب متعددة أهمها فقر ساحلنا بالثروة السمكية بل نعتمد على الزوارق الصغيرة بطول خمسة أمتار أو أكثر بقليل وهي من مخلفات الماضي حيث ورثها كل صياد عن أبيه وجده، وعدد الصيادين القليل ونقابتهم صغيرة كل هذا لم يساعد على تحسين أوضاعهم في أمور الصيد وتجديد أدوات عملهم وزوارقهم أو تطوير ظروف عملهم عموماً من خلال تصريف منتجاتهم بشكل عادل أو طبابة في مستوصف خاص بهم وغيره من الخدمات الضرورية.

جشع تجار السمك

وحسب الإحصائيات الرسمية فهناك 900 مركب صغير و 30 مركباً كبيراً وعدد العاملين في الصيد البحري هو ثلاثة آلاف عامل حسب مديرية الموانئ باللاذقية وتقدر هذه المديرية دخل العامل بحدود 7000 ل س على الأقل.

لكن الواقع يبدو أسوأ من هذا التقدير حيث يتعطل العديد من المراكب الصغيرة عدداً من الأيام بسبب عدم توفر المازوت، ولأسباب فنية أخرى، ويترك العديد هذه المهنة هرباً من تراكم الديون وجشع تجار السمك الذين يتحكمون بالسوق ويفرضون السعر الذي يرونه بغض النظر عن جودة السمك ويضطر الصياد إلى بيع أفخر الأسماك بأبخس الأثمان لتجار السوق.

وقد قامت مديرية الموانئ في اللاذقية و"لمنع التهريب" بوضع شروط للزوارق الكبيرة حيث حددت المدة القصوى للإبحار الواحد ب 18 ساعة ضمن المياه الإقليمية، ويقول الصيادون إن هذه المدة غير كافية للذهاب والإياب وعمليات الصيد،وغير ذلك من القرارات والتعليمات المتعلقة بعدد الأميال ومدة الإبحار في خصوص المياه الدولية.

ويعترض الصيادون على العديد من هذه التعليمات التي لا تراعي المتطلبات الحقيقية فأهل مكة أدرى بشعابها، فهم أعلم بأوقات التكاثر والتفريخ والبيض لدى السمك لذا لم يعترضوا على فترة المنع الأولى أي من الخامس عشر من آذار وحتى الثلاثين من نيسان بل اعترضوا على فترة المنع الثانية أي من السادس عشر من تموز وحتى الخامس عشر من آب، حيث أن هذا المنع لا مبرر منطقي له.

المهربون الأصليون

ولكنهم وكغيرهم وقعوا ضحية الخوف من بطش ما بعد الاعتراض –كالعادة- فشكونا همومهم بأنهم ليسوا هم المهربين لأن الصياد ليس بيده حيلة، وهم يعلمون بأمر المهربين الأصليين الذين يهربون الدخان والمازوت والسمك بل وحتى المخدرات وهم يجوبون البحر دون رقيب، ولكن وعلى حد قول الصيادين فإن المنع الأخير جاء لتمرير صفقات السمك القادمة من الخليج العربي التي لا أحد يعرف نسب التلوث الإشعاعي الموجودة بها من بقايا حرب الخليج وهي بالطبع رخيصة جداً لأن الهدف تسويقها بأسرع ما يمكن حتى لا يكتشف الأمر وقد أشار أحد الإخوة العراقيين إلى أن بعض أنواع السمك المعروضة ضمنها أنواع لا تؤكل في الخليج العربي نهائياً بمعنى أنها ترمى مجدداً إلى البحر عند صيدها لأسباب كثيرة، لسنا ضد أكل السمك على ألا يكون ملوثاً، و ليس على حساب لقمة عيش صيادينا، وثالثاً ليس من صفقات مشبوهة. 

لتنتفخ جيوب الفاسدين

من المعروف بأن شعبنا محروم من هذا الغذاء الضروري وعالي البروتين منذ سنوات عديدة لكن ليس مبرراً أكل سمك فاسد، لتنتفخ جيوب بعض الفاسدين الذين يتاجرون بأرواحنا لزيادة أرباحهم الخيالية. 

وهم يدركون أن المواطن السوري بدخله المتواضع لا يستطيع الحصول على غرام واحد من السمك سنوياً بهذه الأسعار العجيبة فلجؤوا إلى هذه الطريقة المشبوهة كي يقنعوا المواطن بالإقدام على الشراء، لأنه لم يعد قادراً على شراء كيلو واحد من اللحم الذي وصل إلى 450 ليرة سورية . 

و كالعادة لم تقم الدولة بدورها في تأمين الأسماك المطلوبة للسوق وتبلغ الثروة السمكية نحو 2000طن سنوياً وهو رقم ضئيل معظمه يعود للقطاع الخاص والتعاوني،مما يترك المجال واسعا لاستيراد الأسماك والاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة العربية على حساب صحة المواطن وجيبه.

اسألوا من سمح بإدخالها

في السوق العتيق بدمشق يقول بائع سمك : لدينا سمك متوفر من جميع الأنواع والأسعار والآن يمكن للمواطن الحصول على كيلو سمك بسعر 75 ليرة سورية، وهذه الأسماك من منطقة الخليج العربي حتى أن بعضها من الأردن، لكننا لسنا من طرح هذه الأسماك في السوق، بل الدولة هي التي سمحت بإدخالها، وأسعارها مناسبة لجميع المواطنين وأنا لم اذهب إلى الخليج وشط العرب لجلب هذه الأسماك اسألوا من سمح بإدخالها .

الأنواع "الشعبية"

صاحب محل يقول: بصراحة أنا لست مضطرا لبيع مثل هذه الأسماك داخل محلي (أي المستوردة)، واكتفي بعرض أنواع صيدنا البحري لكنها في الحقيقة غالية، رغم وجود بعض الأنواع ذات السعر المعقول مثل البلميدا الرفيعة والمشط والبوري وهي تسمى الأنواع "الشعبية"وفي أسواقنا الطلب ضعيف عموما والأسباب معروفة ؟

لو ترك لنا التجار الكبار هامشاً بسيطاً من الربح لخفضنا الأسعار قليلاً، فالسمك لا يصل إلينا إلا بعد سحب خيره كما يقولون. 

أكد العديد من أصحاب المحلات في السوق العتيق بأن البسطات تنتشر ليلاً لبيع السمك القادم من منطقة الخليج العربي وهي أسماك غريبة لم نعتد وجودها في أسواقنا .

أبو الشوارب

تقول إحدى السيدات: لم نعد نعرف إذا كانت هذه شائعة أم حقيقة فالناس يتحدثون عن السمك أبو الشوارب وهو نوع لا يؤكل في الخليج وغيره من الأنواع وليس لدي الثقة في شراء أي نوع من السمك إلا بعد التأكد من هذه الشائعات، المشكلة أن الدولة لا تقوم بتكذيب مثل هذه القصص ودائما يطنشون ولمصحة من لا أدري.

علق شخص يحمل الجنسية العراقية على موضوع السمك وقال جميع هذه الأنواع القادمة من منطقة الخليج لا أحد يأكلها سواء في العراق أو الأردن أو منطقة الخليج العربي فهي أنواع رديئة ولا تؤكل لأسباب متعددة.

نبغي الحقيقة

يبقى السؤال إذا كان أهل الخليج لا يأكلون تلك الأسماك ولهم أسبابهم فلماذا يستغلون جهلنا بأنواع الأسماك الغريبة هذه ويبيعونه بأسعار تفرض نفسها على السوق في الوقت الذي نحرم فيه نحن وصيادونا من السمك المحلي ولمصلحة من يجري ذلك، نبغي الحقيقة.

■■

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

معلومات إضافية

العدد رقم:
232