تجار البناء في حمص يستولون على حي الشماس بالقوة والخديعة

يبدو أن كشف شبكة الفساد في مديرية مالية حمص، والتي وصل عدد المدانين فيها إلى /187/ شخصاً، فتح شهية المواطنين في محافظة حمص لمتابعة كل حالة فساد وقعوا فيها قديماً وحديثاً، ولعل الأوراق والوثائق التي قدمها أهالي حي الشماس في مدينة حمص إلى «قاسيون» تكشف نوعاً مهماً من حالات الفساد في العقارات، من خلال عرضهم لطريقة استيلاء التجار على منازل المواطنين الذين يملكون وثائق مختلفة تثبت ملكيتهم لها، بمساعدة وتواطؤ ومحاصصة البعض ممن يعملون في مجلس المحافظة.

حي الشماس يقع ضمن مرسوم الاستملاك رقم /178/ الصادر بتاريخ 1976، وقد أوضح سكان الحي ذلك في جميع مذكراتهم التي أرسلت إلى مكتب رئيس الجمهورية، وإلى رئاسة مجلس الوزراء، ووزير الإدارة المحلية والبيئة، وأعضاء القيادة القطرية ومحافظ حمص، مؤكدين أنهم منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وهم يعانون الأمرين دفاعاً عن بيوتهم ومساكنهم ضد التجار والمسؤولين الفاسدين، متحملين القرارات المتقلبة، المتعاطفة معهم تارة والواقفة ضدهم تارة أخرى.
جاء الفرج في عام 2002 في اجتماع ضم كل من رئيس مجلس الوزراء، وزير الإدارة المحلية، وزير الإسكان والمرافق، ومحافظ حمص ورئيس جامعة البعث، ومدير المؤسسة العامة للإسكان، ومدير الدراسات لدى رئاسة مجلس الوزراء، عندما قرر المجتمعون بتثبيت حي الشماس وإعداد مخطط تنظيمي للوضع الراهن، ومنهاج بناء، مع مراعاة التشدد في منع المحالفات بالساحات الخالية للاستفادة منها لإقامة منشآت خدمية وثقافية وحدائق...
وبناء على محضر ذلك الاجتماع، قام مجلس المدينة بإعداد مخطط تنظيمي للحي، ليبدأ التلاعب، حيث قرر مجلس المدينة وبدون وجه حق الاحتفاظ بجميع الفراغات الواقعة بين المنازل وضمن الشوارع النظامية تماماً، فتعامل الأهالي مع الموضوع بشكل قانوني من خلال تقديم عدة شكاوى إلى رئاسة مجلس الوزراء تبَين فيها أن استملاك هذه المقاسم من مجلس المدينة يعتبر خلافاً لما جاء بقرار تثبيت الحي. وللالتفاف حول الموضوع اقترح مجلس المدينة إعطاء أصحاب هذه المقاسم كل ثلاثة مقسماً، ويتم التنازل عن مقسمين بحجة إعطاء هذه المقاسم إلى المنذرين بالهدم في أحياء أخرى، دون موافقة أصحاب العلاقة، لكن ما حدث هو أن إعطاء هذه المقاسم إلى المنذرين بالهدم لم يحقق الغاية المرجوة بسبب بيع المنذرين لحصصهم إلى التجار بالكامل، وعدد هؤلاء التجار لا يتجاوز ثلاثة، ليكونوا المستفيدين الوحيدين على حساب أكثر من /163/ أسرة..
والسؤال لماذا تصرف المسؤولون في محافظة حمص بهذا الشكل؟ ولماذا تجاوزوا قرار رئاسة مجلس الوزراء وضربوه عرض الحائط؟
وتجب الإشارة هنا إلى أن حي الشماس يسكنه نسيج اجتماعي جميل ومتنوع من معلمين وموظفين وعسكريين ومهندسين وحرفيين ومزارعين، وليس مجموعة من الغجر «مع احترامنا لهم أيضاً» كما تكرم السيد المحافظ بنعت سكان الحي بالغجر.
إن كافة الوثائق التي بحوزتنا تشير إن مجلس الشعب ومجلس الوزراء ووزير الإدارة المحلية والبيئة أوصوا جميعاً بإنصاف الأهالي، ومع ذلك فإن مجلس المدينة لم يفعل شيئاً حتى اللحظة، ولم يتم اتخاذ أي إجراء من قبل مدينة حمص لرفع هذا الظلم وإعادة الأرض لأصحابها، فيما يصر المواطنون على التمسك بمنازلهم لأنها ملك لهم.
يقول أحد المواطنين إن التنازلات التي يتكلم عنها مجلس المدينة تم انتزاعها من المواطنين قسراً، وتحت الضغط، وأنه تم توظيف لجنة الحي للقيام بهذه المهمة باستخدام الخدعة والحيلة وبأساليب مضللة وبالتهديد للمواطنين من أجل تخويفهم بفقد حقهم نهائياً من أرضهم إذا لم يقدموا طلبات التنازل.
أما المواطن ر.أ فقال: إن سبب تصرف مجلس المدينة بهذا الشكل الجائر والظالم هو أطماعهم الشخصية بهذه الأرض كونهم شركاء للتجار ويأخذون الرشاوى الكبيرة منهم لقاء مواقفهم هذه، ومنهم من تحوم حول إشارات استفهام عديدة بتورطه بقضايا أخرى.
إن المطالب التي قدمها الأهالي محقة، وتدخل في إطار الممكن والقانوني، وهم مستعدون لتقديم جميع المعلومات التي تدين وتوضح تواطؤ مجلس المدينة حمص مع السماسرة بنزع ملكياتهم وعدم تعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم، ولا بد من إحقاق الحق ورفع الظلم عنهم، وذلك بتشكيل لجنة محايدة للتحقيق والوقوف على أرض الواقع على ما حصل ويحصل للمواطنين جراء تصرفات المسؤولين في المحافظة.. فهل من حلول جديدة لدى رئاسة مجلس الوزراء أم أن المحافظ سيبقى يقوم بما يحلو له؟       

معلومات إضافية

العدد رقم:
413