رمضان كريم.. و الراتب سقيم!

مع اقتراب شهر رمضان المبارك، شهر الخير والبركة والرحمة والتسامح، تبدأ المتاجرة والمضاربات على جميع المستويات والمظاهر، وطبعاً بالانطواء والاختباء تحت راية «الشهر الكريم». فبدءاً من الفضائيات العربية التي تبدأ تجارتها بالترويج لأتفه وأسخف المسلسلات العربية، وتشتري مقابلها وقت المُشاهد بأبخس القيم، مُسمِّرةً إياه أمام الشاشة على مدى الشهر الكامل، وطيلة ساعات النهار.

ثم يأتي دور تجار من نوع آخر، تجار يمسكون بلقمة العيش، ويتحكمون بأسعار المواد التموينية والاستهلاكية اليومية، فقبل «شهر الرحمة» بشهر تبدأ أسعار المواد الغذائية بالقفز بجنون متسابقة لتسجيل أعلى الارتفاعات، كما حدث في الأيام الأخيرة، فقد ارتفعت أسعار الكثير من المواد الاستهلاكية اليومية، وحتى الموسمية المتوفرة بكثرة في مثل هذه الأيام، وبلغت الارتفاعات بالأسعار حتى 60 %، وبعضها وصل إلى 100 %، ومازال الحبل على الجرار. كالبندورة والخيار والبطاطا وكثير غيرها.
يرفع التجار الأسعار بلا «رحمة»، ويقطعون «الخير والبركة» من حياتنا، وقد يتذمر أحدنا قائلاً للتاجر: «الله لا يسامحك».
وقد نشارك نحن كمستهلكين في تشجيع ظاهرة ارتفاع الأسعار وتنميتها، فالسوق يحكمها قانون العرض والطلب، والكثير منا يسارع إلى تخزين كميات كبيرة من المواد قبل وصول «شهر الصوم»، تحت اسم «مؤونة رمضان»، وحتى خلال شهر الصوم يسعى الكثيرون تحت ضغط الغيرة والتباهي والتفاخر إلى تنويع مائدة الإفطار بأربعة أو خمسة أنواع من المأكولات الفاخرة، ويزداد طلب الأسرة من المواد الغذائية إلى أربعة أو خمسة أضعاف، وكلما زاد الطلب رفع التجار السعر.
لماذا لا يقتدي الصائم بأهل العبرة ممن سبقوه؟ لماذا لا يفطر على نوع واحد من الطعام، يكون أشهى وأكثر بركة؟! ومم يشكو صحن (المجدَّرة) مع كوب من اللبن، أو صحن من السلطة الشهية؟. وما هو عيب الأكلة الشعبية (الرز والفاصولياء) التي كثيراً ما جمعت الأسرة والأقارب بشغف وسرور؟! لماذا لا نحجم عن شراء الكميات الكبيرة والأنواع المتعددة دفعة واحدة؟! لماذا لا نقاطع المواد التي يرتفع سعرها بشكل بعيد عن المنطق، حتى تبقى عند تاجرها وتكسد، أو يضطر إلى بيعها بسعر مخفض أو حتى بخسارة؟ وهذا ما يجب أن يرتد به عليه طمعه وجشعه... ليس عليه أن يجني سوى الندم والخسارة، وليذوقوا طعم ما كانوا يكنزون..

معلومات إضافية

العدد رقم:
416