عندما تدار الشركات بعقلية الباب العالي

استكمالاً للمقالات المتعددة التي وردت في صحيفة قاسيون حول الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية فإن بعضاً مما ورد فيها يحتاج إلى تفصيل أكثر دقة مع بعض التوضيحات الجديدة.

فمن المعروف أن المدير العام الحالي للشركة بدأ تسلقه في المناصب الوظيفية بعد أن تم استبعاده من موقع مدير مجموعة مشاريع إشراف جامعة البعث بحمص لأسباب تمس النزاهة كما ذكر سابقاً

 في العدد /208/ من صحيفة «قاسيــون» تاريخ 30/10/2003 بمــقال تحت عنــــوان: «ضرورات الإصلاح الإداري، الصلاحيات الواسعة بيد فراعنة المؤسسة»، وبمعرفة رئيس جامعة البعث السابق وكذلك المدير العام السابق لشركة الدراسات وكان التسلق بشكل صاروخي متدرجاً من معاون مدير فرع إلى مدير فرع فمدير عام، وترافق هذا التسلق مع صدور قرار السماح لوحدات العمل المهني في الجامعات بالعمل في الدراسات والإشراف والتدقيق للمشاريع الهندسية على أن لا يتم الجمع بين هذه الأعمال في المشروع الواحد.

لعب المدير العام دوراً بارزاً في سحب الأعمال من الشركة لصالح شركائه في وحدات العمل المهني منذ أن كان مديراً لفرع المنطقة الوسطى بحمص مما كرس شبكة أخطبوطية لاحقاً حرفت العمل إلى اتجاهات وتداخلات وتشابكات بين عمل الشركة ووحدات العمل المهني وتجلى ذلك من خلال الفرمانات والتغييرات التالية:

1. تم تخصيص الشركــة بمكتب فـــي كلية الهندسة المعمارية بجامعة البعث الغاية منه دراسة مشاريع جامعة البعث، أما الهدف الحقيقي للمكتب فهو تسهيل إعطاء الوحدات المهنية (عقود مقاولة) مشاريع الدراسة المكلفة بها الشركة، حيث أنجزت هذه الوحدات الدراسة الأولية لبعض المشاريع (الفكرة المعمارية الأولية) وقامت هي نفسها بقبولها ثم قامت الشركة والعاملون فيها بتحويل الدراسة الأولية إلى مخططات تنفيذية تفصيلية (ولاحقاً ستقوم نفس الوحدات المهنية بتدقيق الدراسة من قبل جامعة البعث، الجهة صاحبة المشروع مقابل أتعاب تدفعها الجامعة) وبالنتيجة تحولت شركة الدراسات إلى وسيط بين شبكة من الأصدقاء مهمتهم التوقيع المتبادل على قبول هذه الأعمال والخاسر الأكبر هو جامعة البعث وسوية المشاريع من الناحية الفنية الهندسية علماً أن كلفة الفكرة المعمارية تشــكل بحدود 10% من القيمة الإجمالية للدراسة والمتضمنة المخططات التنفيذية للاختصاصات التالية (معماري ـ إنشائي ـ صحية ـ كهرباء ـ  ميكانيك ـ أتمتة...).

2. بعض عناصر وحدات العمل المهني المتعاونين مع المدير العام الحالي لشركة الدراسات تم تعيينهم في مناصب إدارية لدى الشركة أو تم التعاقد معهم بعقود خبرة جزئية مقابل أجر شهري تمت زيادته ثلاث مرات حتى وصل إلى سقف الفئة الأولى (علماً بأنهم لا يلتزمون بالعقود وبالدوام ولا يقدمون أي عمل يذكر للشركة) والبعض الآخر تم إعطاؤه عقود مقاولة، وهذا ما يظهره البيان المقدم من وحدة العمران الهندسية إلى إحدى الشركات الخاصة حيث ورد فيه: بأنها تتعاون مع عدد كبير من الخبراء المهندسين الاختصاصيين من خارج الجامعة ومعظم الأسماء الواردة في البيان حالياً أصبحت في المواقع التالية:

■  د.م عبد الحميد كيخيا مديرا ًعاماً للشركة.

■  د.م بسام منصور مديراً لفرع  المنطقة الوسطى.

■  د.م نافذ بشور مديراً لمشروع  جامعة البعث (دراسة وإشراف) وهو رئيس وحدة العمران.

■ د.م محمد علي عقيل عقد مقاولة كلية الغزل والنسيج (وحدات الدراسة الشرقية) وهو وكيل كلية العمارة ويقوم بتدقيق معظم الدراسات التي تقوم بها الشركة في فرع المنطقة الوسطى (مثلاً منشآت الاتحاد الرياضي).

■ م. سالم محيسن معاوناً لمدير فرع المنطقة الوسطى.

3. قصور الدراسات المقدمة من مكتب دراسات البعث المحدث في فرع المنطقة الوسطى فمثلاً يتم حالياً إعادة دراسة مشروع مزرعة كلية الطب البيطري في حماة للمرة الثالثة من قبل القسم الإنشائي في فرع المنطقة الوسطى. بعد أن تم تأهيل الدراسة من قبل المكتب المذكور وتبين قصورها وعدم دقتها أثناء التنفيذ مما أدى إلى توقف العمل لحين انتهاء القسم الإنشائي من إنجاز الدراسة، كما نشير  إلى أن بقية الاختصاصات يتم إعادة دراستها مثل: أعمال الطرق، وهذا سيترتب عليه زيادة في الكميات وأعباء مالية أضافية يتحملها الجهة صاحبة المشروع.!! لمصلحة من ؟!

4. كيف يفهم أن بعض الدراسات التي أنجزت في فرع المنطقة الوسطى وأشرف عليها د.م نافذ بشور كونه يعمل لدى الشركة بعقد خبرة جزئي ويقوم بتدقيقها بموجب عقد تدقيق بصفته رئيساً لوحدة العمران الهندسية جامعة البعث، على سبيل المثال لا الحصر: مشروع مالية تدمر ـ مشروع مصرف التسليف الشعبي قسم الدخل المحدود حمص.

5. تراجع سوية أعمال الشركـــة فـــي الدراسات والإشراف والتنفيذ ومعظم الجهات تشتكي من ذلك، مما حدا بجامعة البعث إلى البدء بسحب بعض مشاريع الإشراف من الشركة مثل مشروع مزرعة كلية الزراعة، كما ننوه إلى المشاكل الحاصلة بمشروع فرع الحزب بحماة مما دعا دخول الرقابة والتفتيش لتقصي حقيقة الأمر ومازال التحقيق جارياً.

6. إن التصريحات الصحفية للمديـــر العام والأرقام المالية المذكورة من قبله ونسبة الريعية العالية 136% لعام 2003 تتناقض تماماً مع الواقع وهي أرقام دعائية وغير دقيقة (التقييم يتم وللأسف من خلال الأرقام..) لأن أسس حساب التكلفة والإنتاجية غير دقيق والدليل إغفال التقرير المالي لعام 2003 لـكتلة الــديـــون المترتبة على الشركة والتي في تزايد مستمر إذ لا يعقل تزايد الديون في شركة رابحة بنسبة أكبر من  30%.

 

فإلى متى ستسود عقلية الإدارات البيروقراطية ونمط تقاسم الحصص فيما بينها محولة الشركات إلى شراكة من نوع خاص، والملفت للانتباه أن الشركات الخاسرة يتم الحديث عن أسباب خسارتها ويشار إلى ضرورة شمولها بالإصلاح الاقتصادي والإداري...إلخ أما الشركات التي تعتبر قسراً رابحة ـ رغم الديون ـ المترتبة عليها والبالغة مئات الملايين من الليرات السورية فلا أحد يهتم بضرورة الإصلاح فيها خاصة الإصلاح الإداري وإعادة النظر بدور الإدارة والمدير العام مما يعكس صحة مقولة أن مشكلة القطاع العام ومنه الشركات الإنشائية ليست في ملكية الدولة له بل في توزيع هذه الملكية والتي تريد الإدارات الحصة الأكبر لها ولأعوانها وللذين يؤمنون مظلة الحماية لهم.