المحروقات.. نموذج القطاع الهدف
تمثل المحروقات وقطاع النفط والطاقة عموماً أحد أهم الموارد السورية، وبالتالي وللأسف أحد أهم موارد الفاسدين الكبار. إلا أن المحروقات التي تستهلك بنسب كبيرة في سورية وينحصر توزيعها بجهاز الدولة على كل القطاعات، تعطي جهاز الدولة موقعاً استراتيجياً في البنية الاقتصادية إجمالاً وتحديداً مع توزيعه مدعوماً
فالدولة بهذه الحالة قادرة على التحكم بمحدد أساسي في المستوى العام للأسعار وبالتالي في الدخل الحقيقي وبمستوى الأرباح.
لذلك فإن المحروقات ستكون هدفاً للخصخصة سياسياً لأن هذا الدور المركزي وقدرة التحكم التي يتيحها توزيع «الطاقة» بسعر مدعوم أو متحكم به من جهاز الدولة، هو مفهوم خارج عن الليبرالية، ولم تستطع سنوات الألفية أن تنتزع من الدولة هذا الدور الهام..
المحروقات والفساد
لم تستطع أجندة الليبرالية قبل الأزمة أن تصل لقطاع المحروقات، ويعود هذا إلى جملة أسباب. والامتناع يعود لجملة من الأسباب إلا أن عاملاً هاماً منها يعود إلى هيمنة قوى الفساد على جزء هام من هذا التوزيع وتحقيق أرباح مضاعفة من الدعم السابق، وهو ما أتاحه لهم ليس آلية الدعم فقط، وإنما ضعف جهاز الدولة عموماً وتغولهم فيه.
لتقدير حجم هذا القطاع وحجم الأرباح المتاحة في حال احتكار التوزيع من قبل قلة، كما ستتيح الخصخصة بكل تأكيد، نستعرض كميات الاستهلاك وتقدير نسبة بسيطة للربح السنوي.
تتغير الصورة اليوم، ففاسدو الداخل لا يستطيعون ضمان بقاء هيمنتهم وتغولهم في جهاز الدولة بالمستوى ذاته وتحديداً مع قدوم «منافسي الفساد من وراء البحار».. لذلك عليهم أن يسرعوا بضمانها خارج جهاز الدولة وأن يستبقوا الخصخصة.. بما يتفق مع الليبرالية ويعطي ضمانات لفساد الطرف الآخر ولأصحاب المشروع الليبرالي العالمي من منظمات دولية وما وراءها من قوى اقتصادية عالمية تضع جهاز الدولة ودوره الاقتصادي هدفاً للتهميش وصولاً للتدمير..
يضيف هذا الاستباق سبباً جديداً لمواجهة رفع الدعم المتجه نحو خصخصة توزيع المحروقات لمنع نجاح خطوة الفساد المحلي الاستباقية الهادفة لاحتكار التوزيع لاحقاً..