عاصفة هوجاء أطاحت بأحلام الفقراء في الساحل؟!

لاشك بأن العام 2012 سيدخل التاريخ عند السوريين وخاصة في الساحل فالوطن يشهد أصعب أزمة في تاريخه المعاصر لدرجة أن الوطن مهدد بكيانه ووحدته ويضحي السوريون بالغالي والنفيس وبالدماء الطاهرة لكي تنقذ هذا الوطن الغالي وأما الطبيعة القاسية فأبت هذا العام إلا أن تعقد الأمور وتزيد الطين بلة على الفلاحين فكما فرحنا كثيراً لسقوط المطر الغزير وامتلاء السدود وتفجر النيابيع، حزنا كثيراً على المآسي التي ألمت بالمزارعين جراء الصقيع والعواصف الشديدة والتنين الذي ضرب أكثر من مرة وفي أكثر من منطقة ليخلف وراءه الخسائر الكبرى..

وسيبقى يوم 14 آذار يوماً للذكرى، وهو يوم الصقيع الذي ضرب الساحل السوري ليقضي على آلاف البيوت البلاستيكية والخضراوات المكشوفة والبطاطا بشكل خاص فهذه السنة كبيسة فعلاً على الوطن السوري في كل المجالات أزمة سياسية أزمة اقتصادية أمنية اجتماعية وكارثة زراعية وتذكرني مآسي المزراعين هذا العام بقول الرفيق حمد الله من عامودا عندما قال «لقد تحالفت الحكومة والطبيعة للقضاء على آمالنا». وكما كان يقول لي جدي رحمه الله يا بني: أشرف مهنة هي الزراعة وأشرف لقمة هي لقمة الفلاح لأنه يطعم الجميع ولأن الجميع يعتمدون عليه وأما الفلاح فلا يعتمد إلا على نفسه... أما المزارع نديم المصري من قرية العنابية فيقول لقاسيون عمري تجاوز الثمانين عاماً ولم أشاهد صقيعاً أو تنيناً قوياً يفتك بالأرزاق منذ طفولتي أي أكثر من سبعين عاماً لم يحدث صقيع شامل ومدمر في آذار لأن الصقيع كان يحدث دائماً في شباط أو في كانون أما هي السنة فهي كبيسة فعلاً على الفلاح ومالنا غير الصبر والمزارع عادل عوض من قرية الريحانية سهل عكار يقول هذا العام كانت مأساة بالفعل فالصقيع الذي حدث في 14 آذار كان كارثة حقيقية على سهل عكار وقضى على جميع الزراعات المكشوفة وخاصة البطاطا والخسائر ليست بالملايين كما يعتقد البعض بل مئات الملايين وأين الحكومة منا؟ وأين الجهات المسؤولة؟ وأين التعويض فنحن لا نسمع إلا الكلام الذي لا يغني عن جوع؟ وأما المزراع ثائر معنا من قرية يحمور فيقول إن التنين والعواصف الشديدة ضربت يحمور ثلاث مرات هذا العام ودمرت مئات البيوت البلاستيكية فأنا وإخوتي ضرب التنين بيوتنا كلها والخسائر تجاوزت المليون ولقد جاءت لجنة حكومية لمعاينة الأضرار ونشرت وسائل الأعلام شكوانا ونحن وعدنا من السيد وزير الزراعة بالتعويض من خلال صندوق التعويض الزراعي عن الكوارث المحدث حدثياً ولكن المصيبة والمشكلة عندنا هي بالروتين وعدم التنفيذ ونحن ننتظر الفرج؟.. وأما المواطن محمد زعيبي من قرية الزرقان فيقول: لقد شاهدت التنين يقتلع البيوت البلاستيكية والأشجار بشكل مخيف وكأنك في فيلم رعب أمريكي وكان مصيبة ماتت بقرتان لأخي كان يعتاش منهما. ونحن نسأل لماذا لا يحدث تأمين زراعي عن الزراعة المحمية والحيوانات وإلى متى سيبقى الفلاح دون أي حماية يعيش تحت رحمة القضاء والقدر؟!...
وأنا كاتب السطور شاهدت بأم عيني على سطح منزلي قدوم التنين القادم من جهة البحر يدمر كل شيء أمامه بعاصفة هوجاء أطاحت بأحلام الفقراء.. وشاهدت الأسى والحزن يعم الجميع على التعب والجهد والمال الذي استدانه الفلاحون الفقراء لتأمين موسم ينتظرونه منذ شهور فمتى تصحو حكومتنا وتكون حاضرة لمساعدة هؤلاء البؤساء؟!...