لجنة الإشراف على مقام السيدة زينب.. تتاجر وتسمسر شفط الأراضي تحت اسم الاستملاك تفصيل الغطاء القانوني للإستملاك بحجم الرشاوى وشراء الذمم

استفاد القائمون على إدارة شؤون مقام السيدة زينب من قرار وزارة الأوقاف رقم  1162/ لعام 1964 والمتضمن تعيينهم أعضاء للجنة المشرفة على مقام السيدة زينب التي ما زالت لغاية اليوم وبشكل متوارث ضمن العائلة، علماً أن قانون ذرية الوقف ملغى لدى وزارة الأوقاف، وحدد القرار صلاحيات اللجنة بجمع التبرعات وتوسيع بناء المقام..

وانطلاقا من ذلك ونتيجة لتزايد عدد الزوار عن المليون زائر سنوياً، استطاعت لجنة الإشراف استصدار المرسوم رقم /995/ لعام 1979 والقاضي بموجب قانون الإستملاك رقم عشرين لعام 1974 بإستملاك /41/ عقاراً أربعة وعشرين منها بشكل كامل وسبعة عشر عقاراً جزئياً من المنطقة العقارية قبر الست من أجل توسيع مقام السيدة زينب وتامين المرافق الضرورية له وفقاً للمصور الإستملاكي رقم /12/ .

لجنة بالتوارث!!

وجاء هذا المرسوم بناء على موافقة وزارة الأوقاف ورئاسة مجلس الوزراء حيث حددت الأسباب الموجبة للإستملاك بدل الإستملاك بعشرة ملايين ليرة سورية، علماً  إن العقارات المستملكة تمثل نصف أراضي البلدة القديمة آنذاك، والقيمة الفعلية لهذه العقارات في تلك الفترة تزيد عن مئات الملايين بالإضافة إلىإن حجم العقارات المستملكة تزيد عن حاجة المقام في التوسع.

عادوا بخفي حنيين

بتاريخ 19/8/1992 تقدمت الرابطة الفلاحية في داريا بكتاب رقم /225/ إلى إتحاد فلاحي دمشق والمتضمن صدور المرسوم 955 والقاضي بإستملاك /48/ محضراً من الأراضي الزراعية والخصبة والمشجرة في السيدة زينب لتوسيع المقام وبما أن المقام وإمكانيات توسعه مستقبلاً قد تم لحظهُ واستدراكه والمرسوم أضر بالنشاط الذي يمكن التوسع به، فمن الواجب وقف الإستملاك للعقارات المذكورة حيث أن المقام لا حاجة به للتوسع، وذلك واضح من عدم تنفيذه للإستملاك حتى تاريخه، وبدوره قام اتحاد فلاحي دمشق بإحالة الكتاب إلى القيادة القطرية مكتب الفلاحين القطري تحت رقم /2146/ ص لعام 1992 حيث أكد مكتب الفلاحين القطري في كتابه الموجه إلى رئيس مجلس الوزراء رقم /170/ ص لعام 1993 على ضرورة إلغاء المرسوم الخاص بالإستملاك  كونه لم يتم تنفيذه ولعدم أخذ رأي اتحاد فلاحي المحافظة عملاً بالمرسوم /20/ لعام 1983 وبدوره أحال نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الخدمات كتاب مكتب الفلاحين القطري إلى وزارة الأوقاف والتي ردت أن إستملاك بعض العقارات في منطقة السيدة زينب حصل بموجب المرسوم /995/ من أجل توسيع المقام، وفق المخطط الاستملاكي رقم /12/ وكون هذه العقارات تشغل من قبل النازحين الذي يتعارض وأحكام المادة /65/  من المرسوم  التشريعي رقم /204/ لعام 1961 التي نصت على عدم جواز إشغال العقارات الوقفية إلا عن طريق المزايدة العلنية.. وبالرغم من أن هذا الإشغال لا يزال بلا مقابل فقد عمدت الوزارة، وتقديراً منها لوضع النازحين المادي والاجتماعي، إلى تشكيل لجنة بدائية لتقدير الأبنية التي أقاموها على هذه العقارات تمهيداً لدفع قيمتها وتوصلت إلى مبلغ حده الأدنى /350/ ل. س للمتر المربع عن الأبنية الخشبية المؤقتة و/700/ ل.س عن الأبنية البيتونية بناءً على الاعتراضات المقدمة من قبل أصحاب العلاقة حيث جاء هذا التقرير عملاً بالنصوص القانونية النافذة وقد قامت الوزارة باقتراح تشكيل لجنة تحكيمية للاعتراضات ومما يتضح  بأنه من المتعذر طي مرسوم الإستملاك والوزارة قامت بتأمين ما هو مطلوب منها لتأمين أموالها والحرص عليها بما يتفق مع القوانين وليست بصدد الإضرار بأحد.

وقام نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الخدمات بتوجيه رد وزارة الأوقاف عبر كتابها رقم /474/4/9/ تاريخ 23/2/1993 والمحال إلى مكتب الفلاحين القطري عبر الكتاب  رقم / 39ظ/1/31 (5/م) والذي جاء فيه حول طلب إعادة النظر بمرسوم الإستملاك فإن العقارات الوقفية المستملكة مشغلة بغير وجه قانوني من الإخوة النازحين واللجنة التحكمية ستقوم بالبت بالاعتراضات.

وراء عباءة الوزارة

عند مراجعة وزارة الأوقاف بموضوع مقام السيدة زينب، تجيب بأنه ليس للوزارة علاقة بالمقام. وعند مراجعة  المقام للاستفسار عن أي موضوع يتعلق به، تكون الإجابة: راجعوا الوزارة.. وفي الحقيقة لا علاقة للوزارة بالمقام سوى أن الإستملاك صدر باسمها، والرد الذي تقدمه الوزارة للجهات الرسمية بما يخص المقام يكون بما يمليه عليها المقام.. ويمكن ملاحظة ذلك  من خلال ردها على كتاب مكتب الفلاحين القطري عبر رئاسة مجلس الوزراء  حول مسألة عدم إمكانية طي مرسوم الإستملاك تحت ذريعة: إشغال النازحين للعقارات والإستملاك صدر للمنفعة العامة.. وهذا الكلام غير صحيح لأن النازحين جاؤوا عام 1967 أي قبل الإستملاك وهم يشغلون جزءاً بسيطاً من العقارات،أما إذا كانت تقصد اللاجئين اللبنانيين، فجاؤوا

  عام 1982 وشغلوا جزءاً من العقارات بالاتفاق بين المقام ووزارة الشؤون الاجتماعية  والعمل ومنظمة التحرير الفلسطينية وتم ترحليهم عام 2000 عقب تحرير الجنوب اللبناني حيث قامت عناصر شرطة حفظ النظام وبلدية السيدة زينب بهدم منازلهم واقتيادهم  إلى مقر قيادة شرطة ريف دمشق حيث تم تبصيمهم على أوراق لم يقرؤوا مضمونها، وتم تسليم بعضهم مبلغ /5000/ ل.س كتعويض.

أما بالنسبة للمنفعة العامة فأين هي؟؟!! إذا كانت معظم هذه العقارات قد تحولت إلى أبنية ومحلات تجارية ومطاعم وبموافقة لجنة المقام ضمن إطار تقاسم الحصص، مما يعني أن صفة النفع العام التي تذرعت بها الوزارة سقطت من مضمون الاستملاك.

من عباءة الوزارة إلى عباءة البلدية

ولإضفاء صفة المرافق أقامت  لجنة الإشراف سوقاً تجارياً على العقار /239/ بلجنة عمل شعبي وإشادة حديقة على نفقة البلدية ما زالت مغلقة لليوم  ومرآب للسيارات على العقارات التي كان يشغلها اللاجئون اللبنانيون وأيضاً على نـفقة  البلدية ومكتب وزارة السياحة والإرشاد السياحي وما لبثت أن أغلقته وأجرته مع المطعم الذي يقع خلفه ومقبرة خاصة بالمسلمين الشيعة سعر القبر فيها يصل إلى/50000/ ل.س...

 وفي عام 2002 أعلنت وزارة الأوقاف عبر الصحافة الرسمية عن دعوتها لعموم المالكين إلىمراجعتها اعتباراً من /10/12/2002/ لصرف بدل الإستملاك المستحق لأصحاب العقارات مع د فع بدل التأخير..  لتمهد بذلك لجولة جديدة للمقام لسحب العقارات من البلدية التي أشادت عليها المشاريع من المال العام عبر تعاقدها مع المستثمر الكويتي عبد اللطيف الصراف لإقامة مشاريع بقيمة /25/مليون دولار أمريكي، وعبر هذا المشروع الذي لم ينفذ، وعلى ما يبدو لن ُينفذ.

المحافظة في الميدان

استطاعت لجنة المقام من أن تضع مخططاً تنظيمياً جديداً للمنطقة حيث أصبحت جميع العقارات ضمن المخطط التنظيمي وبموجبه استعادت السوق التجاري والكراج والحديقة لأن المشاريع ستقام عليها وفي 30 /10 /2003 أقام المقام جداراً فاصلاً ومنع الباعة من مزاولة عملهم بالرغم من وجود بضائعهم بناءِ على الإنذار الذي وجهته بلدية السيدة زينب للمستأجرين على العقار /239/ الذي يعملون فيه من عام 1988 والمتذرع بكتب وزير الإسكان والمرافق رقم /2200/36/3 وقرار المكتب التنفيذي للمحافظة رقم /6785/  تاريخ 7/6 / 2003 وتأكيد المقام رقم /207/ تاريخ 25/10/2003 كما قام المقام بأخذ الكراج عبر قرار المجلس البلدي رقم /6/ تاريخ 7 / 2 / 2002 والمتضمن تنازل البلدية عن عائدات الكراج مقابل تنازل المقام عن عائدات الأكشاك والمصدق بقرار المكتب التنفيذي رقم /644/  لعام 2002 والقاضي بتوزيع إيجار الأكشاك على العقار /239/ مناصفة بين مالك العقار الأساسي والبلدية كون المقام منح المالك الأساسي حق استثمار العقار وفي تاريخ 7/ 6/2003 صدر قرار المكتب التنفيذي رقم /6785/ والقاضي بمناصفة أجار الأكشاك بين المقام والبلدية على العقارات /238-/247/ -/236- /237-/638/. مما يجعل صفة النفع العام للاستملاك قد أسقطت. 

القانون والإستملاك

1- إن الإسـتملاك الذي يقوم على تجــريــد المالكين من أملاكهم الخاصة لم يشرع أصلاً إلا للنفع العام ولغايات تنظيمية بحتة فإذا ما استعمل لغير الغاية المحددة كان هدفاً للإلغاء خاصة إذا َثبتً أنه صدر لمنفعة جهة خاصة فإنه يعتبر معدوماً ولا يعتبر المقام جهة عامة.

2- إن توثيق عقود استثمار للعقارات المستملكة يعزز فكرة الربح لدى الجهة المستملكة مما ينفي صفة النفع العام.

3 ــ حدد المرســـوم /995/قصد الإســـتملاك توسيع المقام وتأمين مرافق له ولجنة الإشراف عدلت عن هذا القصد.

4 ــ إن القضاء الإداري أقر على أن لصاحــب الأرض حق استرجاع أرضه خاصة إن لم يقبض أي مبالغ ثمناً للإستملاك.

5 ــ إن مثل هذه الـقضــــية من الـمـــفروض أن تفصل فيها الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والجهاز المركزي للرقابة المالية.

كلمة أخيرة

إن الزائر لمنطقة السيدة زينب يشعر وكأنه في «قندهار».. فالشوارع محفّرة والكهرباء مقطوعة وأشرطة الهاتف كشباك العنكبوت وشوارعها تمتلئ بالمتسولين هذا من جانب ومن جانب آخر تأتي أهمية طي موضوع الاستملاك وخاصة بعد مرور خمسة وعشرين عاماً عليه والحل الأمثل يكمن في إعطاء تعويضات تتناسب مع قيمة العقارات الفعلية  التي تزيد قيمتها اليوم عن مليارات الليرات بالإضافة إلى ضرورة  تفعيل دور وزارة الأوقاف عبر إلغائها القرار /1162/ لعام 1964 وتشكيل لجنة إشراف جديدة يشارك فيها أهل البلدة وأن تخضع خزانة المقام للمساء لة القانونية من قبل الجهات المختصة.

 

■ محمود طه الدرعوزي