دمج نقابة المهندسين بنقابة العاطلين عن العمل!

ننشر فيما يلي مقاطع من كلمة روفائيل جورج خماسميه في اجتماع هيئة فرع نقابة المهندسين في حمص الذي عقد يوم «25 كانون الثاني 2004».

ينعقد مؤتمر هيئتكم الكريمة هذا العام ومهنة الهندسة على مستوى الوطن تمر بمحنة تكاد أن تجتث العمل النقابي الهندسي من جذوره ولكي لا يكون كلاماً في الهواء لا بد من الوقائع:

ففي يوم الخميس الماضي تنشر وسائل الإعلام المرسوم التالي:

أصدر السيد الرئيس بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 6 للعام 2004 القاضي بإنهاء التزام الدولة بتعيين الخريجين من المهندسين بجميع الاختصاصات والجواز لرئيس مجلس الوزراء تعيين هؤلاء الخريجين وفق الحاجات التي يعلن عنها وبالشروط التي يحددها لهذه الغاية.

وفيما يلي نص المرسوم: 

الجمهورية العربية السورية المرسوم التشريعي رقم /6/ رئيس الجمهورية بناء على أحكام الدستور  يرسم ما يلي: 

المادة /1/: ينهى العمل بأحكام المادة الثانية من القانون رقم 49 لعام 1974 وأحكام المرسوم التشريعي رقم 6 لعام 1975 وأحكام المادة الاولى من المرسوم التشريعي رقم /1/ لعام 1996.

 المادة /2/: يجوز لرئيس مجلس الوزراء تعيين الخريجين من المهندسين بجميع الاختصاصات من كليات الهندسة في الجامعات والمعاهد العليا السورية أو ما يعادلها لدى الجهات العامة وفق الحاجات التي يعلن عنها وبالشروط التي يحددها لهذه الغاية. 

 المادة /3/: تضاف الوظائف اللازمة للتعيين بموجب أحكام هذا المرسوم التشريعي حكما إلى ملاك أي من الجهات العامة طالبة التعيين.

 المادة /4/: تلغى الأحكام المخالفة لهذا المرسوم التشريعي.

 المادة /5/: ينشر هذا المرسوم التشريعي في الجريدة الرسمية.

 دمشق في 29/11/1424هـ الموافق لـ21/1/2004م.                

رئيس الجمهورية

أمام ما قرأت قفزت إلى ذاكرتي الآنية، صورة ابنة إحدى معارفي تلك الطفلة اليتيمة التي تخرجت هذا العام من إحدى كليات الهندسة وآمالها وأحلامها بالفرز والوظيفة والراتب تعين به أمها المكافحة التي تعمل لتربية أيتامها في تنظيف بيوت أثرياء المرحلة (لفاية) والتي طالما نظفت منزلين يومياً وفي المساء تعود إلى منزلها حاملة عشاء أطفالها اليتامى.

سلامي لك واحترامي أيتها الأم البطلة.

بعد إن قرأت نص المرسوم بدأت تتوارد في مخيلتي عشرات الأسئلة:

ترى هل لم تٌستشر نقابة المهندسين قبل صدور المرسوم وماذا كان رأيها؟؟؟

أي موقف كان لمكتب التعليم العالي في القيادة القطرية، الذي طالما حدثنا عن ربط التعليم العالي بخطط التنمية؟؟؟

عن أية خطط تنمية والبطالة المقنعة تأكل جسد المؤسسات؟؟؟

هل الحل أن نرمي مئات المهندسين في سوق العمل، وتتعهد الدولة منذ ما يقارب من ثلاثين عاماً باستيعابهم في مؤسساتها والقطاع العام. وفجأة ودون سابق إنذار نقول لهم عذراً لسنا مجبرين على استيعاب أحد؟؟؟

أية مأساة إنسانية يعيشها هؤلاء الشباب بعد أن عانوا وأهلهم ما عانوه للوصول إلى لحظة التخرج؟؟؟

إن قانونا صدر منذ ثلاثين عاماً لابد من منح فترة سماح أو إنذار لإبطال كلٍ أو بعض من مفاعيله.

إن هؤلاء الجامعيين اختطوا مسار حياتهم منذ دخولهم الجامعة على أساس استيعابهم في مؤسسات الدولة والقطاع العام.

وفجأةً يجدون أنفسهم ينضمون إلى جيش العاطلين عن العمل؟؟؟

إن مرسوماً كهذا كان لابد أن يصدر إما قبل خمس سنوات أي مدة الدراسة الجامعية للدفعة المتخرجة حالياً، أو أن تسري مفاعيله بعد خمس سنوات من تاريخ صدوره، وبذلك يكون كل منتسب أو خريج كلية هندسة يعلم مسبقاً بعدم إلزامية استيعابه في الدولة ومؤسساتها والقطاع العام.

لقد أجازت المادة الثانية من المرسوم للسيد رئيس مجلس الوزراء تعيين الخريجين من المهندسين بجميع الاختصاصات من كليات الهندسة في الجامعات والمعاهد العليا السورية أو ما يعادلها لدى الجهات العامة وفق الحاجات التي يعلن عنها وبالشروط التي يحددها لهذه الغاية.

وهكذا نرى أن المرسوم حصر التعيين برئاسة مجلس الوزراء دون أية ضوابط على سبيل المثال وليس الحصر مسابقة أو أولوية علامات في معدل التخرج مثلاً، وهذا قد يفتح أبواب التوظيف على مصراعيها للمحظوظين وأصحاب الحظوة والأقارب والأنسباء، ويترك ما تبقى من الخريجين في مهب الريح.

وعلى صعيد المكاتب الهندسية، يتعرض عملنا إلى هجمة شرسة حيث تبذل الجهود لإلغاء تعرفة الأتعاب الهندسية والاكتفاء بالرسوم النقابية وخزانة التقاعد وفتح سقف الأمتار، مما يعني حكماً إنهاء الصندوق المشترك، وترك المكاتب الهندسية بدون أية ضوابط والسماح للصادي والغادي بالتوقيع على المخططات الهندسية، وبالتالي إلغاء كل ماتراكم من خبرات وتقاليد أرستها المكاتب الهندسية خلال عملها الذي يقارب الأربعين عاماً.

تهديد من نوع آخر تتعرض له لقمة أيتام وأرامل المهندسين يتمثل في سعي بعض الجهات إلى شمل المهندسين العسكريين بخزانة تقاعد المهندسين، علماً بأنهم ليسوا أعضاء في النقابة قانوناً، ولم يساهموا إطلاقاً بتنمية موارد خزانة التقاعد، ترى هل عجزت وزارة الدفاع أن تبحث لهم عن مصدر رزق آخر حتى لا يكونوا ضيوفاً غير مرغوب فيهم على مائدة أيتام وأرامل المهندسين.

قرأنا في الصحف

 

أن نقيب المهندسين المركزي الحالي قد وقع باسم خزانة تقاعد المهندسين، عقداً لشراء أسهم في أحد مصارف القطاع الخاص المحدثة حديثاً في سورية، ترى أية ضمانه لعدم تعرض تلك الأموال للأخطار، وحادثة بنك المدينة في بيروت روائحها تزكم الأنوف؟؟؟