يا وابور قللي رايح على فين؟؟ القطاع الخدمي الهام يسيرنحوالهاوية دون إنقاذ !! حقوق ملحة: المساكن العمالية و إجراءات الأمان والسلامة من السرطانات !!
وعلى المواطن أن يتعود وينتظر ويحتمل كل شيء دون اعتراض فلا خدمات تليق بإنسان هذا العصر، ولا قطارات تشبه قطارات العالم المعاصر، لأن المؤسسة العامة للسكك الحديدية ما عادت تعرف زبائنها أصحاب الدخول الميتة، وما عاد يهمها أصلاً إن عاد هذا الزبون أم لم يعد. هل تعتقدون أن هذا القطاع الخدمي الهام يسير نحو الهاوية دون إنقاذ ما يمكن إنقاذه أم أصبحت موضة الخروج بالمظهر الخاسر للمؤسسات الحكومية وقطاع الدولة هي الشغل الشاغل لفئات بيروقراطية مدعومة من قوى السوق من أجل تفتيت البنية العامة للخدمات الاجتماعية التي تقدمها الدولة ومن ثم خصخصتها دون معارضة تذكر.
وإذا كان رصد مبلغ أكثر من 61 مليار ليرة سورية لقطاع السكك الحديدية يرمي إلى تحديث بنية هذا القطاع فيجب أن يمس ذلك أولا وقبل كل شيء تحسين أوضاع العاملين في هذا المجال وتحسين الخدمات على الخطوط الداخلية التي أكل عليها الدهر وشرب.
ونعتقد أنه من الضروري ألا يكون تحسين هذه الشبكة تمهيداً لخصخصتها لأن الخصخصة موسى ذو حدين تشتري المؤسسات الخاسرة بدعوى خسارتها، والمجددة التي تدفع عليها الملايين حتى لا تضطر لتجديد البنية التحتية بل تشترى على الجاهز.
فالقطارات التي تعمل على الخطوط الداخلية لا تصلح لنقل الركاب فهي قديمة ومهترئة وبطيئة وعديمة الخدمات.
الوصفة السحرية لوسيلة نقل جماهيرية
● محمد عمراني يقول : «لقد ركبت في القطار من دمشق إلى الزبداني عبر طريق الربوة وكان هذا المشوار في السابق فرجة حقيقية لكن الآن كل شيء تغير وفي هذا المشوار تعرفت على مجموعة من السواح وكان المشوار لطيفا، هذا القطار الأثري أصبح الآن من الماضي وتوقف نهائياً كما توقفت أشياء أخرى كثيرة و جميلة في حياتنا».
● حسين عبدو: «سافرت في القطار من دمشق إلى القامشلي منذ سنوات، والمشوار استغرق أكثر من عشرين ساعة، من يستطيع تحمل كل هذا البطء الذي لا يمكن أن يطاق؟ هذا عدا الخدمات السيئة جداً، والقطار المهترئ من أيام السفر برلك، فأصبحت أفضل الحجز في البولمانات بالرغم من التكاليف الباهظة لأسعارها السياحية إلا أنني أصل القامشلي بوقت غالبا لا يتجاوز الثماني ساعات».
● أحمد (أحد ركاب القطار الدائمين): «أنا أركب القطارات ليس حباً بهذا القطار، إذ خدماته معدومة، بل لأن سعره أرخص وهذه الميزة الوحيدة للقطار العادي الذي هو قطار الفقراء، وما تبقى انظر إلى داخل أي عربة ستجد كم هو الوضع مأساوي فكيف للراكب أن يتحمل هذه النوافذ المكسورة في هذا الشتاء البارد إنها عقوبة قاسية دون سبب».
كيك وشاي وجريدة محلية !
● صلاح أبو محمد: «أنا أسافر في هذه القطارات منذ أكثر من عشر سنوات لم ألحظ أي تحسن في خدمات هذه المؤسسة، فهي مؤسسة بطيئة بقطاراتها وفقيرة بخدماتها وكأنها تعمل في الوقت الضائع، وعموماً القطار العادي وضعه بائس جداً، أما القطار الذي يسمى السريع حسب المواصفات المحلية، فهو يقدم للراكب كيك وشاي وجريدة محلية».
● أحمد المصري (عسكري): «محطة القطار في حلب أفضل من محطة القدم في دمشق، القطار السريع جيد أما القطارات البطيئة فهي لا تلتزم بدقة المواعيد سواء عند الانطلاق أم الوصول، فهي تستغرق أكثر من سبع ساعات من حلب إلى دمشق وهناك مشكلات دائمة ومتكررة في محطاتنا، مثل انتظار قطار كي يمر الآخر وذلك بسب قلة خطوط الشبكة وعموماً أسعار التذاكر لا تناسب دخولنا نحن في الخدمة الإلزامية، وبالنسبة للحسم على التذاكر لا يشملنا على القطارات السريعة فهو للضباط فقط».
● علي: «منذ عدة سنوات سافرت في القطار وكدت اختنق من الغبار الذي أصبح داخل المقطورة مشكلاً ضباباً كثيفاًَ يحجب الرؤية، ولأنني أعاني من مشاكل الربو تم إسعافي إلى منطقة دير الزور القريبة ومنذ ذاك الحين لم أركب قطاراً».
● يقول العامل رائد جاموس متحدثا عن معاناته وزملائه في محطة القدم: «بعد تخرجي من معهد الخطوط الحديدية في حلب، وعدنا المدير بتوظيف الطلاب الخمسة الأوائل في محافظتهم ورغم أن ترتيبي الرابع على طلاب دفعتي إلا أنني لم أحصل على الوظيفة في مدينتي ووجدت نفسي بين زملاء آخرين لي في مدينة دمشق وهم ستون طالبا من أصل خمس وثمانين موزعين بين أقسام (حركة وجر ومنشآت)».
وها نحن هنا نعاني الأمرين بسبب غلاء المعيشة، ورواتبنا المتواضعة جداً وبعدنا عن أهلنا، لقد استأجرت غرفة هنا في منطقة القدم لكي أوفر على نفسي أجور المواصلات وباقي الراتب لا يكفي لتلبية احتياجاتي الأساسية، قمت بتقديم ثلاثة طلبات لنقلي إلى محافظتي علماً أنه يوجد شاغر هناك إلا أنه لم يتم نقلي بسبب نقص اليد العاملة هنا.
● وعامل آخر في المحطة يقول: «إن محطة القدم من المحطات الضعيفة جداً العاملة ضمن خطوط المؤسسة فهذه الأبنية جميعاً بحاجة إلى صيانة كي تلبي حاجة الراكب بتحسين الخدمات».
لقد سمعنا بأن هناك أفكاراً واقتراحات بإعادة هيكلة المؤسسة وإنشاء ثلاث شركات منفصلة وهي (شركة نقل ركاب وشركة نقل بضائع وشركة تأجير قاطرات) وبدؤوا فعلياً بالعمل في شركة نقل الركاب إلا أنهم لم يستمروا، ولا نعلم السبب.
وقد قيل أن هذه الأبنية التي من المفترض أن تستخدم كسكن لعمال المحطة ولم يتم تسليمها لهم حتى الآن ستكون هي أبنية الشركة المزعومة التي ستقوم بالأعمال في مجال السكك الحديدية.
● أحمد (عامل في المحطة): «هناك نقص في المواد الأساسية المتعلقة بأمن وسلامة سير القطارات وكذلك مشاكل على صعيد الحماية الشخصية مثل عدم توفر القفازات اليدوية والأقنعة الواقية والنظارات الواقية لحمايتنا من المواد الحمضية وأبخرة الأسيد التي تؤثر بشكل سلبي ومباشر على الجهاز التنفسي والتناسلي. وتسبب على المدى البعيد بعض أنواع السرطانات».
نقص كبير في الأيدي العاملة ورواتب هزيلة !
● الحكم عبد الكريم (رئيس قسم صيانة محطة القدم): «منذ عشر سنوات ونحن نعاني من نقص كبير في الأيدي العاملة، علماً أن الكثيرين يتقدمون للحصول على وظيفة ويتم فحصهم واختبارهم من قبلنا والنتيجة أنه لا يتم تعيين أي شخص من هؤلاء المتقدمين. يبدو أن هناك مشكلة إدارية لا نعرف أسبابها وقد عانت من المشكلة نفسها محطتي القامشلي واللاذقية وتم حلها جزئياً».
هناك نقص في قطع التبديل إذ تتأخر لجان الشراء بحدود شهرين في تلبية طلباتنا من قطع الغيار الضرورية.
والشيء الأهم هو عدم توفر مكان جيد لعملنا كصيانة وحتى أنني لا أملك مكتباً أقوم به بأعمالي بشكل منسق.
يعاني عدد كبير من عمال المحطة من مشكلة السكن كونهم من محافظات أخرى فرواتب الجميع لا تكفي لاستئجار سكن ومنذ ثلاث سنوات اقترحنا على الجهات المسئولة أن تقيم لنا أكشاك «براكيات» وهذا أضعف الإيمان إن لم تكن قادرة على تأمين أبنية سكنية للعمال ولكن حتى الآن ليس هناك من مجيب لهذا المطلب الحق.
بابوري محمل سكر وشاي!
● هيثم سطاس (مدير محطة القدم بدمشق): «أنا أعمل في هذه المحطة منذ عام تقريباً وكان عدد القطارات ثلاثة عادية ومن ثم أضيف قطاران سريعان إلى الخدمة وساعد ذلك على إقبال الركاب بسبب دقة المواعيد والفترة الزمنية القصيرة نسبياً التي تميز القطارات السريعة قياساً إلى القطارات العادية، حيث يستغرق القطار السريع من دمشق إلى حلب أربع ساعات وأربعين دقيقة فقط والقطار الواحد يستوعب بحدود (330 راكباً ونسبة الامتلاء الوسطية بحدود 80%) الخدمات المقدمة جيدة حيث نقوم بتقديم وجبة غذائية للركاب مكونة من (كيك وعلبة عصير) ويوجد كذلك مشروبات ساخنة وعدد من الصحف الرسمية. نعاني من مشكلة رئيسية وهي قلة عدد القطارات ولا يوجد كذلك سوى خط حديدي واحد يربط بين المحافظات.
ولا يمكن استيعاب جميع الركاب في القطارات السريعة وبخاصة أيام الأعياد والعطل الرسمية ونعاني هنا من نقص كبير في الأيدي العاملة حيث نحتاج إلى موظفي قطع تذاكر ومشرفي خدمات ومكتب أمتعة.
يوجد لدينا صالة واحدة مكيفة وبحال جيدة لكنها صغيرة ولا تتسع لجميع الركاب حيث يضطر عدد كبير منهم إلى الانتظار خارجاً (صيفاً شتاءً)، أما القطار السريع الثاني ففيه عربة منامة وسعر السرير الواحد 350 ل س أما القطارات العادية فأرقامها 31-83-21».
560 كم/ ساعة
● أحد المهتمين بشؤون السكك الحديدية: «تعمل شركة قاسيون أقصى جهدها لتنفيذ مشروع الحجاز القدم كما تعمل شركة الإنشاءات العسكرية لإنجاز خط الحجاز الشيراتون وخط دمشق قطنا كما يعمل المتعهد المشرف على تسوير الخط بسرعة جيدة وتقوم شركة سعودية بتنفيذ مباني ومكاتب وبرج كبير على نظام (البي أو تي). مما يعني أن هناك تحركاً كبيراً على المستوى الداخلي خاصة في مدينة دمشق، وعلى المستوى الخارجي يتم العمل على أنجاز الخطوط الأخرى في المنطقة الجنوبية كدمشق درعا وبعض الخطوط الدولية التي قامت بتسيير قطارات مثل حلب الموصل.
هناك خطط طموحة في الجهات المعنية لإنجاز شبكة خطوط حديدية على غرار ما هو موجود في أغلب دول العالم المتطور وحسب المواصفات العالمية لعرض السكك، إذ من غير المعقول أن تكون سرعة قطاراتنا 60-100 كم /ساعة وقد وصل العالم إلى سرعة 560 كم/ ساعة كما في اليابان. ونسعى أن يبقى هذا القطاع حكومياً».
من المهم اليوم تفعيل خطوط السكك الحديدية الداخلية والاهتمام بها وبالمحطات الموجودة وتوسيعها وتخديمها وكذلك تنظيم هذا النقل وإصلاحه وصيانته وزيادة عدد القطارات العاملة عليه وتدريب كوادره بشكل جيد،مما سيجعله من المؤسسات الرابحة بل المنافسة للقطاع الخاص، إن تطوير الخطوط الداخلية أولوية ويجب ألا يكون تطوير الخطوط الخارجية هو الأولوية رغم أهميته، فالقطار أولاً لخدمتنا نحن كمواطنين وتسهيل سبل حياتنا وجعلها أقرب إلى حياة الإنسان المعاصر المتحضر.
■ إبراهيم نمر وسوزان سالمة
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.