كمال مراد كمال مراد

في لقاء مع ممثل الحزب في المكتب التنفيذي لمجلس محافظة دمشق.. لا تراجع: ثبات على المبدأ... ونزاهة في خدمة الشعب!

بعد الانتخابات في مجلس محافظة دمشق لعضوية المكتب التنفيذي الذي شغل أحد مقاعده ممثلو الحزب الشيوعي أكثر من عشرين عاماً، والتي جرت بعد قرار قيادة الحزب بالانتقال من العاصمة دمشق إلى درعا في تمثيل الحزب. التقت قاسيون الرفيق أيمن بيازيد (أبو هشام) عضو مكتب اللجنة المنطقية، عضو المكتب التنفيذي السابق وأجرت معه هذا اللقاء:

* عند العودة لقانون الإدارة المحلية، نجد أنه يخول مجلس المحافظة ومكتبها التنفيذي صلاحيات كبيرة في مجال عملها.. كيف كانت تجليات ذلك على أرض الواقع؟!

بين القانون... والتطبيق

** منذ نحو السنتين، وعند بدء ترشيحي كممثل للحزب في مجلس الإدارة المحلية لمدينة دمشق، اطلعت على قانون الإدارة المحلية الصادر بتاريخ 11/5/1971، وتبين لي أنه قانون جيد من حيث مواده.. ولكن عند ربطه بالتطبيق العملي نجد أن القانون شيء والواقع شيء آخر.. ومن خلال تجربتي في العمل تبين لي أن هناك عدة أمور سلبية ومعيقة تبدأ منذ بداية عملية الانتخابات.. فبعد الترشيحات يجري دعم بعض الأشخاص وبعض المستقلين ضمن دائرة حسابات معينة بغض النظر عن كفاءتهم وأهليتهم لهذه المهمة.. وهذه المسألة تتصل أيضاً بإعداد قوائم الجبهة الوطنية التقدمية.. وتكون النتيجة وصول بعض الأشخاص الذين ربما ليس لديهم بالأساس رغبة للعمل الجاد في هذا المجال.. وإنما هناك مصالح ضيقة يسعون لتحقيقها..

* كيف تتجلى تلك السلبيات من خلال العملية الانتخابية وآلية عمل أعضاء المجلس..... وكيف يمكن الخروج من التناقض الذي أشرت إليه؟!

نقاط بحاجة للمعالجة..

** أجد أن هناك ثلاث قضايا في هذا المجال:

1 - في أثناء عملية الانتخابات يجري إبعاد بعض الجادين والمخلصين على حساب تقديم بعض العناصر الذين لا يرون في وصولهم إلى المجلس إلاَّ مصالحهم الخاصة الضيقة..

2 - إن عرض المواضيع للمناقشة داخل المجلس فيه شيء من الإبهام. والكثير من الألغاز.. خاصة فيما يتعلق بالأمور الفنية والهندسية وإشادة الأبنية.. وهذه المسألة أثيرت أكثر من مرة في المجلس دون جدوى.. وأرى أن هذا الأمر مقصود من قبل الإدارة كي يبقى التحكم والسيطرة على مجمل القضايا بيدها.. فعندما أقر قانون الإدارة المحلية، أخذت الإدارة المحلية دور المجلس البلدي السابق، أي الإدارة، والإدارة كعقلية قديمة لن تتخلى عن ذلك بسهولة.. وهي قاومت ومازالت تقاوم دور الإدارة المحلية بشكل كبير...

3 - إن أعضاء مجلس المحافظة أنفسهم يتحملون مسؤولية في ذلك فالبعض منهم يعرض مطالب صغيرة جداً تأخذ وقتاً كبيراً من المجلس، وتلك المطالب الصغيرة يمكن حلها خارج المجلس عبر لجان الأحياء.. مع العلم أن قانون الإدارة المحلية خولهم من مناقشة القضايا الكبرى كالاقتصاد والتعليم والصحة وهذه القضايا الكبرى للأسف لا يجري تسليط الضوء عليها إلا من قبل قلة في المجلس...

إن الخروج من هذا التناقض (بين القانون ونشاط المجلس) يتطلب معالجة هذه النقاط الثلاث بشكل مبدئي وموضوعي.. وهناك تجارب كثيرة تثبت أهمية ذلك..

* هل لمجلس محافظة مدينة دمشق ومكتبها التنفيذي أهمية استثنائية مقارنة ببقية المحافظات السورية؟!

دمشق... الأهمية الاستثنائية

** تأتي الأهمية الاستثنائية والخاصة لمجلس محافظة دمشق من كونها أولاً عاصمة للبلاد، وثانياً هي من أكبر المدن السورية، وبالتالي فإن حجم الخدمات في دمشق أكبر بكثير من باقي المحافظات، وخاصة فيما يتعلق بقضايا البنية التحتية للمدينة.

وباعتبار دمشق عاصمة ومدينة حضارية، يتوضع ويتركز فيها أكبر عدد من الفقراء الكادحين من المحافظات والقرى والمدن السورية كافة إضافة لكادحي دمشق، هذا ثالثاً.. وبالتالي أرى أن نشاط الشيوعيين في العاصمة خصب وتقع عليهم مسؤوليات كبرى...

* كيف انعكس قرار القيادة في التخلي عن مقعد دمشق في المكتب التنفيذي على الرفاق والحلفاء والأصدقاء...

دهشة... واستغراب!!

** أنا شخصياً لم أفاجأ بقرار قيادة الحزب، لأنه منذ نحو الخمسة أشهر كنت أعلن بأن هذه القيادة نتيجة عقليتها المعروفة تماماً، والتي تتحكم في قراراتها، قد تتخلى عن دمشق، وحدث ذلك وهو إقرار منها بهزيمتها الكاملة في دمشق. ويمكن القول أن القيادة في موقفها هذا عبرت عن عدم وجود أدنى شك في بعدها الكامل عن الحكمة السياسية... وقد قابلت الجماهير والأصدقاء والقوى السياسية المتواجدة في المحافظة هذا القرار بكثير من الدهشة والاستغراب.. والسؤال الذي كان يطرحه الجميع: «هل يُعقل هذا»؟!..

كما أن العديد من المواطنين عبروا عن احتجاجهم على مثل هذا القرار معتبرين أنهم خسروا مقعداً لهم في المجلس، وقالوا أن مقعد الحزب الشيوعي في المحافظة عبر ممثلهم في المكتب التنفيذي هو مقعدهم هم وقد قامت بعض القوى السياسية بالاتصال بأحد قياديي الحزب وأبدت أسفها واستغرابها لهذا الموقف.. وكان سؤالهم: كيف تتركون دمشق وتذهبون إلى درعا!!

كما أعلن العديد من الشخصيات الشعبية عن تمسكها بمقعد الحزب معتبرين أن الحفاظ على هذا المقعد هو جزء من الدفاع عن مصالح الجماهير الشعبية الواسعة، خاصة وأن قسماً كبيراً منهم قد سبق ومروا في تجربة مجلس محافظة دمشق، ومنهم صلاح النابلسي وشامان نعمو وحسن قره جولي وعدنان بارافي وأسامة مكية... وغيرهم...

* كيف تعاملت منظمة دمشق مع قرار القيادة..

دفاعاً عن المبدأ

** ناقشت اللجنة المنطقية في دمشق مسألة ترشيحي خارج قائمة الجبهة بشكل مطول ومن جميع الجوانب.. وتوصلت لقرارها في أن أرشح نفسي خارج القائمة وداعماً ومؤيداً لقائمة الجبهة الوطنية التقدمية.. هذا لأننا كشيوعيين كنا وما زلنا مع زيادة دور الجبهة في حياة البلاد. مع معرفتهم الأكيدة وضمن الظروف التي تحيط بالعملية الانتخابية (قبلها وخلالها) بأنه لن يكتب النجاح.. فإن كتب التاريخ أن قيادة الحزب قد تخلت عن هذا الموقع الهام والمؤثر بملء إرادتها ولأسباب ذاتية وشخصية محضة، فليكتب التاريخ ويسجل لرفاقنا في دمشق أنهم لم يستسلموا دون دفاع عن هذا الموقع الهام، ولم ولن يفروا من أية معركة تفرض عليهم لا إلى درعا ولا إلى غيرها..

* وكيف تعامل الحلفاء مع هذا الموضوع؟!

بين الرغبة... والقرار

** لقد جرت الدعوة لاجتماع أعضاء مجلس المحافظة الجبهويين مع أعضاء قيادة فرع دمشق لحزب البعث.. وجرت المطالبة بالالتزام بقوائم الجبهة..

وقد أكدنا كما أسلفنا أننا قررنا الاستمرار في الترشيح كمرشح مستقل داعمً لقائمة الجبهة وملتزم بها، وفي الوقت نفسه عبرنا عن موقفنا المستقل تجاه هذه القضية، فقد تحصل بعض التباينات في هذه المسألة أو تلك.. واستمرار أي مرشح جبهوي في الترشيح خارج قوائم الجبهة في ظروف خارجة عن الإرادة، أمر يقوي الجبهة وقائمة الجبهة ، وليس العكس.

وطرحنا عليهم السؤال التالي: أيهما أفضل بالنسبة لكم كبعثيين وجبهويين، أن يقدم على الترشيح مرشح معروف بهويته الوطنية والتقدمية، أم أن يتم دعم مرشح آخر مستقل لا هوية سياسية له ويحمل الكثير من الضبابية.. وبالتالي فإن استمرار ترشيحي فيه قوة لموقف الجبهة وليس خرقاً لميثاقيها..

وكلمة حق تقال، أنه في هذا الاجتماع جرى تقييمي بشكل إيجابي على لسان أمين فرع دمشق لحزب البعث.. وعبروا عن أمنيتهم في استمرار وجودي في المكتب التنفيذي، ولكنهم يخضعون لقرار القيادة...

وقد جرت العملية الانتخابية لاختيار أعضاء المكتب التنفيذي بشكل غير مألوف يمكن القول أنه غير ديمقراطي تماماً مما أزعج أعضاء المجلس الذين مازالوا يبدون استغرابهم للأسلوب الذي جرت عليه الانتخابات.