هل تحتاج سورية إلى مطارات إضافية فعلا؟
هناك منظومة من وسائل النقل المختلفة البرية والسككية والبحرية والجوية وعلى هذه الوسائط أن تتناغم وأن تتكامل مع بعضها البعض في كل بلد حسب الحاجات الحقيقية للسكان وللاقتصاد لتقديم أفضل الخدمات بأقل التكاليف. السرعة والأمان والدقة والراحة هي شروط مطلوبة لتحقيق جودة النقل.. فكيف هو الحال في بلدنا؟؟
توزع الركاب باستخدامهم وسائط النقل المختلفة كان في سورية عام 2001 كمايلي (يومياً):
وقد توزع النقل عبر الحدود (في العام نفسه) بين الطرق البرية بمعدل 34 ألف راكباً.. والجوية بمعدل 5 آلاف راكب.. والبحر والسكك الحديدية بمعدلات صغيرة جداً..
ما أريد قوله هو أنه لا بد عند التخطيط لأحد أنماط النقل من الأخذ بالاعتبار أنماط النقل الأخرى..
يعطينا الجدول رقم (2) فكرة حول النشاط النقلي الجوي لعام 2004:
يتركز 83% من النقل الجوي في سورية على مطار دمشق الدولي، ثم مطار حلب بنسبة 16%، أما المطارات الثلاثة الباقية فنسبتها أكثر من 1% بقليل.
يستطيع القطر العربي السوري الاكتفاء بمطار دمشق وحلب وتوسيعهما عند الحاجة إلى ذلك حتى 2025، مع العلم أن مطار بيروت يبعد عن دمشق قرابة 100 كم ومطار عمان يبعد قرابة 200 كم ويجب أن يجري أوسع تنسيق مع كل منهما. المطارات مكلفة جداً وملوثة للبيئة من هواء وتربة، وهي تلتهم مساحات كبيرة من الأراضي، وفي المناطق السكنية القريبة منها تتراجع جودة الحياة فيها بسبب الضجيج المرتفع.
إن الطائرات وقطع الغيار وتجهيزات المطارات مكلفة جداً وكلها مستوردة، ويدفعنا هذا إلى البحث عن أنماط نقل أخرى بجودة عالية وكلفة تأسيسية وجارية أقل حاجة إلى الاستيراد.
يفد القادمون والمغادرون عبر الحدود بمعدل يقارب 90% براً، عندما نخطط لتطوير الخطوط الحديدية ونجعلها تسير بسرعات مماثلة للدول الأخرى بين 300-400 كم/ساعة، عندها لا نعود بحاجة إلى التنقل جواً داخلياً. نستطيع الوصول من دمشق إلى حلب بساعة واحدة، وكذلك بين دمشق واللاذقية، ودمشق ودير الزور. ونستطيع الوصول بين دمشق وعمان خلال نصف ساعة وبين دمشق وبغداد (عندما ننشىء خطأ مباشراً دمشق ـ التنف ـ بغداد مثلاً، خلال ساعتين. فأيه حاجة بعد ذلك للتوسع في النقل الجوي؟ تخطط العديد من الدول الأوربية بحيث يكون السفر بالطائرات للمسافات التي تتجاوز 2000 كم، أما ما هو أقل من ذلك فبالقطارات! وقد نفذت الصين بالتعاون مع شركات ألمانية أول قطار في العالم يسير بسرعة 500 كم/ساعة.
تريد الشركات الأجنبية أن تبيعنا طائرات وتجهيزات للمطارات وتبني مطارات كثيرة، وتبيعنا خبرات فنية لتحقق لنفسها أرباحاً طائلة بغض النظر أكنا بحاجة إليها أو لا.
لقد كثر الحديث عن النية بإقامة مطار في المزة للنقليات الداخلية وغيرها.. وآخر في حمص، وربما يصبح لكل محافظة مطارها الخاص بها. لدينا فائض بعدد المطارات. عندما نقيم مطارات جديدة نبدد مواردنا الاقتصادية من أراض وعملات أجنبية ومحلية، نحن بأمس الحاجة إليها لتطوير نهضتنا الاقتصادية. (يخطط في جمهورية مصر العربية الآن لتوسيع مطار القاهرة ليستقبل 21 مليون مسافر سنوياً بتكاليف باهظة)!!
بلغ النقل الجوي الداخلي في سورية 130 ألف راكب عام 2004 في كل المطارات. أيتطلب هذا العدد الصغير مطارات جديدة؟ إننا نستطيع توسيع المطارات الحالية عند توفر طلب متنام وريعية اقتصادية عالية. إن ما تنصحنا به شركات الخبرة الأجنبية يتناسب مع مصالحها ومصالح بلدانها فقط، فلنتعظ ولنعتمد على الأدمغة العربية بالدرجة الأولى ولنمض إلى تنفيذ وتحقيق متطلباتنا الحقيقية أولاً!!.