نهب الخزينة في حمص المدينة:
(مسرحية في فصلين)
بطولة:
● كبار تجار وصناع القطاع الخاص
● مراقبو مديرية مالية حمص
(الصالة غير مضاءة لدواع إخراجية)
ليست مديرية مالية حمص بؤرة للفساد فقط، إنما هي بؤرة للفضائح الجاهزة أيضاً، و الفضائح قيد الصنع أيضاً، فعشرات القرارات الصادرة عن وزير المالية وضعت على الرف، وهنالك إخفاء متعمد للمعلومات والبيانات المتعلقة بكثير من تجار حمص تطال تلك المعلومات تكليفهم الضريبي الحقيقي، ذلك عدا التكليف للعديد من التجار بطريقة مغايرة للواقع أو عدم تكليفهم منذ عام 1990، كما أن هنالك مخالفات تضر بمصلحة الخزينة العامة مباشرة، لتخفيض رقم المبيعات بالنسبة للكثير من تجار الجملة بغية تخفيض الضريبة لأحد التجار، وقد ارتكبت هذه المخالفات وكما سيتبين، بمشاركة تامة من الإدارة وبعض المراقبين الذين قاموا بتكليف التجار، وبالرغم من تغيير المدير السابق إلا أن هنالك فصلين من مسرحية عنوانها الفساد، مازال أبطالها يقومون بأدوارهم حتى الآن...
●● الفصل الأول: نهب ضرائب الأرباح الرأسمالية (الفروغ)
عادة ما يتم تخمين وتقدير قيمة موجودات كافة المحلات والشركات والمعامل المكلفة بضريبة دخل الأرباح الحقيقية والتي تقوم بإدخال شريك أو خروج شريك أو التنازل عن حق الإيجار أو البيع. وتكلف بعد ذلك بما يسمى (ضريبة الأرباح الرأسمالية) أو الفروغ بالمعنى الشائع، إلا أن عملية التكليف في مديرية مالية حمص، تتم بإشراف عدد محدود من الأشخاص المعروفين بعدم النزاهة،وهم مازالوا يمارسون عملهم حتى الآن، وهنالك أمثلة وتفاصيل ليست بمثابة إعلان وتشهير بأسماء (الممثلين) بقدر ما هي تبيان لحقائق طالما انعكس جانبها المظلم على لقمة الناس.
■ شركة ميديكو:
شركة من كبار صانعي الدواء والمستحضرات الطبية في سورية، وقد باع منها أحد الشركاء حصته لابنه، وتم تكليف البائع بضريبة الأرباح الرأسمالية من قبل مراقب الدخل وهو المراقب نفسه الذي يقوم بتكليف الشركة بضريبة الأرباح الحقيقية، حيث قدر أرباح بيع موجودات الشركة جميعها بمبلغ (9574084) ليرة سورية في حين أن الموجودات الفعلية تتجاوز في قيمتها الثلاثمائة مليون ليرة سورية مما نتج عنه ضياع الملايين من الليرات على الخزينة.
■ شركة ابن حيان:
شركة تمارس مهنة صناعة الصيدلانية ومعاجين الأسنان والحلاقة والشامبو وهي من كبار الشركات المصنعة لهذه المنتجات، وتتجاوز قيمة موجوداتها الـ (200) مليون ليرة سورية، قدرت وفقاً لأوراق المالية بمبلغ (9325379) ليرة سورية فقط، وهذا ما لايعادل سعر شراء آلة من الآلات التي تملكها الشركة، وكان قد دققت جميع هذه التكاليف دائرة الأرباح الحقيقية بـ (زعامة) رئيس الدائرة.
●● الفصل الثاني: نهب ضرائب الأرباح الحقيقية
الأبطال الرئيسيون في هذا الفصل، هم أيضاً عدد ليس بالقليل من شركات القطاع الخاص، والذين يتهربون من الضريبة (قانونياً) وتزدحم مالية حمص، بأسماء نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
■ شركة ميديكو:
وكما ذكر سابقاً فإن الشركة تصنع مستحضرات دوائية وصيدلانية وهي مكلفة بضريبة الأرباح الحقيقية لغاية عام 1999 من قبل مراقبي الدخل، بطريقة لا تعكس معها التكاليف أية أرقام فعلية حيث قبلت دفاتر للشركة، في حين لا تملك الشركة دفاتر أو قيوداً أو مستندات وزعم المراقبون أن كلفة المواد الأولية الداخلة في الإنتاج تبلغ ما يقارب (40) مليون ليرة سورية هذا عدا المصاريف الأخرى التي تنفق على عملية الإنتاج. والحقيقة أن كلفة المنتج في عام 1995 لا تقل عن مائة مليون ليرة سورية، ومع ذلك، فإن أرباح المكلف في عام 1995 حسب رأي المراقب (أرباح بيع الأدوية) لا تتجاوز (4451943) ليرة سورية، دون أن تنسى تدقيق دائرة الأرباح الحقيقية لهذا الرقم، وكذلك سارت الأحوال في عام 1996، وكذلك في عام 1999 بنفس الأسس السابقة مع اختلاف بسيط هو اسم مراقب الدخل الجديد.
■ شركة ميديوتيك:
شركة تمارس صناعة المستحضرات الصيدلانية وهي معروفة، وقد تم تكليفها بنفس الأسس السابقة واعتمد المراقب في تكليف عام 1998 مثلاً أن كلفة المنتج تعادل (23199664) ليرة سورية دون تحديد طريقة الحساب التي توصل فيها إلى هذا الرقم الاعتباطي، ومع أن رقم عمل المكلف السنوي لا يقل عن مائة مليون ليرة سورية ومع ذلك فالأرباح الصافية الخاضعة للضريبة كانت لدى المراقب عن ذلك العام لا تتجاوز (3351058) ليرة سورية!
■ شركة ابن حيان:
رغم أن رأسمال هذه الشركة يتجاوز (220) مليون ليرة سورية ورغم أنها تأسست وفقاً لقانون الاستثمار رقم (10)، لايتم تكليفها في شعبة الاستثمار والقطاع العام، إنما من قبل مراقبي الدخل في شعبة المهن الأولى، والغريب أن الشركة تتمتع بالإعفاء الضريبي لمدة خمس سنوات شرط التقيد بمسك دفاتر نظامية ومؤيدة بالوثائق والمستندات متجاوزة بذلك أحكام المادة (14) إذ لا يملك المكلف أية وثائق أو مستندات يتم بموجبها إعفاءه، وكل ذلك تم بإشراف نفس المراقبين ونفس الدائرة.
■ أسماء أخرى:
هنالك العديد من الشركات التي تتهرب ضريبياً بمساندة بعض جهات الفساد في مديرية مالية حمص، ولدينا أسماء عدد كبير منها، تخالف القوانين وتلتف عليها، مقابل منافع مادية يحققها المراقب والمدقق والشركة معاً ومنها:
■ شركة البلسم للأدوية: معفاة من ضريبة الدخل لثلاث سنوات بالرغم من عدم تقيد المكلف بأحكام المادة (14).
■ شركة أبرش بلاست لصناعة البلاستيك: معفاة من ضريبة الدخل لمدة أربع سنوات بالرغم من عدم تقيدها بأحكام المادة (14)، وقد كلفها فيما بعد المراقب مخالفاً خلال الأعوام 19996 ـ 1997 ـ 1998 مخالفاً بذلك تعليمات وزارة المالية رقم 20س /8 تاريخ 1/11/1994 والتي توجب عدم تكليف المكلف لأكثر من سنتين متتاليتين من قبل المراقب نفسه.
■ محمد صبحي قطان: المكلف يمارس مهنة صناعة السكاكر والعلكة وتجارة الجملة ولم يتم تكليفه إلا بما يتعلق بتجارة الجملة، بينما هو منشأة صناعية كبيرة وذات علامات فارقة، ولايخفى ما في ذلك من انخفاض في قيمة الضريبة المقدرة.
■ فوزي راشد بلاسم: المكلف تاجر جملة ويمارس مهنة الاستيراد وبيع الأدوات الكهربائية المنزلية المستوردة والمصنعة محلياً، ولديه سجل صناعي يحمل الرقم 16 تاريخ 6/12/1988، ويصنع البرادات الصناعية، مديرية المالية كعادتها، اعتبرته تاجر جملة فقط، مع العلم أن المكلف استمر في صناعة البرادات الصناعية لغاية عام 1999 حيث ألغي سجله الصناعي في تلك السنة.
●● في العتمة:
إن ماتم ذكره، ما هو إلا جزء بسيط من المسرحية، فالمخالفات والتجاوزات أكبر بكثير من إمكانية حصرها ومانتج عنها ضياع ملايين الليرات السورية على الخزينة مقابل مكاسب مادية يقتسمها (الأبطال) فيما بينهم، لكن في العتمة، ودون أية إضاءة، وبعيداً عن أيدي المعنيين، ذلك مع وجود تقرير تفتيش صادر عن الرقابة الداخلية مسجل لدى ديوان مالية حمص بتاريخ 22/2/2003 ومرفوع إلى وزارة المالية، موضحاً العديد من التجاوزات، ونتيجة لجهود أحد المراقبين الفاسدين، تم تعيينه رئيساً لشعبة المهن الأولى وقام بتوزيع أغلب تكاليفه غير المنجزة على مراقبين من نفس الشعبة بدون أمر إداري مخالفاً بذلك تعليمات وزارة المالية التي تحظر نقل أية إضبارة من مراقب إلى آخر بدون أمر إداري صادر عن مدير مالية حمص،و لكن السيد رئيس الدائرة لم يتقيد بأي تعليمات من الوزارة، بل وزع تكاليفه كما يريد هو، واحتفظ لنفسه ببعض التكاليف التي ربما لا يريد أن يكلف أصحابها بها.
●● الخلف الصالح:
بالنسبة للتكاليف غير الموزعة، صدر أمر إداري رقم 2290 ـ 11/5 تاريخ 2/3/2003 والتي توجب على كل رئيس شعبة تسليم تكليفه إلى رئاسة الدائرة وعلى الجميع الالتزام بذلك، ولكن التطبيق يتم بشكل مزاجي وحسب مصلحة الجهة التي أصدرت هذا الأمر، وكل ذلك مقابل منافع مادية، وقد صدر عن مديرية مالية حمص ورئيس قسم الدخل قرار تم بموجبه تعيين أحد الموظفين المشاركين في آلية الفساد رئيساً للجنة الأرباح الرأسمالية لهذا العام، كذلك تسميته العضو المالي في لجنة المناقشة السادسة بالإضافة إلى كونه مراقب دخل في شعبة المهن الأولى أما بالنسبة لمراقب آخر لا يختلف عن صديقه المذكور، والذي يشغل الآن منصب رئيس شعبة المهن الأولى، ورئيساً للجنة المناقشة الثامنة، فهو مرشح من قبل السيد مدير المالية لشغل منصب رئيس الواردات رغم أن القانون ينص على أن يعمل رئيس القسم في القسم مدة لاتقل عن ثماني سنوات حتى يصبح رئيساً له، أما هذا المراقب، فإنه لم يعمل في القسم حتى سنة، فكيف تمكن مدير مالية حمص من ترشيح اسمه كخلف صالح للسلف الصالح؟!
هل سنأمن على المالية في الأيام القادمة؟!
نحن بحاجة إلى من ينقذ البلد من مفسديها.
■ المحرر