العناوين الصحفية بين لعبة الأرقام.. وقلب الحقائق:

 90 % من الأسر تستخدم النقل العام

85 % من المواطنين دخلهم أقل من الحد الأدنى لمستوى المعيشة بمرتين

 صورة عن عتوان صحيفة «تشرين»

بسمارك كان يقول: «هنالك كذب، وكذب كبير، وإحصاء» وطالما أن الرقم هو الحامل للعبة، فإن الفارق ما بين الكذب والإحصاء، لن يتعدى تغيراً طفيفاً في الطريقة التي يقدم بها هذا الرقم، ليعطي بالتالي دلالاته الدقيقة، أو إيماءاته المضللة...

لعبة خلط الأوراق شهدناها على صفحات جريدة «تشرين» بتاريخ 10/8 /2003، حيث نشرت الصحيفة، مقالاً حول «التقرير الوطني لأهداف التنمية للألفية في سورية» والذي أعدته وأصدرته هيئة تخطيط الدولة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. فعنوان المقال يفيد بأن عشرة بالمائة من الأسر السورية، لديها سيارات خاصة، وهذا ما يعبر عن الأسلوب الذي ذكرناه آنفاً، إذ أن النسبة المذكورة تدل على أن الغالبية العظمى من السوريين لايملكون سيارات خاصة، أي  الـ 90 % من الأسر السورية!!

المقال يزعم أيضاً أن 85 % من المواطنين دخلهم أكثر من الحد الأدنى للأجور وذلك في عام 2001، بالرغم من أن الإحصاءات الدقيقة تشير إلى عدد وسطي. عدد أفراد العائلة في بلدنا 5.6 فرداً، يعيل الفرد فيها 4.1 فرداَ، وبالتالي فإن وسطي الإعالة لكل عائلة هو 1.2 معيل وإذا ما علمنا أن الحد الأدنى لمستوى المعيشة بالنسبة لـ (1.2) معيل في بلدنا هو (18000) ليرة سورية، فإن دخل المواطن المعيل، لا يصل إلى نصف الحد الأدنى لمستوى المعيشة أو يدور حوله، إذ أن هذا الحد الأدنى يبلغ حوالي (15000) ليرة سورية. علماً أن حوالي الـ 80 % من السكان، يبلغ دخلهم حوالي الخمسة آلاف ليرة سورية، وهو ثلث الحد الأدنى لمستوى المعيشة، وهذه معلومة قد تكون أنسب لعنوان المقال المنشور.

توضح المقالة، أنه ووفق التقرير، فإن معدل البطالة بالنسبة إلى إجمالي قوة العمل، ارتفع من 6.8 % عام 1995 إلى 9.5 % عام 2000 بينما تقدر هيئة مكافحة البطالة الرقم بـ 15 % عام 2002. فهل من المعقول أن يكون واضعو التقرير ملكيين أكثر من الملك؟! هذا إذا أغفلنا الرقم الحقيقي لمعدل البطالة في بلدنا، والذي يتجاوز العشرين بالمئة من إجمالي قوة العمل..

أخيراً، وباتباع طريقة قلب النسب التي استخدمتها الصحيفة في عنوانها التفاؤلي، نجد أن 89.7 % من السكان لايملكون خط هاتف، وأن 92 % من سكان الحضر لايملكون حاسباً شخصياً، كما أن 98 % من سكان الريف لا يملكونه أيضاً، وهذا ما يبدي تواضعاً في مجاراة تطور الاتصالات والمعلوماتية في العالم.

 

كذب، أم كذب كبير، أم إحصاء ياترى؟!