كمال مراد كمال مراد

الخميس الوطني في طرطوس.. تأكيد لخيار المقاومة

رغم المظاهر السياحية التي تطغى على مدننا الساحلية هذه الأيام… إلا أن العديد من أهالي محافظة طرطوس ابتعدوا قليلاً عن البحر ليفترشوا رصيف الجندي المجهول في حديقة الباسل وسط المحافظة ويعلنوا اعتصامهم تضامناً مع شعب العراق وفلسطين وتأكيدهم على خيار المقاومة للعدوان الأمريكي الإسرائيلي.

 

عشرات من الأجيال المختلفة من الفعاليات السياسية..  يتجمعون مساء كل خميس منذ مايقارب الثلاثة أشهر يرفعون أعلام الوطن والرايات الحمراء.. ويرددون الأناشيد الوطنية والثورية… ويرافق الاعتصام معرض معلق لصور المجازر في فلسطين والعراق.. ودعوة لمقاطعة البضائع والشركات الأمريكية.. وقد أثارت هذه المبادرة اهتمام الأهالي والعابرين الذين كانوا يعبرون عن سخطهم على العدوانية الأمريكية الصهيونية.. وينظرون  باحترام للمشاركين في الاعتصام...

 

«قاسيون» كانت هناك.. وسجلت العديد من اللقاءات ننشر مقاطع منها..

 ■■ أبو أحمد… رجل طاعن في السن.. يتوكأ على عصاه.. كان ينظر باهتمام للصور المرافقة للاعتصام.. وعندما اقترب من العلمين الأمريكي والإسرائيلي الممدودين على رصيف الطريق بصق عليهما وداسهما بقوة..

سألناه.. ماالذي فعلته؟! أجاب بحرارة:

إنهم أعداؤنا.. أمريكا هي أكبر عدو لنا وللعالم، وهي التي تدعم الكيان الإسرائيلي، وهذه حقيقة باتت معروفة للجميع، ولولا الدعم الأمريكي لإسرائيل، لما استطاعت الأخيرة أن ترتكب المجازر اليومية بحق الشعب الفلسطيني..

وللأسف، وبالرغم من ذلك ينعدم التضامن العربي لمواجهة العدوان الأمريكي ـ الإسرائيلي.. ولابد من تضامن الشعوب العربية ووحدتها لأنها أكبر من قوة العدوان.. فإذا ما اجتمع الشمل لايمكن لا لأمريكا ولا لإسرائيل أن تقفا بوجهنا.. «والله يذلك ياأمريكا ويذلك يا إسرائيل ويوحدنا ويحببنا ببعضنا البعض…».

ومن الضروري مقاطعة كافة البضائع الأمريكية.. أنا أدخن )حمرا) وغير مستعد أن أدخن دخان أمريكي لأن مردوده يتحول للكيان الصهيوني.. وللأسف نجد أن بلدان الخليج العربي تودع أموالها في المصارف الأمريكية.. وفوائدها تعود بالتالي لإسرائيل التي تحاربنا بأموالنا..

■■ السيد عماد يوسف:

قد لانستطيع محاربة أمريكا، ولكن على الأقل ضمن حالة من هذا النوع، تُعَوِّدُ الناس على اللحمة الوطنية التي تجمع كافة الانتماءات السياسية والدينية.. لأنها تنتمي إلى أرض واحدة وبلد واحد وحدود جغرافية واحدة، وعلى تماس مع قضاياها المحلية والوطنية والإقليمية.

العراق بلد عربي على حدودنا الجغرافية وما يجري فيه يهمنا بكل تأكيد… وللأسف هناك غياب للشأن العام والقضايا الكبرى عند الناس… نتيجة رتم الحياة السريعة.. مما أبعد الناس عن ذاتها.. لتتحول إلى كائنات تنصَبُّ اهتماماتها باللهاث وراء لقمة العيش وممتلكات الحياة.. لهذا يمكن أن يجذب الناس ويذكرهم بقضاياهم الكبيرة وهذا الاعتصام بالتالي هو قوة جذب لكافة القوى الوطنية من أجل الاهتمام بالشأن العام والشأن السياسي وقضاياها الكبرى ولمواجهة التهديدات التي تتعرض لها بلادنا ولدعم قواتنا المسلحة للتصدي لأي عدوان محتمل… فحتى إذا انتصرت أمريكا عسكرياً فلن تستطيع أن تنتصر جماهيرياً وشعبياً..

المشروع المرسوم للمنطقة بمنتهى الخطورة، ونتائجه فيما حصل ستؤثر على الأجيال اللاحقة.. وإذا لم ندفع الاستحقاق اللازم اليوم.. سيكلفنا ذلك في المستقبل كلفة باهظة..

كل إنسان على قدر من الوعي من المفروض أن يكون مدعواً إرادياً للاهتمام بالقضايا الكبرى، والتي إن لم تعنه اليوم ستعنيه غداً وستعني أولاده بعد غد وأحفاده بعد بعد غد.. وهكذا…

من هنا ضرورة مثل هذه الأشكال في تحريك الشارع الشعبي.. وكسر حالة الإحباط واليأس والخوف…

■■ الرفيقة أم طوني:

اعتصامنا هنا، إضافة للتضامن مع الشعبين العراقي والفلسطيني، هو لكسر حالة الخوف في التعبير عن الرأي وتعويد الناس على الخروج إلى الشارع، ودفاعهم عن حقوقهم ومطالبهم… وفي التعبير عن رأيهم.. ولابد من تصعيد هذا الشكل على الدوام، وبعد كسر حاجز الخوف تستطيع الجماهير أن تدافع عن وطنها..

■■ الرفيق يوسف كلثوم (أبو الياس):

يمكن للعين أن تقاوم المخرز وتنبت لها أظفار.. كل ذلك يمكن من خلال العمل والنضال (من تحت) بين الجماهير، عندما تتوحد كافة القوى الخيرة ضد العدوان.. أتذكر في فترة الخمسينات عندما اشتدت التهديدات بالعدوان على سورية من خلال سياسة الأحلاف الاستعمارية وبالأخص «حلف بغداد» عندها تم تسليح الشعب، وقام المواطنون بحفر الخنادق والاستعداد للدفاع عن الوطن..

عندما نهيئ الشعب نقدر أن نقاوم أي قوة في العالم، والشعوب إذا صممت فلابد لها أن تنتصر..

فلابد من توحيد جهود كل القوى الشريفة بغض النظر عن انتمائها الديني أوالسياسي أو القومي..

هناك اليوم حالة تكلس في حركة الشارع العربي، إضافة لانعدام الجرأة والإقدام… وحركة الاعتصام هنا هي بداية في تحريك الشارع الوطني لتوحيد الجهود الشريفة.. وإن كان عددنا قليلاً اليوم، فهو ليس قليلاً بمنظار الحركة.. وسيزيد الإقبال عليها يوماً بعد يوم..

■■ أبو ماهر:

كان عابراً في الطريق… توقف أمام معرض الصور وإعلانات الشركات الأمريكية التي يجب مقاطعتها.. 

قال: قولاً واحداً.. يمكن أن نقاوم العدوان، وهذا الاعتصام كأبسط أشكال المقاومة، ولكن له تأثيره الفعال، وهو رسالة توعية للجماهير لمدى تأثير مقاطعتنا للبضائع الأمريكية وذلك لأن الإدارة الأمريكية هي عبارة عن مجموعة سماسرة للشركات، فالمقاطعة الاقتصادية قد تكون أهم بكثير من إطلاق الرصاص.

■■ الرفيق لبيب عرنوق: 

هذا الشكل البسيط من الاحتجاج على السياسة الأمريكية الإسرائيلية، هو مبادرة هامة من قبل القائمين عليه ولابد من تشجيع مثل هذه الخطوات لزيادة الصلة مع الناس الذين يتزايدون اسبوعاً بعد آخر.. وهناك تواصل بين جيل الشباب والأجيال القديمة..

للأسف إن مسألة مقاطعة البضائع الأمريكية مازالت غائبة عن وسائل الإعلام الرسمية، فمازلنا نرى يومياً الدعايات للبضائع الأمريكية على شاشات التلفزيون وهنا دعوة واضحة لتفعيل المقاطعة لتصبح فعلاً شعبياً ورسمياً…

هناك بطء في حركة الشارع نتيجة حالة اليأس التي تطغى على الناس…

■■ جهاد حسن عضو لجنة التنسيق لوحدة الشيوعيين السوريين في طرطوس:

لقد بدأنا في الاعتصام منذ نحو ثلاثة أشهر.. وشكل تواجدنا نقطة جذب واهتمام لأهالي المحافظة.. وعدد  المعتصمين يزداد باضطراد.. ومن هنا دورنا في عودتنا إلى الشارع، وعودة الشارع إلى السياسة من أجل الدفاع عن الوطن وإحباط أي عدوان… وإعادة التقاليد الوطنية المجيدة التي يحفل بها تاريخ شعبنا..

■■ الطفلة يارا حسن:

(هلق التغت العراق ومافي شي اسمو عراق، هيك عمبيقولوا، وأنا بقول إنو إذا التغت العراق ماالتغى شي اسمو مواطن عراقي يقاوم من أجل استعادة وطنه.. مشان هيك موجودة في هذا الاعتصام للتضامن مع الشعب العراقي والفلسطيني)..

■■ الطفلة فرح:

نحن دائماً مع العراق وفلسطين.. ولن نسمح لأمريكا وإسرائيل بدخول بلادنا، لأن سورية وطننا وسندافع عنها..

■■ الشاب أحمد مرّود:

من خلال هذا الاعتصام نؤكد على أهمية حركة الشارع المُغيَّب عن حركة الأحزاب والأنظمة العربية بشكل عام…

طموحي هو أن يعود الشعب إلى نفسه ويشعر بأهمية وجوده.. وهذا الغياب لدور الشعب أحمِّل المسؤولية فيه للأجيال السابقة عامة وما أفعله اليوم بكل بساطة كي أستطيع أن أجيب أبنائي وأحفادي عندما يسألونني في المستقبل: ماذا فعلت أنت؟!.. لابد من فعل شيء كي لا يخجل أبناؤنا منا…