بكالوريا 2003 ناجحون، راسبون.. لافرق

 ■ طلاب يلجأون إلى عالم آخر.. دون دروس...

■ محاولتا انتحار سجلهما مشفى المجتهد...

■ أستاذ الديانة يتهمه بعبادة الشيطان...

■ سباق ما بين المواقع الإلكترونية...

موسيقا الفاشلين...

●● غيث ابن الثامنة عشرة، والذي طالما أيقن أن لأزمة خليج الخنازير، أسباباً، غابت عن ذاكرة مؤلفي كتاب الثقافة القومية، وأن للخرائط الجغرافية، ضفافاً أوسع من كونها حاضنة للفوسفات والمنغنيز وقصب السكر، وأن لابن رشد فضائل تتعدى كونه عربياً من قبيلة عربية، وأن للغة لذة لاتشبعها أناشيد سليمان العيسى... ابن الثامنة عشرة هذا، سيقودنا إلى القبو / الاستديو الذي استأجره وأصدقاؤه، حيث الشعر الطويل، والأقراط المعلقة في الآذان، والبنطلونات الممزقة عن سابق إصرار، والآلات الموسيقية الموزعة في المكان، ثلاثة منهم كما أفهمني خرجوا معه من معركة البكالوريا خاسرين:

«كما ترى، هنا مكاننا، درسنا ما فيه الكفاية، ولُقِنا الدروس ما يشبعنا ثقافة، هنا لاأحد يلقن أحداً درساً، جميعنا يعزف لجميعنا»..

سامي الذي «مارس» البكالوريا ثلاث مرات، يصر على إسماعنا معزوفة لـ«فرقة قيد التأسيس» سيسمونها ربما (the basement) أي القبو، فيما سيسمون المعزوفة: «للفاشلين فقط»..

«تلك الموسيقا مخصصة للطلاب الراسبين في البكالوريا، والسابقين منهم واللاحقين، أو بمعنى آخر، مخصصة للفاشلين»..

عامر أو (جاسم) كما يفضل أن نناديه، يشارك سامي الضحك و:

«لدى فرقتنا شيء جديد نحضره الآن، هذه المرة ليس للطلاب الفاشلين، إنما للمناهج الفاشلة للتعليم الفاشل، والمدارس الفاشلة.. سنحاول أن نعزف لهم، رغم أنهم لايستحقون حتى الضجيج»..

●● هادي سيهدي المعزوفة إلى أستاذ التربية الدينية كما أوحت لنا صديقته جويل:

«لأنه مازال يتهم هادي بعبادة الشيطان.. ولأنه لايعرف أن لخالد بن الوليد شعراً طويلاً كشعر هادي...»

طريقك مسدود.. مسدود

«حققنا قفزة كبيرة هذه السنة، إذ أن المهندسين والفنيين في وزارة التربية، تمكنوا من ربط التقنيات الحديثة، بقواعد البيانات، لتأتي البيانات مشتملة على إحصائيات دقيقة وتفصيلية، لدرجة علامات الطالب، وترتيبه في الجمهورية والمحافظة والمدرسة. هذه الخطوة وفرت علينا وعلى الطلاب الكثير من الوقت، ومكنتهم من الحصول على نتيجتهم من مواقع شبكة الأنترنت..»

«هناك أنظمة جديدة ستتبع، لاسيما نظام تثقيل المواد الذي سيعطي لبعض المواد وزناً يفوق بعضها الآخر، تبعاً للفرع الذي سيسجله الطالب في المفاضلة..»

●● على جانب آخر، (أيسر) مسكون بهم مختلف، فالمائتان والعشرون علامة قد لاتكفي، لإضافة حرف الدال إلى ما قبل اسمه الأول:

«ففي السنة الأولى، حصلت مجموعاً متواضعاً قياساً مع درجات المفاضلة، وفي الثانية، بذلت جهداً إضافياً، ودفعت ما تحتي وفوقي للدروس الخصوصية والدورات، والملخصات، ولايزال المجموع قليلاً..»

يعتبر (أيسر) المبالغة في رفع درجات المفاضلة، والجامعات الخاصة التي أنشئت مؤخراً ولاتزال والتي أثرت على الجامعات الحكومية، ونظام تثقيل المواد الجديد الذي أربك حسابات الطلاب في تخطيطهم لدراسة المواد، وعجز الجامعات الحكومية عن القيام بوظيفتها في الاستيعاب، وقانون وزارة التربية الذي يمنع الطالب من الإعادة بعد النجاح الأول« يعتبرها جميعاً أسباباً مقنعة، لإقصاء أي طالب عن تحقيق حلمه»..

●● وهل الطب حلمك فعلاً؟

«بصراحة لا، ولكن هندسة الكهرباء ليست حلمي أيضاً..، ومن ثم ليس بالضرورة أن نحلم بقدر ما من الضرورة أن نعيش...»

محاولتا انتحار

<< إلى قسم الإسعاف في مشفى المجتهد، نقلت فتاتان خارجتان للتو من صدمة نتائج الثانوية العامة، والصدمة لم تكن وحدها في الطريق السريعة للوصول إلى سرير الإسعاف، فالطبيب الذي عاين كلتيهما، أوصى بعملية غسيل معوي للأولى، باعتبار المسحوق الذي يقضي على الجرذان، بمقدوره أن يقضي على البشر أيضاً، كما أرسل الفتاة الثانية إلى الجناح المخصص لكسور العظام، وهو يقول لوالدتها: «ياأختي، من ينوي الانتحار، لايرمي نفسه من الطابق الأول، إنما من العاشر على الأقل..»، في نصيحة تبدو للوهلة الأولى، حكمة لصباح يوم مشرق...

ما قبل إعلان النتائج

●● الحضور الثقيل ميز شركتي الخليوي، الحاضرتين في كل زمان ومكان. ففي اللحظات التي خيم الترقب فيها على أجواء البلد، أرسلت الشركتان ما ينوف عن الثلاثمائة ألف رسالة إلى مشتركيها:

«عزيزي المشترك، اتصل على الرقم....، واحصل على نتائج تفصيلية لامتحانات البكالوريا بـ(25) ليرة سورية»..

في لحظة حرجة كتلك، لن يفكر أحدهم بسعر الخدمة المرتفع، ولن يعجز طالب عن تدبر أمره بإرسال رسالة، هذا إن لم تزدد الدعوات التبشيرية لاقتناء الخطوط الخلوية، وفي النهاية: (بيان كاذب)..

●● على شبكة الأنترنت، وفيما كان خبراً مبهجاً للطلاب السوريين، أعلن موقع (بكالوريا) التابع لوزارة التربية وبعض الشركات الخاصة، عن خدماته الطلابية، في تأمين وصول النتائج لمشتركي الأنترنت، قبل تعليقها على الجدران، مما قاد المئات من الطلاب، إلى الاصطفاف بالدور أمام مقاهي الأنترنت، وآلاف مؤلفة منهم لزيارة الموقع على مدار الساعة، دونما أن ينالوا ما أملهم به من وصول سريع للنتائج، ليسبقه في ذلك موقع آخر، انتشر اسمه بسرعة انتشار نكات الجنس بينهم، ليحقق السبق وليحسم المعركة..

مابعدها..

ما بعدها يستوي الناجحون والراسبون، فجميعهم ينتظر ما تبقى.. وربما تبقى لهم القليل:

■ جرعة إضافية من الترقب؟

■ حزمة من اليأس؟

■ ظلال مفتوحة على أسئلة دونما أجوبة؟

ربما، وربما يصارعون الوقت، فيما شيء ما يشدهم إلى الوراء..

 

■ المحرر