ك. ن ك. ن

مقتل شاب نتيجة الفساد والاستهتار و«درويش» يحمل بلدية السيدة زينب المسؤولية ويطالب بإعفاء رئيسها

أسفر سقوط بناء مخالف في منطقة السيدة زينب عن مقتل الشاب أسامة البدوي الذي يبلغ من العمر (23 عاماً).

وحسب شهود عيان فإن الحادثة وقعت بعد الساعة الثامنة من مساء يوم الأحد المنصرم، حين انهار جدار في الطابق السادس من المبنى الواقع بين بنائي الهاشمية والرحمن في شارع الروضة، مما ادى إلى تحطم سيارة السوزوكي الذي كان بداخلها المغدور (أسامة البدوي) أثناء وقوفها أمام البناء المطل على الشارع، حيث سارع الأهالي على الفور إلى نقله لمشفى الإمام الصدر بالسيدة زينب، ليتوفى في اليوم الثاني تحت تأثير نزيف حاد في الأنف والحنجرة والفم والرأس.

وأفاد مركز شرطة السيدة زينب «بأن البناء الذي وقع فيه الانهيار هو بناء جديد غير مكسي، ومؤلف من ستة طوابق، حيث انهار جدار من الطابق السادس يبلغ ارتفاعه أكثر من مترين ونصف على الطريق العام بطول (20) متراً، مما أدى إلى تحطم سيارة سوزوكي تحطماً كاملاً ووفاة الشاب أسامة البدي الذي كان بداخلها، إضافة إلى خسائر مادية تمثلت في قطع خط كهربائي بطول (120) متراً، وآخر بطول (50) متراً وإصابة عدداً من أعمدة الكهرباء بالعطب، كما لاحظ ضبط مركز شرطة السيدة زينب أثناء الكشف عن البناء المنكوب وجود رافعتين جديدتين في الطابق الخامس كانت تستخدمان لرفع مواد البناء إضافة إلى وجود رمل وبحص وبلوك مصفوفة فوق بعضها البعض أمام البناء.

وحسب الضبط أيضاً «فإن رئيس بلدية السيدة زينب قد رفض طلباً من الشرطة بإرسال مهندس من أجل إجراء الخبرة الفنية للبناء المنكوب، لتقدير تأثير الهدم على الأبنية والطوابق الأخرى، بحجة عدم وجود مهندسين، لكن مصادر مطلعة على الموضوع أكدت عدم دقة كلام رئيس البلدية، مشيرة بأن رفضه إرسال لجنة خبرة إلى البناء المنكوب جاء كي لا ينكشف سر الأبنية المخالفة التي تحيط بالبناء المذكور والتي أشيدت على مرأى من أنظار رئيس البلدية وأجهزتها.

من جهته أفاد «محمود علي بكر» الذي يعمل موظفاً لدى بلدية السيدة زينب لمركز الشرطة بأن «البناء المنكوب هو بناء مخالف بموجب ضبط يحمل الرقم (17) تاريخ 16/03/2006 ومسجل باسم عدنان يوبا ومحمد الأمين طالب، إضافة إلى وجود قرار هدم يحمل الرقم (66) تاريخ 19/03/2006 وإحالة المخالفة إلى النيابة العامة في ببيلا وذلك كون البناء عبارة عن كتلتين: الأولى تعود ملكيتها لمحمد سعيد يوبا، والثانية لعدنان يوبا».

وأضاف موظف البلدية بأن «البناء المذكور سبق وأن ختم بالشمع الأحمر بموجب الضبط رقم (41) تاريخ 19/06/2006 لمخالفته الأنظمة والقوانين، والتجاوز الحاصل على نسبة البناء الممنوحة للرخصة رقم 28/29 تاريخ 25/08/2005 والرخصة رقم 27/20 للعام نفسه، وذلك لحين تسوية البناء وإزالته في حال عدم الإمكانية وفق نظام الضابطة المعمول به في العقار (512) قبر الست».

لكن الأهالي من جانبهم أكدوا عدم صحة ما ورد في شهادة موظف البلدية، الذي حاول تغطية الفساد الموجود في بلديته بضبوط هي غالباً تبقى حبراً على ورق، وذلك تحسباً لأية لجنة تفتيش أو تحقيق إذا تطلب الوضع، وإلا ما المبرر وراء ارتفاع الطوابق المخالفة إذا كانت  البلدية تسجل كل تلك الضبوط، رغم أن الأهالي يومياً يقدمون الشكاوى إلى البلدية حول الأبنية التي ترتفع على ستة طوابق وأكثر دون أية دعامات قوية.

وعلى الرغم من أن القانون رقم (1) الذي صدر في العام (2003) قد منح البلديات سلطات واسعة في مجال قمع السكن المخالف، إلا أنه أفرغ من محتواه تماماَ تحت سطوة الفساد الذي ينتشر في هذه البلديات والأموال الطائلة التي تديرها تجارة السكن المخالف، إضافة إلى غياب خطة متكاملة لدى الدولة لتأمين السكن لمواطنيها.

بدوره هاجم السيد عدنان درويش عضو مجلس محافظة ريف دمشق في تصريح خاص ل«قاسيون» الفساد الموجود في بلدية السيدة زينب، محملاً المسؤولية لرئيس وأعضاء المجلس البلدي والمكتب الفني فيها.

وأضاف درويش أنه «منذ سنتين ونصف وأنا أقدم مجموعة من المخالفات مع الصور إلى اجتماعات مجلس المحافظة وأمام جميع الأعضاء، لكنها كانت دائماَ تذهب إلى الرقابة الداخلية وتبقى هناك؟ ولم تهدم أية مخالفة، بل لم يأت حتى الرد عليها، ثم تقدمت بعدها بمجموعة أخرى من المخالفات مع أسماء أصحابها، لكن أحداً لم يتحرك من أجل القيام بشيء».

ويضيف درويش «في جلسة مجلس المحافظة المنعقدة بتاريخ 02/07/2006 صباحاً (أي قبل 8 ساعات من انهيار المبنى المذكور) طالبتُ بحضور رئيس بلدية السيدة زينب للحديث أمامه لأن المخالفات التي يتم بناؤها في بلدته، وكان جواب السيد المحافظ بان قال: «يا سيد عدنان إذا كان هناك شكاوى فلتقدمها لنا لنرسلها إلى الرقابة الداخلية» فقلتُ له بأن الشكاوى قبل سنة كانت على طابق، والآن أصبحت على أربعة طوابق وتسعة طوابق ولم تعمل الرقابة الداخلية أي شيء بخصوصها.

وقدمتُ لهم أيضاَ شكوى أحد المواطنين بشأن (11) مخالفة بناء في السيدة زينب برقم (2533ر.س.م)  تاريخ 18/06/2006 حيث كانت إحدى هذه المخالفات تتركز حول البناء المنكوب الذي أدى إلى مقتل الشاب (أسامة البدوي) في اليوم نفسه.

وأشار السيد درويش إلى أن «العديد من رؤساء البلديات قد اعفوا من مناصبهم باستثناء رئيس بلدية السيدة زينب التي تعج بلدته بالمخالفات وأمام مرأى وأنظار الناس، ومع ذلك فإنه ما يزال في مركزه ويمارس كل أنواع المخالفات من بينها قبض أجور على المحلات في العقار (239) بملايين الليرات منذ أكثر من سنتين ودون إعطاء أي إيصال ؟» مضيفاً بأن المكتب التنفيذي في المحافظة يجب أن يتحمل مسؤولياته تجاه المواطن الذي ذهب ضحية مخالفة بناء، مطالباً في الوقت نفسه بوضع رئيس البلدية مع كامل أعضاء المكتب التنفيذي والمكتب الفني في السجن لإجراء التحقيق معهم.

يذكر أن نسبة السكان القاطنين في مناطق المخالفات بدمشق قد وصلت إلى 45% من إجمالي عدد سكانها لأسباب تتعلق بارتفاع أسعار العقارات في المناطق النظامية وتقصير الحكومة في معالجة موضوع السكن، خاصة بعد السياسات الليبرالية التي انتهجتها في العقدين الأخيرين.