ما هو مصير «التحقيقات المستمرة» لدى الجهات العامة؟!
كثيراً ما ترد عبارة «التحقيقات مستمرة لكشف جميع المتورطين وإجراء اللازم بحقهم» عبر الجهات الرسمية المعنية بضبط المخالفات، أو بمتابعة الجرائم التي يقوم بها البعض، على حساب أمن المواطن أو على حساب معيشته.
الكثير من الضبوط نظمت بحق المتلاعبين بقوت المواطن من قبل عناصر التموين، وخاصة تلك المتعلقة بتهريب الدقيق، أو المتعلقة ببيع وترويج مواد منتهية الصلاحية، أو ليست صالحة للاستهلاك البشري، كما الكثير منها نظم بحق مروجي المخدرات والمتاجرين بها من قبل عناصر وزارة الداخلية، وغيرها الكثير من هذه الأمثلة والنماذج من آليات ضبط المخالفات، التي تقوم بها العديد من الجهات العامة الأخرى، وفقاً لمهامها وصلاحياتها، والتي تمس حياة المواطن بشكل مباشر ويتم الإعلان عنها رسمياً، بالإضافة لما تحمله هذه النماذج والأمثلة من انعكاس مباشر على الواقع الاجتماعي والاقتصادي والأمن الوطني عموماً.
مضمون المخالفات السابقة وحجمها، تستدعي غالباً أن يكون للمتلبس بها بعض الأعوان، كما بعض المستفيدين، المباشرين أو غير المباشرين، وذلك ما يفرض على منظمي الضبط في الجهات العامة المسؤولة أن يتركوه مفتوحاً لحين استكمال الإجراءات المتعلقة بهذا الجانب، وتحديداً على مستوى معرفة بقية المتورطين، كما ويتم الإعلان رسمياً من قبل الجهات الرسمية المسؤولة عن تنظيم هذه الضبوط بالعبارة المذكورة أعلاه «التحقيقات مستمرة لكشف جميع المتورطين وإجراء اللازم بحقهم».
بالمقابل، نادراً ما يتم الإعلان من قبل هذه الجهات نفسها عن مآل استكمال هذه التحقيقات، والكشف عن ملابساتها وبقية المتورطين فيها، وكأن مفعول هذه العبارة يقف عند حدود تدوينها فقط، فلا متابعة ولا كشف عن بقية المتورطين ولا من يحزنون، أو أن هذه الجهات تقوم بمهامها على هذا الجانب، ولكنها تعتبر أن هذا الاستكمال للتحقيقات لا يعني المواطن، لذلك لا تلجأ للإعلان عنه!.
ولعلنا بهذا الصدد نطالب الجهات المعنية بضبط المخالفات، بمختلف تبعياتها الرسمية، بأن تعلن عن مآل استكمال تحقيقاتها، وما وصلت إليه من نتائج على مستوى بقية المتورطين بالمخالفات والجرائم، كما أعلنت عن مقدماتها، عسى نلمس أن موضوع ضبط المخالفات والجرائم تجاوز العبارات المدونة والمسوقة، عبر الإعلام لحدود الحيّز العملي التنفيذي، بحيث تطال المتورطين جميعهم فعلاً، كون هذه المخالفات والجرائم تتعدى عن كونها ذات طابع وبعد فردي، إلى كونها ذات طابع جماعي، على مستوى التخطيط والتنفيذ والاستفادة والمسؤولية الجرمية، ناهيك عن أبعادها على المستوى الوطني.