من تاريخ الشيوعيين حوار عجيب جريء : بين الدكتور صلاح خالص ونوري السعيد.. ما أكثر المناضلين الشيوعيين المجهولين
عندما قال الجواهري في رثاء المعري: لثورة الفكر تاريخ يذكرنا بأن ألف مسيح دونها صُلبا
قلنا بل أكثر من ألف، بل أكثر من ملايين..
وهذا واحد من هذه الملايين هو الدكتور صلاح خالص من أساتذة جامعة بغداد كتب عنه (محمد حسين الأعرجي) في كتابه «في الأدب وما إليه» مقالا ً عنوانه: (لماذا تناسينا صلاح خالص) نكتفي منه بالحوار الذي جرى بينه وبين نوري السعيد، وجاء فيه:
(ولصلاح قصة أخرى مع نوري السعيد ـ وأنا زميله ـ هي أنه حين رجع من معسكر السعدية مفصولاً من عمله في جامعة بغداد فتح هو وزميله الراجع المفصول مثله الفقيد الدكتور فيصل السامر مطعم كباب في شارع الرشيد ثم أعلنا عنه بأن وضعا على واجهته لوحة تقول:
مطعم كباب الجامعة.. لصاحبيه: الدكتور صلاح خالص والدكتور فيصل السامر
ولوحة كهذه أبلغ من أي منشور سري يومئذ، لا في أيامنا هذه.. إذ كيف يكون أستاذان يحملان لقب دكتوراة صاحبي مطعم كباب.
وأدرك شرطة القلم السياسي هذه المفارقة، فبلغ ما كتبوه عنها مسامع نوري السعيد، فما مرت أيام حتى وقف شرطي يستدعي صلاحاً إلى مقابلة الباشا (يعني نوري السعيد) فساله صلاح:
- متى؟
- الآن..
وقابل أبو أسعد (صلاح) الباشا فلم ينتظر كما روى الحادثة لي كثيراً في غرفة مدير مكتبه، واستقبله نوري بأن نهض من على مكتبه إلى اريكة يستقبل فيها الضيوف فبادره:
نص الحوار..
قال نوري السعيد لصلاح:
- شنو معنى هذا المطعم؟
- باشا نريد نعيش وإلا نموت من الجوع!
- يعني ما لكيتو له اسم غير مطعم الجامعة؟
فأجابه متباهياً:
اشبيها باشا، إحنا أساتذة بالجامعة ونحب شغلنا
- زين، كان لازم تكتبون لصاحبيه الدكتور صلاح خالص والدكتور فيصل السامر؟!!
- باشا هذا لقب أنا أخذته بجهدي من فرنسا، وفيصل أخذه من القاهرة!
- أوه، خيك أنت دوخة، ليش ما تترك الشيوعية وتخلصنا؟
- وأنت ليش ماتترك بريطانيا باشا؟
- لأني أشوف مصلحة العراق ويَه بريطانيا
- وأنا أشوف مصلحة العراق بالشيوعية.
- هاي شلون؟
- مثل ما تشوف إنت باشا مصلحة العراق ويه بريطانيا أنا أشوفها وي الاتحاد السوفييتي.
- هَسه صلاح. انت عرّضتها وطوّلتها؟ تنطيني كلام متسوي أنت وصاحبك الطلاب الشيوعيين.
- باشا. إحنه بالكلية اساتذة مو غير شي.
واتصل نوري السعيد بوزير المعارف يأمره بإرجاع الجليلين صلاح والسامر إلى وظيفتهما في الجامعة..)
انتهى الحوار
كتاب ( في الأدب وما إليه)
تأليف: محمد حسين الأعرجي
إصدار ( دار المدى) بدمشق 2002 ـ ص88 ـ 90
عبد المعين الملوحي