معاقبة الأطباء المقيمين في مشفى المجتهد دون التحقيق معهم
يبدو أن الأطباء المقيمين في المشافي الحكومية هم الحلقة الأضعف فيها، كونهم يعيشون أوضاعاً صعبة جداً على الرغم من عملهم الحساس ومناوباتهم المتواصلة والطويلة، التي تؤكد أن معظم العمل الطبي في هذه المشافي يقوم على كاهلهم، ورغم ذلك يعانون الأمرّين من الإجحاف بحقهم وسوء معاملة إدارات المشافي لهم، حتى أصبح شأنهم أقل من شأن أي موظف يعمل في المشافي.
مناسبة هذه المقدمة هي العقوبات التي طالت بعض الأطباء المقيمين في مشفيي ابن النفيس، والمجتهد (مشفى دمشق) ضمن جملة القرارات والإجراءات المتسرعة التي اتخذها وزير الصحة د. رضا سعيد بحق كل من مدير عام مشفى دمشق المركزي «المجتهد» د. (ع.ح)، (ثم إقالته بناءً على طلبه)، ومدير عام مستشفى مجمع ابن النفيس د. (خ.ح.ل) ورئيس قسم الأطفال في مستشفى المجتهد د. (م.ب)، لتقصريهم الحاصل في استقبال طفلين ضريرين مشتبه بإصابتهما بأنفلونزا الخنازير مساء الاثنين الموافق 19/10/2009.
فبغض النظر عن القرارات التي طالت المدراء ومدى صوابيتها، سنتوقف عند نقل كل من الأطباء المقيمين (ط.م) و(م.ج) و(م.د) والطبيبة (م.م) من مشفى دمشق «المجتهد» إلى مركز عش الورور الصحي لمدة ثلاثة أشهر فقط.. فقد وضعت بعض وسائل الإعلام الحكومية المرئية والمكتوبة في تناولها للموضوع الصالح والطالح في مرتبة واحدة، وأكدت - معتمدة التعميم - أن وزارة الصحة أصدرت هذه العقوبات بحق المدراء والمقيمين في مشفى المجتهد لرفضهم استقبال الطفلين خوفاً من إصابتهم بمرض أنفلونزا الخنازير، أما معاقبة أطباء مشفى ابن النفيس فجاءت بحجة رفضهم لحالتين دون تقديم أي سبب يذكر، الأمر الذي دعا بأهل الطفلين إلى أخذهما لمشفى الهلال الأحمر.
لكننا سنوجه سؤالاً هاماً هنا، وهو: هل أجرت وزارة الصحة التحقيق اللازم مع كل من تمت معاقبته، خاصة الأطباء المقيمين الذين لا حول لهم ولا قوة بما حصل ويحصل، علماً أن هؤلاء المقيمين مظلومون أصلاً سواء أمام إداراتهم أو أمام شروط العقد المبرمة بينهم وبين وزارة الصحة؟
إن ما حدث في مشفى المجتهد لا يتحمل أي من الأطباء المقيمين مسؤوليته، وكل مسؤول في وزارة الصحة يعلم علم اليقين أن قسم الإسعاف يتم تصويره بكاميرات مراقبة على مدى /24/ ساعة، وهناك /CD/ مسجل بالصورة والصوت يوضح كل ما حصل مع الأطباء المقيمين ومن كانوا مع الطفلين، وهذا الكاسيت يقدم دليلاً قاطعاً لتبرئة هؤلاء الأطباء الذين شُهّر بهم من بعض الإعلاميين حين تم نشر أسمائهم الصريحة على أنهم (مقصرون)، وهذا مخالف لقانون المطبوعات السوري.
إن الـCD يوضح أن المنظر العام للطفلين كان جيداً ولا يستدعي وضعهما على سرير بدل أي طفل آخر، ومن ثم يؤكد أن التحليل الذي كان يفضل إجراؤه غير موجود في مخابر المشفى، والأخطر أن الجهاز الخاص بهذه التحاليل موجود ولكنه لم يركّب فمن يتحمل هذه المسؤولية، الأطباء المقيمون أم الوزارة؟ إن كل الحقائق والقرائن والشهادات تحتم على الوزارة إعادة التحقيق في القضية، ومن ثم إعادة الاعتبار للأطباء المقيمين الذين لا ذنب لهم في كل ما حصل.