لا ناقة لنا ولا جمل!

سأبدأ من حيث ينبغي على المرء أن ينتهي، وذلك لأنني لست بصدد إعداد قراءة للعملية الانتخابية برمتها والتي جرت مؤخراً في شوارع مدننا ومحافظاتنا، بقدر ما تدفعني الرغبة للحديث عن بعض النقاط التي شاهدها أغلبنا على الملأ وتحت عين الشمس. وذلك خلال الأيام العشرة التي سبقت يوم الاقتراع..

ولعل تلك المواقف قد مر بها كثير من المواطنين الذين يتابعون ما جرى على أرض الواقع والمجانب لما ذكرته وتذكره وسائل الإعلام في بعض الأحيان، فتحت الجريدة الرسمية بل فتحها آلاف المواطنين منذ حوالي الأسبوع، لنفاجأ بصورة المرشحين «الكبار»، مذيلة بعبارة «انتظروا هديتكم من المرشح» بتاريخ 27/2/2003، وهذا ما أثار  استغرابي واستغراب كثير من الناس الذين اعتبروه رشوة علنية، فوق الصحف والجرائد الرسمية، إلا أنه وفي اليوم التالي وفي الجريدة نفسها، قرأنا إعلاناً في نفس الصفحة السابقة تتضمن اعتذاراً عن الهدايا لأسباب «فنية قاهرة».. هي التي دعتها لتكتب ما كتبته. وهنا أتساءل أي الأسباب الفنية تجعل صحيفة تخل بأدنى المعايير التي يجب أن تسري عليها الصحافة وخصوصاً خلال فترة الاقتراع. أي فترة التأثير على أصوات الناخبين. وخاصة أن هذا الخطأ «الفني القاهر» أثار فضول أناس، يقتلهم الفضول لمعرفة ما هي هديتنا من المرشح العزيز، وما هي قيمتها وبأي مناسبة تقدم، ولماذا لم يقدمها سوى في فترة الانتخابات.

■■ أمر آخر، حرك تساؤلاتنا  المكبوتة وهو لجوء بعض المرشحين من «مصممي الأزيا» إلى الاستعانة بفتيات لا ينقصهن اللطف ولا الجمال، وهن على الأغلب من عائلات فقيرة إلا من الكرامة، يستخدمونهن على بوابات وليست أبواب الخيم الانتخابية. عسى ولعل هذا الجنس اللطيف يقنع الجنس «الكثيف» بأن ينتخب مرشحاً لا يعرف أحد عنه شيئاً سوى أنه من أصحاب الشركات الخاصة والقبضات الحديدية وهذا ما لا يبلع، حتى لو كان من أمام دار لعرض الأزياء، فما بالك في جو انتخابي «ديمقراطي نزيه».

■■ أما النقطة الثالثة التي رأيتها ورآها كثير من الموظفين الذين يعملون في شركات تتبع للقطاع الخاص أن بعض مدراء تلك الشركات وهم من رجال السوق وتجارها كانوا قد ذهبوا بهدف المصلحة العامة لانتخاب مرشح معين يتعاملون معه من خلال شركاتهم وبالطبع المصلحة العامة «المال» فوق الجميع وتجاوز القوانين متاح. إذا ما كان يدر أرباحاً، وبالتالي سحبت البطاقات الانتخابية من الهيئات في شركتنا والشركات الأخرى لتخدم المرشح المذكور، أما نحن فلا ناقة لنا ولاجمل، سوى علب من الشاي وأقلام من البلاستيك وساعات يد تشتري أصواتنا وتذكرنا أن الوقت قد داهمنا دون أن نستطيع فعل شيء، لحماية أصواتنا «المهددة بالانقراض».

■■ أذكر هنا أن تلك التجاوزات التي تحصل لم تمنع من وجود مرشحين وطنيين، لا تنطبق عليهم قواعد السوق وتقاليده، ولا يستثمرون أصوات الناس في السوق السوداء. ولعل الكثيرين منهم لم يستطيعوا أن يوصلوا ما لديهم إلينا، في تلك الزحمة الهائلة والمنافسة الشديدة والتي لم تكن لتمكننا من أن نراهم في العتمة، لأن أضواء الدعايات مسلطة على غيرهم.

 

■ سليمان نصرالدين