الجمعيات السكنية.. والفساد من بوابة الأحلام
آخرُ مِفتاحٍٍ حصلنا عليه من مفاتيح مغارة علي بابا والأربعين حرامي، هو مفتاحُ الجمعيات التعاونية السكنية المتعددة الأشكال والأحجام، للفلل والشقق والاستراحات والمزارع.. والتي يستغلّ فيها بعض القائمين عليها أحلام المواطنين الفقراء بمسكنٍ يؤويهم مع زوجاتهم وأطفالهم من حرّ الصيف وبرد الشتاء.. وما يلفت في هذا الموضوع هو تعدد أحوال ومصائر هذه الجمعيات..
فهناك جمعيات اندثرت، ولم يجر بحثٌ بأسباب ذلك كالمشروع الثاني لنقابة المعلمين الذي مضى عليه نحو ثلاثين سنة ولم ينجز إلى أن اختفت أخباره.
وهناك جمعيات مدعومة استمرت بميزات كبيرة، لكن تحولت المضاربة بها إلى مصدر غنىً فاحش قبل أن تبدأ، لأنّ القائمين عليها ذوو نفوذٍ، وخاصةً لمجالس إداراتها الذين سجلوا لهم ولزوجاتهم ولأولادهم الكبير منهم والصغير وللمقربين منهم، ثمّ باعوها بأرباح دون أي جهد وذلك على حساب المواطنين..
وهناك جمعيات خصصت لأغلب المسؤولين فيلاّ باسمهم أو باسم غيرهم، قبل أن تُخصص للمنتسبين لها، حتى تضمن تسهيل الأمور والتغطية على كلّ التجاوزات، بل أنّ إحدى الجمعيات لم تخصص بمقاسم لأنّ إدارتها رفضت أن تُعطي من مقاسمها نسبةّ للتصرف بها، وجمعيات لا تلتزم بالتسلسل في الانتساب، وابتدعت مسألة المنتسب والمكتتب، فنجد منتسباً قد سدد مبالغ كبيرة ولم يُخصص لأنه لم يُبلغ ولم يكن يعلم أو لم يكن موجوداً للاكتتاب ورقمه يسبق غيره، ومُكتتباً بعده خصص بمقسمٍ وما سدده من مبالغ قليل جداً.. أي كما يقول المثل الشعبي: من لم يحضر عنزته تلدُ جدياً!؟
وهناك جمعياتٌ خُصصت بمساحاتٍ كبيرةٍ لأنها مدعومة، أما الجمعيات غير المدعومة فخصصت بنصف سابقتها على الأكثر، وبعضها بربعها.. بل إنّ هناك جمعيةً خُصصت بأرضٍ، وليس لديها منتسبون حتى تاريخ 1/6/2009.. فما هي المقاييس التي اتبعت في ذلك التخصيص؟؟
ما ذكرناه، لمن أراد من المسؤولين الشرفاء المتابعة، تثبته الوقائع والقرارات والكُتب، ولم نخض في التفاصيل لأن كل فقرة من الفقرات الواردة أعلاه تحتاج إلى حيز واسع.
ولكن لا ضير من ذكر آخر ما وصل إلينا في هذا الصدد، وهو الكتاب المقدم لمحافظ دير الزور بإدخال 500 دونم وكل مقسمٍ فيها ما بين 500 و600 م 2، يحوي ما بين ستٍ وثمانِي شققٍ، مع وجيبةٍ أمامية وأخرى خلفية، خلف معسكر طلائع البعث (جنوب غرب مدينة دير الزور) بتخصيص الجمعيات التعاونية السكنية بناءً على اللجنة المشكلة بالقرار 2699/ق تاريخ 16/4/2009 بتوقيع مدير ورئيس الاتحاد التعاوني السكني، ورئيس مجلس المدينة، ونائب رئيس المكتب التنفيذي في المحافظة، وممثل حزب البعث، وبمصادقة محافظ دير الزور!؟
يبقى أن نقول: إنّ تأمين مسكنٍ مقبول للمواطنين وأسرهم وأطفالهم هو حقٌّ لهم وليس مِِنّةً من أحدٍ، وهو يحقق لهم بعضاً من مقومات كرامتهم، التي يجب أن تكون فوق كلّ اعتبار .