البوكمال.. انتشار وباء التهاب الكبد الفيروسي 

لم يعد المواطن في البوكمال يعرف إلى أين يلتفت ليجد ما يسره.. فكل الجهات مليئة بالمنغصات والآلام، فمن جهة البطالة وانعدام فرص العمل التي طالما حلم بها وركض وراءها كثيراًً ومايزال دون جدوى، ومن جهة الأوضاع المعاشية المتردية بالنسبة لمن يعملون وما أقلهم، ومن جهة ثالثة الخدمات العامة التي لا تكاد تذكر، وخاصة في المجال الصحي حيث بدأ ناقوس الخطر يدق بكل قوة، ولا يوجد هناك من يسمع، وإذا سمع لا يستجيب.. 

نقول هذا الكلام في ظل انتشار وباء التهاب الكبد الفيروسي في المنطقة الشرقية عموماً، وفي البوكمال على وجه التحديد، حيث بلغ عدد المصابين في مدينة البوكمال وريفها ما يقارب عشرة آلاف مصاب أو أقل بقليل.. وبنظرة سريعة إلى هذا الواقع نجد أن القائمين على الشأن الصحي، وتحديداً وزارة الصحة ومديريتها في دير الزور، قد تراخوا كثيراً في التعاطي مع هذا الوباء، ليس هم فقط، وإنما جميع المعنيين بسلامة المواطنين وعلى رأسهم الجهات البلدية والبيئية، ففي جولة ميدانية قمنا بها في قرية الغبرة القريبة جداً من مدينة البوكمال، التي تضم عائلات بأكملها مصابة بالفيروس، اكتشفنا أن أحد أسباب انتشار الوباء هو ذاك المجرى المائي المكشوف الناتج عن عملية استصلاح الأراضي في القرية، حيث تعشش فيه جميع الحشرات الناقلة لهذا المرض، بالإضافة إلى جميع أنواع الزواحف الخطرة.

فلو فكر المسؤولون بتغطية هذا المجرى الممتد لأكثر من /2/كم، بدل القيام بتعزيله سنوياً بملايين الليرات، لما حدثت الكارثة، ولكنهم أبقوه على وضعه القائم لأن التعزيل الدوري، (الصوري) عملياً، ما هو إلا باب من أبواب الفساد، رغم أن تكلفة تعزيل المجرى مرة واحدة كافية لتأمين نفقات تغطيته، وكان هذا الإجراء المجدي اقتصادياً وبيئياً وصحياً، سيساهم في الحد من انتشار وباء الكبد الفيروسي في قرية الغبرة التي ما هي سوى نموذج بسيط عن قرى أخرى بلغ فيها المرض ما بلغ..

 أما ما هو قائم في قلب مدينة البوكمال فهو أعظم وأخطر، ولا يعرف المراقب من أين يبدأ بتوصيف ما يحدث فيها، أمن الكلاب السائبة ليلاً في شوارع المدينة، أم من الأوساخ المتراكمة في شوارعها وأحيائها، أم من روائح العفونة الكريهة التي تهب من كل حدب وصوب وخاصة من جهة البساتين.. والحجة عند مجلس مدينة البوكمال ورئيسه أنه لا يوجد سوى ثلاثين عامل تنظيفات في المدينة..

فلماذا لا تُعالَج كل هذه القضايا البسيطة، ولكنها الهامة والحساسة؟ لماذا لا يتم تعيين عمال نظافة إضافيين؟ البلدية تشيع أنه لا يوجد اعتماد، ومحافظ دير الزور لا يوافق، والحكومة قد خفضت ميزانية بلدية البوكمال بمقدار مليون ليرة.. هذا ما قاله رئيس بلدية البوكمال، ولكن نحن نقول: إن ما صرف على مقهى البلدية وحده والذي وضع في الاستثمار مؤخراً بما يقارب مليوني ليرة سورية، يكفي لتعيين ثمانية عشر عامل نظافة على افتراض أن راتب الواحد منهم عشرة آلاف ليرة، وتكون البلدية بذلك أغلقت جزءاً من باب قلة العمل ونظافة المدينة..

الطامة الكبرى اليوم، إضافة إلى انتشار وباء التهاب الكبد الفيروسي، هو ظهور حالة (مرض الكلب) حيث أكد شهود عيان حالة هجوم كلب مصاب بهذا المرض على بقرة في قرية (الباغوز التحتاتي)، وهذا ينذر بخطر آخر يحيق بالمدينة وريفها، الأمر الذي يحتاج إلى حملة متواصلة للتخلص من الكلاب الشاردة وتأمين العلاج اللازم لمن يتعرض لداء الكلب قبل أن تقع المصيبة، فعندها لا ينفع الندم..

من جهة أخرى فإن أهالي البوكمال وريفها يطالبون بتأمين الأدوية المبيدة التي ترش بها الشوارع وخاصة مبيد (الكاوشرين)، درءاً لكل الأمراض التي باتت خطراً قائماً يهدد الحياة في المنطقة الشرقية.

 

■ البوكمال ـ تحسين الجهجاه