رفع سقف الملكية الزراعية.. آثار خطيرة 

بات معروفاً أن الحكومة أقرت مؤخراً مشروع القانون المتضمن رفع سقف ملكية الأراضي الزراعية، وهو ما كان وما يزال يعارضه الاتحاد العام للفلاحين والكادحون كافةً والقوى الوطنية على امتداد البلاد. 

وكانت جريدة «نضال الفلاحين» قد أكدت في أحد أعدادها السابقة وعبر عنوان عريض: «مشروع وزارة الزراعة برفع سقف الملكية الزراعية إحلال للرأسمالية محل الإقطاعية». والحقيقة أن مشروع القانون كان قد ووجه بالاستهجان والرفض من كل الأوساط الشعبية وخاصة الفلاحين، وقد ربط الكثير من المهتمين والمتابعين  هذا المشروع بالكثير من القرارات والقوانين السابقة، وخاصة تعديل قانون العلاقات الزراعية /56/ وبالتحديد المادتين /106-110/ ورفع أسعار المازوت والسماد، بالإضافة إلى خصخصة الكثير من شركات القطاع العام والتفكير بتخصيص البعض الآخر كالكهرباء وغيرها.. بحجة أن هذه الشركات خاسرة، وهي في الحقيقة ليست خاسرة بقدر ما هي مخسرة.

إن الكثير من الفلاحين فسر هذه القوانين بكونها إعادة نظر بقانون الإصلاح الزراعي، وكما هو معروف فإن قانون الإصلاح الزراعي الذي حدد سقف الملكية عام /1958/ شكّل خطوة هامة من أجل تحرير الفلاحين من الإقطاع وكبار ملاكي الأراضي، ومحاولات تجاوزه أو تغييره ليست وليدة هذه الفترة، فأيام حكم الانفصال حاول الإقطاعيون رفع سقف الملكية الزراعية، ولكن المعارضة حينها كانت قوية وجماهيرية، فتحالفت القوى الوطنية والتقدمية في مواجهة هذه المحاولات وأفشلتها وخاصة الحزب الشيوعي السوري وحزب البعث العربي الاشتراكي.

إذاً بفضل هذا التلاحم الوطني والمعارضة الجماهيرية تمكنت القوى الشريفة من إلغاء هذا التعديل الرجعي، وكل التعديلات التي أدخلت على قانون الإصلاح الزراعي، وآخرها القانون رقم /31/لعام /1980/، عملت بالاتجاه الذي يخدم الفلاحين، حيث خفضت من سقف الملكية الزراعية للحصول على أراضٍ جديدة وتوزيعها على للفلاحين المحرومين، ولكن ما الذي جرى لتحدث انعطافة معاكسة، رجعية ولا تخدم سوى الإقطاعيين الجدد؟؟

التعديل الرجعي الجديد جاء على الشكل التالي:

الأراضي المروية وخاصة منطقة الغوطة،20هكتاراً بدلاً من 15 هكتاراً.

وفي المنطقة الساحلية، 25 هكتاراً  بدلاً من  20  هكتاراً.

وفي منطقة البطيحة، 35 هكتاراً بدلا من  30 هكتاراً.

الأراضي التي تروى بالآبار في محافظة الحسكة والرقة ودير الزور، 55 هكتاراً بدلا من 45 هكتاراً.

وبقية الأراضي التي تروى بالرفع، 45 هكتاراً بدلا من 35 هكتاراً.

و طرطوس 35 هكتاراً بدلا من 30 هكتاراً.

وحدد سقف الملكية للأراضي البعلية في المناطق التي يزيد معدل الأمطار فيها على /500/ مم بـ/80/ هكتاراً بدلاً من /55/ هكتاراً، والأراضي التي  تتراوح فيها معدل الأمطار بين  /350/ و/500/ مم  بـ/120/ هكتاراً بدلا من /85/ هكتاراً.

أما المناطق التي تقل معدل الأمطار فيها عن /350/مم، ماعدا محافظة الحسكة والرقة ودير الزور، فوصل إلى /200/ بدلاً من /140/ هكتارٍ. وفي محافظة الحسكة والرقة ودير الزور /300/ هكتاراً  بدلاً من /200/ هكتارٍ.. وثمة مخاوف كثيرة أن تلي هذه التعديلات تعديلات أخرى أكثر إكراماً لأصحاب رؤوس الأموال لكي يفعلوا ما يريدون، بما في ذلك شراء ما تبقى من الأراضي لدى الدولة مستفيدين من بند «تشجيع المستثمرين» الذين كل ما فعلوه هو المضاربة بالعقارات والأراضي، وأهم ما حققه معظمهم هو تبييض أموالهم السوداء.

إن جماهير شعبنا تتذكر جيداً كلمات الرئيس الراحل حافظ الأسد في المؤتمرات الفلاحية: «توصياتكم قرارات لنا».. وأيضاً تصريحات رئيس الجمهورية د. بشار الأسد عندما قال: «كل ما يصدر يجب أن يخدم مصالح الجماهير الشعبية».. وهنا يجب التأكيد أن رفع سقف الملكية لا يؤدي بالنهاية إلا إلى ضرب مصالح الفلاحين وضرب الزراعة بشكل عام، بينما المصلحة الوطنية العليا تتطلب الاهتمام بالزراعة وبالقطاع العام وبمصالح الكادحين من عمال وفلاحين وصغار الكبسة، وليس المس بالمكتسبات التي تحققت لهم خلال عشرات السنين.

 

■ عبد العزيز حسين