دردشات برمجوا أحلامكم..

فكرت كثيراً وأنا أتقلب في فراشي، في قول عبد الحليم خدام بأنه سيعود إلى سورية، وفي طلبه الوقح من رئيس الجمهورية بالتنحي عن منصبه...إلخ، قلت لعلها تصاريح عنترية يغطي بها جبنه ويثبت بقايا ثقته بنفسه، لكنني تساءلت: هل انطلقت هذه التصاريح من فراغ؟

 

واسترسلت في مناقشتي الذاتية: إذا صرفنا النظر عن توقيت لقائه المشبوه بتلفزيون العربية، وعلاقته بالهجمة التآمرية الأمريكية الصهيونية على سورياصص، وقرارات مجلس الأمن المتصاعدة و... لكننا لا يمكن أن نتجاوز الخطر الداخلي، الذي يشكله رفاق خدام الفاسدون المنتشرون في أجهزة السلطة وخارجها، لأن كل مسؤول فاسد، هو قنبلة موقوتة للعدو الخارجي، وهو عبد الحليم خدام في الظل، ينتظر الفرصة المناسبة ليلتحق بنشاطه ويشد أزره، طالما أن المصالح الاقتصادية مرتبطة ببعضها.

  نومي القلق جرني إلى عالم الأحلام المضطرب، فرأيت في منامي، حشوداً في باصات كبيرة تتجه نحو المطار، تتصاعد منها نداءات: «رافقونا لنلعن خدام». حشرت نفسي في أحدها، وتجمهرنا أمام الباب الخارجي للمطار الذي تطوقه ثلة من الشرطة المدججة بالسلاح، تسمح للبعض فقط بدخول بهو المطار.

  من داخل البناء، تصاعدت زغاريد وأهازيج: أهلاً وسهلاً باللي جاي، وعندما أطل رأس خدام من الباب الخارجي، وهو شامخ الرأس، انطلقت هتافات:

  - الموت للخائن عبد الحليم خدام.

  - الموت الموت الموت.

  رددتها الجماهير الغاضبة بهدير أشبه بالرعد، وهجمت عليه تريد تمزيقه، إلا أن تهديدات رئيس الدورية، وأزيز الرصاص فوق الرؤوس، منع الحشد عن التقدم، ودخل خدام إحدى السيارات الفارهة التي انطلقت بسرعة قصوى، تتبعها المئات من مثيلاتها.

  فضحكت كثيراً، عندما قادني تفكيري إلى الموقف الحرج المزري، لهؤلاء الذين سكتوا عن فساد وجرائم خدام زمناً طويلاً عندما كان في السلطة وهتكوا ستره عندما تخلى عنها! ترى كيف سيبررون ازدواجيتهم، إذا عاد إلى مركز المسؤولية؟

  ثم رأيت ذلك الحشد العظيم قد تحوّل إلى مظاهرة عارمة سارت في الشوارع، تهتف ضد عودة خدام، وضد كل من هم وراءه من كبار الفاسدين في السلطة وخارجها، وكبار التجار والليبراليين والرأسماليين ورافعي شعار اقتصاد السوق والسوء الذين يتحينون الفرصة للانقضاض على الوطن.

  وعلى حين غرة، رفعت يدي، ولوحت بقبضتي المشدودة، وهتفت مع الهاتفين: «يسقط الفاسدون الكبار الذين ينهبون قوت الشعب وخيرات الوطن» فاصطدمت قبضتي بجانب السرير خلف رأسي، وافقت مذعوراً، وتلفت حولي ولعنت هذا الحلم المزعج، الذي جرّني إليه تفكيري قبل النوم في تصريح خدام بأنه سيعود إلى البلد. لكنني قررت أن أبرمج أحلامي وأعتاد على التفكير قبل النوم في قضايا مفرحة إيجابية للشعب والوطن، مثل إلغاء قانوني الطوارئ والأحكام العرفية، وسيادة القانون والحريات الديمقراطية، واشتداد قبضة الدولة على اقتصاد البلد ورقابتها على السوق، وزوال الغلاء وزيادة الأجور ومعاقبة كبار الفاسدين، لأعيشها على الأقل في الحلم.

 

 ■  عبدي يوسف عابد