الفصل المثير من مافيا الفساد في مديرية نقل حماة عشرات الوثائق تدين الفساد والرشوة.. والحبل على الجرار!!

إذا كانت مظاهر الفساد تشكو منها الدول كافة بشكل متفاوت، فإن مظاهرها في سورية تشعبت لتنخر المجتمع وتشل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ونصاب بالعجب والاستغراب عندما نطلع على عشرات الوثائق بعضها من القضاء ومن الأجهزة التفتيشية والأمنية التي تدين هذا المدير أو ذاك بالفساد والرشوة، ورغم ذلك يبقى هذا المدير وغيره في مواقعهم، ولكن ينتفي الاستغراب عندما نعلم أن هناك شبكة عنكبوتية تضم الكثيرين، وسوف نترك الوثائق تتكلم:

منذ استلام المهندس عبد الحسين صالح لمهامه في رئاسة مدرسة إجازات حماه، تم تحديد سعر إجازة السوق في المحافظة بمبلغ 13 ألف ل.س للخاصة و20 ألف ل.س للعامة، وأحاط نفسه بعدد كبير من الوسطاء والسماسرة منهم: (ياسر دعبول، وسامر الطالب، وجمال عرابي، وخلدون حلبية، وأحمد ديبان، وحسان حصرية، وحسين أبو أحمد وغيرهم).

منح المهندس عبد الحسين صالح إجازات سوق من مدرسة حماة لأشخاص أميين لايقرؤون ولايكتبون مقابل مبالغ خيالية وصلت إلى 12 ألف ل.س، عدا الرسم للخاصة. و 20 ألف ليرة للعامة خلافاُ لكل الأنظمة، ومثال ذلك المواطن الأمي طلال الحلبي الذي دفع 12 ألف ل.س مقابل إجازة خاصة علماً أنه لايقرأ ولايكتب في وقت كان فيه الفحص الكتابي مطلوباً وبشكل إلزامي في مدرسة الإجازات، والمواطن المذكور يعمل بائع سجائر في ساحة العاصي بحماة.

منذ الأيام الأولى لاستلام هذا المدير للمدرسة أصبح عدد الحاصلين على إجازات سوق من مدرسة حماة من المحافظات الأخرى يفوق كل تصور وبعضهم حصل على الإجازة دون فحص، وينتظر إجازته لتصل عبر شركات النقل بواسطة سماسرة ووسطاء رئيس المدرسة، وبعضهم الآخر يحضر يوم الفحص فقط وبصورة شكلية، ولأن الفحص الكتابي ملزم، فإن شركاء عبد الحسين صالح من عمال المدرسة هم من يقومون بالكتابة بدلاً من المتقدم المراد له النجاح.

بعد أن أصبح مديراً للنقل عمل عبد الحسين على احتضان العناصر السيئة وتأمين الحماية لعناصر بحقهم تقارير تفتيش. والأمثلة على ذلك كثيرة منها:

تعيين المهندس جهاد كيلاني رئيساً للدائرة الفنية، علماً أن المذكور من العناصر السيئة وتم إنهاء تكليفه من رئاسة مدرسة الإجازات بسبب الرشوة وعدم النزاهة.

تعيين العامل من الفئة الثانية عبد الجليل العلي عضو لجنة فحص إجازات السوق بموجب الأمر رقم 32 ـ تاريخ 6/6/2002 والأمر رقم 35 ـ تاريخ 13/6/2002، علماً أن العامل المذكور عبارة عن مدرب في مدرسة الإجازات وعدد المهندسين المؤهلين لهذه المهمة في نقل حماة يزيد عن الثلاثين مهندساً.

تعيين العامل أحمد ديبان عضو لجنة فحص إجازات السوق بموجب الأمر رقم 15 تاريخ 25/4/2002 علماً أن العامل المذكور من خارج ملاك مديرية النقل، وقد تم ندبه للعمل في المدرسة من مكان عمله الأساسي في مجلس مدينة حماة، وتم تعيينه في لجان فحص الإجازات بسبب علاقة السمسرة والشراكة مع مدير النقل، علماً أن عدد المهندسين المؤهلين لهذه المهمة في نقل حماة يزيد عن الثلاثين كما سبق.

باعتبار المهندس خلدون حلبية رئيس مدرسة الإجازات هو الشريك القديم الجديد لمدير النقل، فإن جميع الأوامر الإدارية الصادرة بتشكيل لجان الفحص للإجازات تحتوي على اسمه، وهذه الأوامر تحمل الأرقام (57 ـ تاريخ 7/9/2002 و 13 تاريخ 2/2/2003 و 35 تاريخ 13/6/2002 و 6 تاريخ 7/1/2003 و 64 تاريخ 6/11/2002 و 46 تاريخ 6/7/2002 و 53 تاريخ 7/8/2002) ووجود اسم خلدون بشكل دائم في هذه الأوامر أمر ضروري حتى يتمكن المذكور من دفع مئات الآلاف أسبوعياً لمدير النقل، وهذا غير مبالغ فيه قياساً للأسعار الخيالية لإجازات السوق في حماة والأعداد الكبيرة للمتقدمين الذين يخضعون للابتزاز من مدير النقل ورئيس المدرسة.

ومن الوسطاء والسماسرة الذي يعملون على ابتزاز المواطن لصالح رئيس المدرسة ومدير النقل:

1. ياسر دعبول: وهو من أهم وسطاء الإجازة لدى مدير النقل والمذكور يزور المدير يوميا،ً وبالطبع يكون الباب مقفلاً عند الزيارة، وقد تم توقيفه لدى فرع الأمن السياسي بحماة بعد اعترافه بأنه يعمل وسيطاً لإجازات السوق لدى مديرية النقل.

2. سامر الطالب: وهو من خارج ملاك وزارة النقل وتم ندبه للعمل مدرباً في مدرسة الإجازات بمساعي حثيثة من مدير النقل كونه شريكاً له ولرئيس المدرسة، ومن الأسماء التي تقاضى منها خمسة عشر ألفاًُ ثمن للإجازة (مصطفى الهاشم وإبراهيم الكردي) وذلك في شهر آذار من عام 2003.

3. حسين أبو أحمد الملقب أبو عصام: وهو يتقاضى أحد عشر ألفاً للخاصة وسبعة عشر ألفاً للعامة!! وقد تم توقيفه في فرع الأمن العسكري أولاً، ثم في فرع الأمن السياسي، وتم إحالته إلى القضاء وتوقيفه بسبب اعترافات المواطنين عن شراكته لمدير النقل.

4. المهندس خليل خليل: عضو لجنة فحص إجازات السوق ويتقاضى الرشوة له ولصالح مدير النقل ورئيس المدرسة وباعتباره يقيم في حمص فإن معظم زبائنه للإجازات من حمص.

5. عزام كوجان: يعمل بائع سكاكر في سوق الطويل بحماة ويتقاضى اثني عشر ألف للخاصة وعشرون للعامة ويعمل لصالح خلدون حلبية رئيس المدرسة وشريك مدير نقل حماة.

إن ممارسات مدير نقل حماة في تقاضي الرشوة وابتزاز المواطن لاتقتصر على أبناء محافظة حماة بل امتدت شبكة الوساطة والسمسرة لتشمل المحافظات الأخرى من (حلب ـ حمص ـ إدلب ـ دمشق وغيرها) حيث وصل سعر الإجازة الخاصة إلى 13000 ل.س والعامة 20000 ل.س لأبناء هذه المحافظات، وإذا كانت مدارس الإجازات موجودة في كل المحافظات فما الذي يدفع المواطن من خارج محافظة حماة إلى السفر مئات الكيلومترات للحصول على الإجازة من حماة؟

وفي الاجتماع الخدمي لمحافظة حماة الذي جرى يوم الثلاثاء بتاريخ 13/10/2003 وبحضور السيد محافظ حماة وأعضاء المكتب التنفيذي والمدراء وجه الدكتور سمير قندقجي عضو مجلس الشعب في محافظة حماة انتقادات حادة إلى مدير نقل حماة ورئيس مدرسة الإجازات حيث تكلم عضو مجلس الشعب عن الأسعار الخيالية لإجازات السوق في محافظة حماة والحصول على الإجازات بشكل غيابي ودون حضور الفحص، وعندما أجابه السيد المحافظ بأنه سيتم متابعة الموضوع مع مدير النقل، أجابه الدكتور سمير قندقجي عضو مجلس الشعب بعبارات مفادها أن مدير نقل حماة هو رأس الرشوة والفساد وأن تحديد رشوة وأتاوة الإجازة يتم من مدير النقل لامن قبل السماسرة والوسطاء. وهذا الموقف الصادر عن أحد أعضاء مجلس الشعب وفي اجتماع رسمي، إنما يعكس حالة التذمر التي وصلت إلى حدها الأقصى بين المواطنين تجاه أسعار الإجازات والممارسات اللا مسؤولة التي تصدر عن رئيس مدرسة الإجازات ومدير نقل حماة.

بتاريخ 7/8/2004 تم توقيف خلدون حلبية لدى فرع الأمن السياسي بحماة مع عدد من سماسرة إجازات السوق، وتم إحالته موجوداً إلى القضاء.وتم توثيق أقوال 46 شاهداً بحصولهم على إجازات السوق من حماة مقابل مبالغ تتراوح بين 10000 و 20000 للإجازة الواحدة عدا الرسم ومعظمهم من حلب.

وفي دورة إجازات يوم الخميس 13/1/2005 والأحد 16/1/2005 أرسلت لجنة الفحص جداول النتائج إلى مدير النقل لتوقيعها وإرسالها إلى فرع مرور حماة وهنا أقدم مدير النقل عبد الحسين صالح على تغيير نتائج 34 اسم من هذه الجداول من خلال إضافة أسماء جديدة وتغيير نتائج عدد من الراسبين ليصبحوا من الناجحين.

وعندما اكتشف خلدون حلبية التلاعب الحاصل من مدير النقل قام بإبلاغ لجنة الفحص. وبتاريخ 3/2/2005 أبلغ خلدون حلبية السيد محافظ حماة بما صدر عن مدير النقل من تلاعب وتزوير لنتائج إجازات السوق وطلب السيد محافظ حماة من خلدون موافاته بالجداول الصادرة عن لجنة الفحص ليتم مقارنتها مع الجداول التي تلاعب بها مدير النقل، وحالياً يمارس خلدون حلبية الضغط على مدير النقل بواسطة هذه الجداول.

عشرات الوثائق الأخرى، تحقيقات قضائية وتحقيقات أمنية وتحقيقات تفتيشية.. ورغم ذلك لازالت مافيا الفساد تتشعب من مديرية النقل إلى جهات مسؤولة في المحافظة.

وعندما سألنا المهندس عبد الحسين صالح مدير نقل حماة عن رأيه في هذه الوثائق أجاب بأنه عبر تاريخ مديرية النقل وهي بؤرة للفساد والارتزاق والسمسرة ومنذ تعييني مديراً اتخذت جملة من الإجراءات لتصحيح الأمور

وعندما قلنا له بأن تلك المخالفات والرشاوى قد جرت خلال السنوات الأربع وأنت مدير للنقل، أجاب بأنها كلها كيدية ولا صحة لأية اتهامات بحقه وهدفهم أولاً وأخيراً «تغييري من موقعي، لترجع الأمور كما كانت في سنوات سابقة».

 

■ نزار عادلة