رفع الأسعار.. أول الكارثة البنزين والأسمنت!!
أعلن مسؤول مفوه لوكالات الأنباء أن قرار وزارة الاقتصاد والتجارة السورية زيادة أسعار البنزين والإسمنت، يستهدف وقف عمليات تهريب البنزين إلى الأسواق المجاورة.
وبناء على هذا القرار «الوطني الصرف»، فقد تمّ رفع سعر مادة البنزين من 24,35 ليرة سورية لليتر الواحد إلى 30 ليرة سورية.
وحسب أصحاب القرار، فإن القرار اتخذ «لاعتبارات ومتغيرات محلية وإقليمية ودولية من أبرزها الارتفاع الكبير في استهلاك مادة البنزين في سورية بنسبة 17 في المائة في العام 2005 عن العام 2004، وأن سعر ليتر البنزين في بلدنا، وحتى بعد هذه الزيادة، ما يزال أقلّ منه لدى كل دول الجوار حيث يصل السعر في لبنان إلى ما يوازي 36 ليرة سورية وفي الأردن 40 ليرة سورية وفي تركيا 100 ليرة سورية، وهو (والكلام ما يزال للمسؤول الحصيف) ما أدّى إلى تشجيع ظاهرة تهريب البنزين إلى الأسواق المجاورة، حيث أثر ذلك على التوازن بين العرض والطلب على هذه السلعة».
أما بالنسبة لأسعار الإسمنت، فإن المصانع السورية تنتج مابين 4,5 و4,8 ملايين طن سنوياً في الوقت الذي تقدر فيه الحاجة الفعلية بسبعة ملايين طن ما أدّى إلى ظهور سوق سوداء نتيجة الفرق بين سعر البيع الرسمي والسعر الفعلي في الأسواق.
الناطق الرسمي الذي لم يخف غبطته وهو يؤكد أن سعر الإسمنت والبنزين في سورية، لا يزال رغم الزيادة الأخيرة أقل من سعر المادتين المذكورتين في البلدان المجاورة، يبدو أنه نسي أو تناسى أن الأجور في بلدنا هي أقل بمرتين وربما بثلاث مرات من مثيلاتها في هذه البلدان ذاتها، وأن رواتب العمال والموظفين، حتى في الجمهورية اللبنانية التي أنهكتها الحروب والخلافات الحكومية والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ما تزال بشكل عام أفضل من رواتب العمال والموظفين السوريين، هذا من جهة..
من جهة أخرى، فإن الحكومة السورية تستحق فعلاً أن تحصل على براءة اكتشاف أو اختراع لمعالجتها مشكلة التهريب برفع الأسعار، فربما تكون هي الدولة الأولى في العالم، وعلى مر العصور، التي تلجأ فيها دولة ما إلى هذا الحل السحري العظيم الذي لم يسبقها إليه أحد..
الأكثر خطورة في المسألة أن هذا الرفع (المحدود) لأسعار مادتين أساسيتين، سيؤدي حتماً إلى زيادات كبيرة على أسعار مواد أخرى ذات صلة، بدءاً بأسعار مواد البناء كافة، مروراً بأجور سيارات الأجرة، وصولاً إلى أسعار وإيجارات العقارات ومتعلقاتها.. أي أن ارتفاعاً حقيقياً سيطال كل شيء، عدا البشر طبعاً، والفقراء ومحدودي الدخل على وجه الخصوص..
فكيف بإمكان هذا الشعب أن يتدبر أمور معيشته التي أصبحت لا تطاق؟ ولماذا يجري سحقه عن سبق الإصرار في وقت مطلوب منه أن يدعم القرار السياسي الذي اختار مقاومة المخططات الأمريكية والإسرائيلية؟ فهل سيدعم فقراء الوطن، وهم الجنود الحقيقيون، الصمود الوطني وهم محرومون من معظم حقوقهم واحتياجاتهم، أم أن من خطط وسعى وقرر رفع الأسعار يهدف أصلاً إلى تقويض كل إمكان بالصمود والمواجهة؟؟