تصريحات حول خدام
إثر الحوار الصحفي الذي أدلى به نائب رئيس الجمهورية الأسبق عبد الحليم خدام إلى قناة العربية مساء الأربعاء الماضي، انقلب الرأي السياسي ضده بطريقة غير مسبوقة، فبدءاً من أعضاء مجلس الشعب وانتهاء برجل الشارع العادي انصب الهجوم مكثفا على خدام وفساده التاريخي الطويل وصلت إلى حد المطالبة بحرق الكرسي الذي كان يجلس عليه في الشارع أمام الناس على حد تعبير رئيس مجلس الشعب. كما طالبت تلك الأصوات بإعلان محاكمة خدام وتجريده من الجنسية السورية واعتباره خائنا للوطن.
بدأت الحملة ضد خدام من تحت قبة مجلس الشعب الذي عقد جلسة خصصت لمناقشة ما قاله خدام في مقابلتة مع قناة العربية واتهم النواب خدام «بالخيانة» ودعوا إلى محاكمته «قضائيا وسياسيا» و قال النائب محمد حبش إن «خدام ارتبط وجهه بالرأس القبيح للحرس القديم وهو من أغلق المنتديات الديمقراطية في سورية وألقى بعدد من أعضائها في السجن»، بينما دعت أميمة خضور إلى محاكمته لأنه تجاوز كرامته وأهان نحو 10 ملايين سوري عندما اتهمهم «بأنهم يأكلون من القمامة».
وكان خدام قد قال في مقابلته تلك إن سورية ارتكبت سلسلة أخطاء في لبنان في السنوات الأخيرة وأن الأسد كافأ من ارتكبها بدل معاقبته، واتهم خدام الرئيس اللبناني إميل لحود ومسؤولين لبنانيين آخرين بالتحريض على اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري بعدما كان حليفا وثيقا لدمشق.
ووصف خدام إن رئيس جهاز الاستخبارات السورية السابق في لبنان رستم غزالة بأنه قد تصرف وكأنه حاكم مطلق فيها، وإنه شتم الحريري وهدده وأهان مسؤولين لبنانيين آخرين بينهم نبيه بري ووليد جنبلاط، موضحا أنه حاول إقناع الأسد بتعيين مسؤول آخر لكنه لم يفعل وإنما وسع مهامه وضمه إلى اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي.
خدام الذي ذكر أنه هو من طالب بالاصلاح والتغيير الديمقراطي وإطلاق الحريات السياسية لم يشأ الخوض في مسألة من يقف وراء اغتيال الحريري قائلا إن ذلك متروك للجنة التحقيق الدولية وبأن هذه اللجنة ستصل حتما إلى نتيجة موثوقة، وفي ذلك السياق نفسه كان خدام قد قال بأنه يعتبر يرى تقرير لجنة التحقيق الدولية هو تقرير فني ومهني وإن من سيس التحقيق هم المشتبه بهم أنفسهم مسقطا بالوقت نفسه ادعاء مفجر انتحاري فلسطيني في شريط مصور قال فيه إن جماعة مسلحة قتلت الحريري.
وحول الوضع السوري الداخلي وتحديدا حول قضية موت وزير الداخلية غازي كنعان رجح خدام انتحار رئيس جهاز المخابرات السوري السابق في لبنان غازي كنعان لأن «الوضع اللبناني انعكس عليه، وحملوه مسؤولية التراكمات في الوضع اللبناني».
ومن المعروف أن خدام هو المسؤول السوري الأول المسؤول عن ملف لبنان حتى عام 1998 كما كان استلم مناصب ديبلوماسية وحزبية وتنفيذية إضافة إلى منصب نائب رئيس الجمهورية. وصنفه المراقبون والمحللين السياسيين دائماً كحرس قديم يضع العصي في عجلات الإصلاح الذي يريده الرئيس بشار الأسد. وإثر تصريحات خدام تلك وإثر مطالبات مجلس الشعب بمحاكمة خدام أعلن رئيس مجلس الشعب محمود الأبرش أنه تم التصويت بالإجماع عصر يوم السبت الواقع في 31/12/2005 على رفع دعوى ضد نائب الرئيس السوري السابق بتهمة الخيانة العظمى. وقال الأبرش «إن مجلس الشعب صوت بالإجماع على الطلب من وزير العدل محمد الغفري تحريك دعوى على عبد الحليم خدام بتهمة الخيانة العظمى».
من جهتنها استطلعت جريدة قاسيون بشكل خاص آراء ومواقف بعض الشخصيات السياسية والاقتصادية حول ذلك الحوار والنتائج المترتبة عليه فكان لها الملف التالي.
الدكتور حيان سلمان
الحقيقة عندما استمعنا للأستاذ عبد الحليم خدام انتابتني مجموعة من المشاعر وأولها هي مايقال عنه في تاريخنا العربي (قمة الخيانة) الخيانة النابعة من خلال تعريض وطنه الذي عاش فيه مسؤولاً من الدرجة الثانية لمدة تزيد عن الثلاثين عاماً و القضية الثانية هي محاولة أن يثبت عكس ما أثبتته الشرعية الدولية لأن تقرير «ميلس» لم يكن على الإطلاق تقريراً فنياً علمياً والشعور الثالث الذي انتابني هو كيف يمكن لمن هو متهم بالفساد وأنه دعم الفساد وأنه أسس للفساد وأنه أحتضن الفساد والمفسدين وهذا ما كنا نسمعه سابقاً في المجالس الخاصة الصامتة التي أراد السيد الرئيس بشار الأسد أن يستمع إليها لأنها تملك الحقيقة وتملك المعرفة فعندما تم مواجهة السيد عبد الحليم خدام بهذه الأمور خرج عن طوره هذا من ناحية ومن ناحية ثانية لانعرف حجم المبالغ التي دفعت له ليتكلم في هذا الوقت وفي هذا الظرف. وكلام عبد الحليم خدام أكد أفكاري السابقة ولم يظهر شيئاً إلا أنه عبر عما يجول في خاطره وعما كان يبيته سابقاً فهو اعتبر أن الوطن ديمقراطي والوطن جنة بمقدار ماهو على كرسي المسؤولية وعندما خرج عن كرسي المسؤولية تكلم عن الوطن وأسأل ولكنني أقول بأننا ارتضينا هذا الوطن ونحن لانبدل وطننا بالجنة ولكن أقول وليشهد الله إن عبد الحليم وأمثاله هم الذين أوصلوا الحالة السورية الاقتصادية إلى ماوصلت إليه بالأدلة المادية من خلال الشركات الوهمية التي أسسها المقربون له ومن هذه الأعمال الاقتصادية التي قام بها ومن جعله الأسود أبيض والأبيض أسود وكل مايمكن أن أقول إنه لم يعمل شيئاً إلا أنه كشف حقيقته.
أنا بقناعتي الفاسد والمفسد لا وطن لهما وبأن الفاسد مهما له من قدره أن يمتطي وأن يلبس كل أنواع الأقنعة وقد عبر السيد الرئيس عن ذالك عندما قال إن الانتهازين دائماً يركبون كل أنواع الموجات. بقناعتي يجب أن يكون هناك حوار وصراحة وشفافية من أجل تنظيم قوة سورية من أجل أن ندعم سورية وسورية لاتبنى إلا بأبنائها ولكن أبناءها البررة فأمثال عيد الحليم خدام برأيي هم كثر وبالتالي يجب محاربتهم ويجب فضحهم ويجب الإشارة لهم ، وهذا كله يمكن أن يتم بسهولة إذا ما ارتأت الحكومة لأن المفسد مهما طال لابد أن يعبر عن تلك الحالة الإفسادية الموجودة في داخله.
محمود عبد الكريم
إن تصريحات عبد الحليم خدام ما هي إلا إعلان عن المرحلة الثانية والأكثر خطورة من المؤامرة الأمريكية الصهيونية على سورية، وباعتقادي أن المرحلة القادمة ستكون أكثر خطورة، وقد تشهد تدخلات أمريكية مباشرة يمكن أن تأخذ أشكالاً متعددة مثل توجيه ضربات حيوية مباشرة، وربما بعض التحركات السريعة عن طريق العراق وتفجيرات داخلية قد تأخذ شكل صراعات طائفية بقصد خلخلة البلد ودفع الأمور إلى تأزم حاد.
لذلك أرى أن على كل الوطنين والديمقراطيين في سورية والذين يحرصون على بقاء البلد ككيان واحد أن يتصدوا لهذه المؤامرة دون أي تردد أو هوادة، وعلى السلطة السياسية أن تحسم أمرها بشكل نهائي: إما جبهة الشعب، أو الاستمرار في الحلول الأمنية التي أثبتت وبشكل قاطع أنه لا نجاة معها.
فالمؤامرة أكبر بكثير من محاولات «تشاطر» البعض ولا بديل إلا بتبني مشروع وبرنامج إصلاحي جذري ونهائي، ينضبط فيه ويتحد تحت سقفه كل الشرفاء في سورية من ديمقراطيين وتقدميين وإسلاميين متنورين، أي بشكل مختصر كل الشعب السوري، للدفاع عن وطنهم وعن وجودهم وعن وحدتهم وعن مستقبل أطفالهم .
الدكتور محمد حبش
إن تصريحات عبد الحليم خدام هي تصريحات كبيرة وخطيرة، ومن العيب أن يتحدث الإنسان عن فقر الشعب وعنائه وهو يسكن القصور الباريسية الفخمة، إضافةً إلى أن اسم خدام ارتبط بقمع الحريات، وهو من أوقف كل المنتديات السياسية، وكان يمثل الوجه القبيح للحرس القديم. وأنا شخصياً طالبت اليوم في البرلمان بإطلاق سراح عارف دليلة ومأمون الحمصي ورياض سيف كونهم من ضحايا عبد الحليم خدام، وهم الذين أحيلوا إلى المحكمة باقتراح من السيد خدام على الرغم من أن مطالبهم لم تكن مناهضة لقيم ومبادئ الدستور، وتمنيت أن تتم الاستجابة للمطلب حتى يستطيع هؤلاء أن يتحدثوا عن دور خدام في قمع الحريات عندما كان في السلطة، بالإضافة إلى ارتباط اسم خدام وأبنائه بملف دفن النفايات النووية في صحراء سورية حيث يملك الزميل «زكريا المير» ملفاً كاملاً عن تلك الجرائم.