من (الوطنية) الفاسدة، إلى (الديمقراطية) الكاذبة أكثر من خدام في الداخل

وحدهم الذين لايرون ابعد من أنوفهم تفاجؤوا بتصريحات خدام على فضائية العربية، وأي قارئ للوضع السوري الراهن قراءة علمية موضوعية يجب أن يفهم إننا سنجد (مفاجآت) عديدة من هذا النوع، ستضيف على المشهد السياسي المزيد من الإثارة وخلط الأوراق صولا الى تغيير بنية الدولة، واستنتاجنا هذا نابع من فهم معين للوضع السوري الراهن بتشابكاته الدولية ،والإقليمية، والداخلية فمع ازدياد الضغط الخارجي الذي سيستمر بكل الأحوال بغض النظر عن درجة شدته وشكله،

ومع استمرار حالة الاستعصاء ضمن جهاز الدولة سنجد اصطفا فات جديدة في الداخل السوري بما فيها داخل النظام، وكنا قد قلنا في مقال سابق لنا منشور في صحيفة قاسيون (... لاغرابة أن نجد العديد من الزعران ومافيات المرحلة الراهنة من المهربين وحيتان السوق وحملة الكرباج رسلا للديمقراطية....) وهو ما نشهد إحدى فصوله مع تصريحات السياسي السوري المخضرم الأستاذ عبد الحليم خدام والسؤال هنا ماهي الخلفية الحقيقية لهذا الموقف الديمقراطي الطارئ وهذا البكاء على سورية ؟

هل هو فهم حقيقي لطبيعة المرحلة التي تمر بها البلاد لاسيما وان الرجل تحدث عن الإصلاح الذي بات فعلا ضرورة وطنية بكل المقاييس؟

كل الدلائل والمعطيات التي تتعلق بذاتية الرجل وسيرته تشير الى انه ليس من ذوي الأيادي البيضاء ، لابل إن الوقائع تدل على انه واحد من اللاعبين الأساسيين في فريق الفساد على مدى العقود الماضية وله بصمات في اكثر من قضية فساد كبرى في البلاد ناهيك عن مواقفه المعلنة من مسألة الديمقراطية، إن هذه المعطيات تجعلنا أن لا نصدق الرجل في هذه الصحوة الديمقراطية لاسيما وان الشق الثاني من حديثه المتعلق بالوضع اللبناني ومديحه المجاني لميليس يؤكد انه يسوق نفسه للعب دور اكبر وأوسع من الدور الإصلاحي المزعوم باعتبار إن الموقف من مقتل الحريري وتداعيا ته بات جواز سفر للدخول الى ملكوت الديمقراطية الأمريكية .... وعلى كل حال فالرجل اخذ لنفسه موقعا وموقفا جديدا بل على الأصح أعلن عن موقفه المنسجم مع موقعه الجديد وهذا الانتقال بحد ذاته له من الدلالات والعبر التي يجب الوقوف عندها من قبل الجميع وبالأخص من قبل القوى الشريفة في جهاز الدولة، بعيدا عن الانفعال المصطنع وكيل السباب والشتائم وبمزاودة مقرفة كما فعل العديد من أعضاء مجلس الشعب العتيد

إن ماكينة الفساد التي أنتجت عبد الحليم خدام، أنتجت وتنتج غيره بالتأكيد ،وهذا الغير مازال في جهاز الدولة، نحن هنا لانشخصن الموضوع ولانعني احدا بحد ذاته، بل نقصد الفساد كظاهرة اقتصادية اجتماعية تنقل المفسد من وضع الى وضع آخر من محام الى ملياردير لابد له أن يأخذ موقفا جديدا للحفاظ على ثرواته، وتبييض المال الحرام الذي بحوزته، فنحن في مرحلة انتقالية والنهب بالأساليب القديمة ، أي بالترافق مع الشعارات الوطنية والقومية لم يعد ممكناً وأصبح بضاعة (بايته) في منطق البازار السياسي الجديد المسمى زورا وبهتانا بالديمقراطية، نعم إنها حالة انتقال من (الوطنية ) الفاسدة الى (الديمقراطية) الكاذبة كل ذلك كرمى لصاحب الجلالة ( الرأسمال )، فهذا الأخير بعد ان تراكم في الظلام يبحث عن منافذ للدخول الى الكازينو الليبرالي، واقتصاد السوق الموعود يعتبر التربة الخصبة لذلك اقصد لمزيد من التراكم والتمركز للرأسمال القادر بدوره على صناعة الأحزاب، وشراء كراسي البرلمان، وافتتاح القنوات الفضائية لتقنعنا بالمحصلة بان من استبد على مدى عقود اصبح ديمقراطيا، وان من نهب اصبح وطنيا .......

مشكلتنا مع الفساد ذات حدين، أما الحد الأول فيكمن في إن الفاسدين أوطانهم في جيوبهم، وهم ببساطة سينتقلون الى مواقع الخيانة الوطنية السافرة جريا وراء مصالحهم والحد الثاني إن الفساد جعل السواد الأعظم من المجتمع في حالة إنهاك ولهاث وراء متلطبات الحياة اليومية وصولا الى حالة اغتراب عن الواقع وعدم الاهتمام بالشأن العام، وترافق ذلك في ظروف بلادنا مع قانون الطوارئ مما عطل الحراك الاجتماعي المدني الأمر الذي أدى الى إحياء البنى التقليدية ( الطائفة، القبيلة.. ) ومن هنا يجب أن نفهم مغازلة الأستاذ خدام الخجولة للإخوان المسلمين حصان السباق في المارثون الديمقراطي الموعود ....... نحن في سورية وطنا وشعبا في ساحة صراع مكشوفة وعدونا يستخد م كل احتياطاته من داخل النظام وما يسمى المعارضة وبأشكال مختلفة .... ومن كان لديه نية المواجهة والمقاومة ماعليه إلا أن يلجأ الى الشعب، واللجوء الى الشعب لا يكون بالخطب والشعارات والتصفيق فحسب بل بتأمين حاجاته وتأمين كرامته، ويقينا ان كل من له دور في عملية الفساد سابقا والان، انما هو خدام آخر ايا كان اسمه

 

■ عصام حوج