طوابير جامعة حلب
إذا كنت تعتقد أنك تعرف ما هو الطابور الخامس فأنت مخطئ (حتى لو كنت سياسيا مخضرما) ما لم تكن من طلا ب كلية الآداب في جامعة حلب وإذا كانت الذاكرة الشعبية هي الأقدر على استعادة الرموز (حتى السياسية منها) وإعادة توظيفها خاصة في الأزمات (ولو على سبيل الفكاهة) فيبدو أن طلاب كلية الآداب في جامعة حلب يمتلكون مثل هذه القدرة لأن الطابور الخامس هو الاسم الذي يتندر به هؤلاء على عشرات الشباب والشابات من زملائهم الذين يقفون أمام شباك معتمد الرسوم (لتسديد رسوم العام الجامعي) واستلام الوصل الخاص بذلك ويعتبر الحصول على هذا الوصل المرحلة الأهم في عملية التسجيل .
هذه ليست فكاهة بل حقيقة حيث يقف الطلاب منذ الصباح الباكر (أحيانا قبل الساعة السابعة صباحا) ليس للتسديد واستلام الوصل المذكور، وإنما لحجز دور في الطابور لحين قدوم الموظف الذي يبدأ عمله الساعة التاسعة لينتهي في الثانية عشرة والنصف للطلاب المستجدين من كافة فروع وأقسام الكلية المذكورة، رغم أن التسجيل بدأ باكرا في كافة الكليات هذا العام (كما في الأعوام السابقة) إلا أن كلية الآداب تأخرت وأصدرت إعلاناً ببدء التسجيل للعام الحالي من 1/12/2005 حتى 31/12/2005 أي شهر واحد فقط، وهذا يعتبر وقتاً قصيراً جداً إذا ما قيس بالنسبة لعدد الطلاب في الأقسام والفروع المختلفة.
والمشكلة تفاقمت أكثر عندما اعتمدت الكلية معتمداً واحداً لكافة الأقسام لا يقبل استلام الرسوم من غيره أو من قسم المعلوماتية والتي غالباً ما يرجع الطلبة منها بخيبة أمل لأن الوضع هناك أسوأ. هنا ندخل الكواليس ومن يعمل بها حيث يقوم (بعض الموظفين بأمور الخدمة و النظافة في الكلية) بخدمات أخرى كوسائط للواسطات والمحسوبيات وغيرها ويكفي أن تعلم انه مقابل ( 100 أو حتى 50 ليرة سورية ) تدفعها للآذن تستطيع أن تتجنب ( البهدلة والشرشحة ) التي تتعرض لها بوقوفك في الطابور المذكور، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد لأن الطلاب يعانون الأمرين من سوء معاملة الموظفين والموظفات لهم لدى مراجعتهم من قبل الطلاب لأي أمر إداري يخصهم، تصل أحياناً إلى الشتم والطرد .
و إذا كان هذا ما يحدث في الجامعة والتي تعد ليس فقط المنار الذي يضيء للوطن المستقبل، وإنما أحد أهم خطوط المواجهة لأي تحدٍ أو ضغوط تتعرض لها البلاد. فكيف نطلب من طلبتنا أداء واجبهم الوطني وهم يتعرضون لمثل هذه الممارسات؟!
■ ياسمين العبد الله