الآشوريون سوريون حتى العظم

الإخوة الأعزاء في هيئة تحرير قاسيون:

تحية طيبة و بعد :

أرجو منكم نشر هذه المادة لأهميتها واعتذر عن كل ما وقع فيها من أخطاء و لكم الحق في حذف أو إعادة صياغة ما ترونه مناسبا للضرورة المهنية أو حتى تغيير العنوان إن أردتم لان هدفي هو إظهار الحقيقة وطرح الفكرة مهما كان شكلها.

يتهم البعض الآشوريين  في سورية بعدم الانتماء و يحاولون إثبات دعواهم بطرح موضوع الهجرة و التي أصبحت حسبما يدعون هاجساً وهماً لكل الأشوريين خاصة الشباب منهم .

و الحقيقة أن الأشوريون مثلهم مثل غيرهم في هذا الوطن يعانون – خاصة الشباب منهم – من كل ما يعانيه أي مواطن سوري سواء كان عربياً أو سريانياً أو كردياً .... الخ، لأنهم ليسوا معزولين عن المجتمع السوري ككل،  بل على العكس من ذلك، إنهم يشكلون جزءاً لا يتجزأ  من النسيج الوطني في سورية .. يعيشون على أرضها ويفخرون بالانتماء إليها . وأما من يقول إن ميل الأشوريين للهجرة – خاصة الشباب منهم – سببه عدم شعورهم بالانتماء، فهذا مجانب للحقيقة وليس صحيحا أبداً، لأن الهجرة مشكلة مجتمعية عامة لها أسبابها الاقتصادية و الاجتماعية و ليست مقتصرة على الأشوريين فقط .

أما ارتفاع نسبتها بينهم فيعود إلى أسباب كثيرة سأحاول إلقاء الضوء على بعضها :

- يتمركز الأشوريون في الجزيرة السورية ويعيشون على ضفاف نهر الخابور، ويعمل القسم الأكبر منهم في الزراعة ( القطن - الحبوب - كروم العنب )، لكن في السنوات الأخيرة تراجعت الزراعة بسبب قلة المياه والتي كانت نتيجة لجفاف نهر الخابور الذي يزود المنطقة بالمياه اللازمة للزراعة و الشرب، وهذا بدوره جاء نتيجة الاستثمار الجائر للمياه الجوفية مما أثر على الينابيع التي ترفد هذا النهر مما أثر بشكل سلبي على المورد الاقتصادي الذي يعيش عليه السكان، واضطر الكثير منهم حتى إلى اقتلاع الأشجار ( كروم العنب التي زرعوها بأنفسهم ) وإذاً :

كيف لا تصبح الهجرة هاجساً وحلماً للشاب الذي لا يجد عملاً يقوم به في القرى الواقعة على ضفتي النهر شماله و جنوبه خاصة في ظل عدم توافر عمل بديل عن الزراعة .

وإذا عرفنا أن الجزيرة السورية- وهي من أعمدة الاقتصاد في سورية- تعاني من الإهمال بكافة جوانبه مع أنها تقدم للاقتصاد السوري الكثير من المحاصيل الاستراتيجية مثل القطن و الحبوب،  فضلا عن النفط،  ومع ذلك لا يوجد بها صناعة  أو معامل ولا تقوم الدولة بإقامة مشاريع أو صناعات رغم توفر الإمكانية لذلك حيث تتوفر المحاصيل والأيدي العاملة وكل الإمكانيات الأخرى لإقامة صناعات زراعية مثلاً .

- ومن ناحية أخرى يجري إهمال المحافظة من النواحي الإدارية و القانونية فما زالت تعاني في ضعف الناحية الحقوقية وفيها قوانين استثنائية بحجة أنها محافظة حدودية وكأنها دولة داخل دولة . فكيف لا يفكر الشباب بالهجرة ونسبة العاطلين عن العمل في هذه المحافظة أكثر من أربعين % من القوى العاملة فيها علماً أن نسبة الشباب تشكل أكثر من 60 % من السكان .

و هناك مشكلة أخرى تتعلق بالناحية الخدمية مثل التعليم و الطرقات و مختلف جوانب البنية التحتية للمجتمع، فامتداد المحافظة و توزع القرى يتطلب مزيداً من الاهتمام بالتعليم خاصة بعد إقرار التعليم الأساسي ليس فقط من حيث بناء المدارس والذي يتطلب من الدولة مضاعفة الاهتمام بها بسبب التفجر السكاني وتضاعف عدد الطلاب سنويا في هذه المنطقة الريفية، نذكر هنا أن نسبة انتشار الأمية كبيرة جداً رغم ميل الناس لتعليم أولادهم وأيضا تطوير العمل التعليمي والتربوي من خلال  تحسين ظروفه، والاهتمام بالنواحي الخدمية الأخرى مثل شبكة الطرقات والكهرباء والمياه والتي أصبحت مشكلة تهدد المحافظة بشكل جدي إذا لم يتم معالجتها بأسرع ما يمكن، وأخيرا لن تكون الهجرة الحل الأمثل أمام شبابنا لو توفر لهم الحد الأدنى من الحياة الكريمة، ولا أحد يرغب أن يعيش ظروف الهجرة القاسية – هنا يذكر كثيرون ممن هاجروا خلال زياراتهم أنهم غير مرتاحين حيث يعاني هؤلاء من عدم قدرتهم على التجانس أو الاندماج في المجتمعات التي انتقلوا إليها من ناحية ومن ناحية أخرى يعيشون ظروفاً حياتية صعبة في أعمالهم حيث اضطر الكثير منهم وخاصة أصحاب الشهادات من أطباء و مهندسين .. الخ  للعمل بمجالات لا تليق بتأهيلهم العلمي- وبهذا تكون الهجرة مشكلة حقيقية سواء للوطن أو للمهاجرين منه  يجب حلها دون إبطاء من خلال تحسين ظروف الإنسان حتى لا يضطر لمغادرة بلده تحت أي ظرف كان ويبقى الشعور الوطني والانتماء مرتبطا بالحقوق وليس بالحدود فقط وليس لأحد أن يصيد في الماء العكر ويتهم الأشوريين (المواطنين أبا عن جد) بعدم الانتماء و خاصة في الظروف الحالية التي تتطلب مزيدا من التكاتف و الوحدة .

 

■ ياسمين العبد لله