أنهار في شوارع دمشق

ماإن أطلت بوادر الشتاء، وأخذت الأمطار تنهمر بغزارة مبشرة بمواسم جيدة، حتى تحولت الشوارع الأساسية والفرعية في مدينة دمشق إلى أسرة عريضة لأنهار سيلية، تبحث عن مستقر لها في «ريغار» سالك غير مسطوم، أو في فتحات تصريف على نهر بردى وفروعه السبعة. البعض الآخر من الطرقات والزواريب و الساحات العامة تحول إلى مستنقعات مختلفة العمق والاتساع.

وفي كلا الحالتين أصبح من الصعب على المواطنين، سواء كانوا مشاة راجلين أو راكبين، العبور والسير. فالمشاة أصبحوا عرضة للغوص في المياه الراكدة أو المنجرفة، ناهيك عن «استهدافهم» غير المقصود طبعاً، من السيارات المسرعة التي تقذف المياه باتجاههم كيفما مضوا مسببة لهم مزيداً من البلل وربما الأذى، أما السائقين، وبعد أن غمرت المياه معظم الطرقات، أصبحوا معرضين لخطورة الوقوع مع سياراتهم في الحفر المنسية، والريغارات المفتوحة، والمطبات المخفية والانزلاق وارتكاب الحوادث.

 

تعلمنا في المدارس قصة الصرصار الكسول الذي أمضى الصيف بطوله يغني ويمرح، وحين أقبل الشتاء وقع في الحيص بيص، ولم يعد يعرف ماذا يفعل لاستدراك أمره، وأعتقد أن هذا هو حال المسؤولين في بلدنا، فطوال فصل الصيف لم يلتفت أحد منهم لأعمال الصيانة والارتقاء بمستوى البنية التحتية لاستقبال فصل الشتاء، وكل عام حين يبدأ المطر بالهطول، تتكرر المشاكل ذاتها وبشكل أكثر مأساوية نتيجة التراكم، تراكم القاذورات والأعطال ونسب الاهتلاك، وتراكم الترهل واللامبالاة وسوء الإدارة، وطبعاً لاأحد يدفع الثمن إلا المواطن الذي يدفع ثمن بركة السماء قلقاً ومرضاًُ وتعرضاً للأخطار وتحملاً شاقاً للانعدام شبه التام للخدمات التي تتدهور إلى حدود متدنية جداً، سواء في الكهرباء أو التدفئة أو المواصلات.