الإدارة... والفساد

إن الإدارة في كثير من البلدان وهي فن وهو فن ذو قيمة حقيقية، فنجاحه يدر الكثير من المرابح ويرفع بمستوى الدائرة ويحقق المنجزات والتقدم، الذي يوليها الكثيرون الاهتمام والدعم والحرص وعدم التفريط بأي إنجاز إداري فهي أخذت منحى عالمياًله علومه الخاصة وأساليبه ونظرياته ولكننا عند التمعن في كل ذلك نجد أننا في بلدنا بعيدون كل البعد عن هذا العالم الإداري وأسسه وأساليبه فترانا نحصد الفشل تلو الفشل وذلك كله يعود لعدم إدراكنا ما يحدث في إداراتنا.

فالكادر الإداري هو نواة نجاح الإدارة ونجاح الإدارة نجاح العمل ونجاح العمل هو ما تصبو إليه الشعوب فيجب التأمل طويلاً في اختيار الإدارات والدقة المسؤولة عن ذلك وعدم التهور والتسرع في ذلك لما يسبب من إحباط لدى العامل والإداري والمواطن، وعلينا اختيار أسلوب علمي يعتمد عليه بشكل مدروس لاختيار الإدارات ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب بعد دراسة شمولية له ويجب وضع أسس عامة عامة علنية مدروسة معتمدة من الجهات الرسمية لاختيار الإداري حيث يوضع لها سلم مبرمج وعلامات لكل صفة واجب توفرها وعلى مبدأ المفاضلة حيث يتم الاختيار بعيداً عن القرارات الشخصية والمصلحية والمحسوبيات ويجب أن يلحظ في الإداري بعض الصفات على سبيل المثال:

1.         الدرجة العلمية.

2.         الثقافة العامة

3.         قوة الشخصية

4.         القدرة على تحمل المسؤولية

5.         العفة والنزاهة.

6.         حدة الذكاء.

7.         عدم قابلية الانحراف

8.         الهدوء وعدم الانفعالية.

9.         الاستيعاب والصبر

10.      الضمير الحي والحس الوطني.

قد يكون التركيب برأي الآخرين يختلف، هذا وكل ينظر إليه بمنظاره الخاص.

وعلى هذه الأسس يجب أن تشكل لجان قيادية مسؤولة عن ذلك وبعد الاستعانة بأكثر من جهة وتحميل كلٌ مسؤوليته، ويتم الاختيار اعتماداً على هذه الأسس بعد وضع درجات لكل صفة، فليس من المعقول أن يعين المدير أو المدير العام أو حتى الوزير وبعد ستة أشهر يبدل... فهذا يربك عمل المؤسسة الإدارية...

- ويجب أن يحاسب من يقوم بعملية الاختيار بعد تقييم مستوى من لجان مختصة مهمتها تقييم العمل الإداري لكل مسؤول بشكل دوري..

فمن الخطأ الاعتماد على تقرير جهة واحدة أو دراسة واحدة للشخص، فهناك الكثير من النفوس الضعيفة التي قد تبيع ضميرها بالقليل أو الكثير وتكتب ما تشاء سلباً أو إيجاباً فقد يرفع شخص للقمة وهو غير مؤهل وقد يحدث العكس، فعلينا بالصحوة لما يحدث ومحاربة النفوس الضعيفة التي تسيىء للإدارة وللقيادة بشكل عام وما ينعكس من ذلك على المواطن بشكل مباشر وبنتائج متغايرة.

- وكذلك يجب دعم الإداري بمنحه حقه الإداري بممارسة عمله بطريقته الخاصة بعيداً عن الضغوطات والمؤثرات الخارجية التي تمليها عليه بعض القيادات المحلية ومنحه الحس بالطمأنينة ليعمل بالشكل الصحيح ودون الشعور بالخوف من ممارسة السلطات العليا عليه بالضغوط في حال رفضه الامتثال للأوامر الشخصية الخاصة للمسؤولين، وعدم تلبيته الطلبات المخالفة للقوانين والأنظمة والتي تدفعهم لوضعه في قائمة الخارجين عن الطاعة والبدء بمحاربته وإفشاله في عمله.

- يجب وضع أسس لحماية الإداريين وعدم منح حرية التغيير وبدون مبرر لأي مسؤول.

- يجب أن يدان المدير وتبرز الوثائق والمستندات التي تثبت عدم صلاحيته للإدارة ومناقشته بها وسماع دفاعه عن نفسه، ثم على ضوء ذلك اتخاذ القرار.

- يجب منح المدير حق الدفاع عن نفسه أمام سلطة معينة وواضحة تحميه من غطرسة الآخرين المستغلين والمستفيدين، فعندها يشعر أي مدير بالراحة والطمأنينة بالعمل واتخاذ القرار بمعزل عن أي جهة مستفيدة غير المواطن.

- يجب على الجميع الشعور بمسؤوليتهم والمبادرة إلى إصلاح العمل الإداري وإنقاذه من أيدي المفسدين.

فليس من المنطق أن تقوم جهة بتعيين مدير دائرة وخلال فترة مثالية تظهر إدانته المادية والإدارية، وتقوم الجهة نفسها بتعيين آخر بدلاً منه، وتبقى المواصفات ولا يتخطى الفترة الزمنية أيضاً ويغير ثم يعين آخر، وكذلك على الطريق نفسه فليس من المعقول أن تقوم الجهات المسؤولة في محافظة بتعيين ثلاثة مدراء خلال سنتين لنفس الدائرة وجميعهم أثبتوا فشلهم وعدم قدرتهم على الإدارة، والسؤال لماذا لا تحاسب الجهة التي تقوم بالتعيين والتي ستستمر بتعيين آخرين بالطريقة نفسها ضاربة بعرض الحائط مصلحة البلد والمواطن.

 

■ الميادين- د. باسل الخضر