كارثة «كل عام وانتم بخير».. أجمل الأعياد تلك التي لم تأت بعد
بالرغم من كل الويلات التي كانت تنهال على رأس المواطن السوري في السنوات السابقة من كل حدب وصوب، إن كان بالفساد والنهب المنظم الذي كان ينتهجه البعض/ «الكثير» من رجالات الحكومة والنظام أو أزلامهم ممن هم خارج الهيئات الحكومية، أو بسبب الأوضاع المناخية المتقلبة التي كانت تمر بها المنطقة من قحط إلى جفاف وما إلى ذلك...
بالرغم من كل هذه الويلات، كنا نرى المواطن المغلوب على أمره يتحامل على نفسه من كل أعباء العيد، وينظر في أعين أطفاله وعائلته وأقربائه ليرى الفرح فيها، فينسى ولو مؤقتاً كل آلامه. لكن عيد هذا العام مر« كارثياً» بكل ما للكلمة من معنى، فالانشقاق الذي بدا واضحاً في ضفة السياسة بين مكونات الشعب السوري من مؤيد للنظام ومعارض له، ما لبث أن انتقلت عدواه إلى العيد، فالمؤيدون البسطاء اكتفوا بعيد بسيط (على قد الحال)، أما «الفاسد» منهم، والذي طالما كان يحتفي بقدوم العيد ورحيله بالبذخ والترف، احتفل بأجواء العيد هذا العام من منطلق أن البلد «بخير»، فراح يمعن في استفزاز «الآخر» بالألعاب النارية والأغاني الصاخبة المزعجة، محاولاً إقناع نفسه قبل الآخرين أنه ليس هناك أي شيء يقلق في الوضع الذي تمر به البلاد على قاعدة «أزمة وبتمر» أو «خلصت»!.
بينما المعارض الصارخ، الذي طالب بأبسط حقوقه في بداية الأزمة، وجعل من كل يوم في شهر رمضان دواماً للتظاهر في الشارع، فقد أعلن أن هذا العيد هو عيد الشهداء الذين سقطوا في المواجهات التي حصلت مع أيادي القتل.. وعيّد مع أقرانه صارخاً في الشوارع!.
أما الغالبية التي اعتبرت صامتة منذ بداية الأحداث، فالكثيرون منها لم يحتفوا بالعيد، وإنما اكتفوا بتقديم « القهوة المرة» أو «حبة تمر» تكريماً لشهداء الوطن، والكثيرون منهم لم يستطيعوا حتى ذكر الجملة المتداولة في العيد «كل عام وانتم بـ.....». والمبكي أكثر في الأمر هو عندما استيقظ الشعب السوري بكل أطيافه ومعه العالم برمته في أول أيام العيد، وتحديداً بعد صلاة العيد على وقع سقوط المزيد من الشهداء، نتيجة استمرار القتل، الذي لم ولن يكون في يوم من الأيام هو الحل الذي يمكن أن يؤدي إلى استقرار البلاد.
فبأية حال عدت يا عيد.. ودماء الشهداء ما زالت ساخنة.. ومزيد من الدم ينزف.. وينزف؟!