عقوبات إيران والمخاطر الجيوسياسية يحصران النفط في آفاق 75 دولاراً
من المرجح أن يظل النفط فوق مستوى 75 دولاراً للبرميل مدعوماً بعثرات في الإمدادات تتفاقم بفعل العقوبات الأميركية المرتقبة على إيران، لكن المزيد من الارتفاعات قد تكون محدودة، حيث يرى اقتصاديون ومحللون أن نمو الطلب سيتباطأ في العام المقبل بفعل حروب تجارية وضعف اقتصادي. وتوقع 46 من خبراء الاقتصاد والمحللين في استطلاع أجرته «رويترز» أن يسجل خام برنت 76.88 دولار للبرميل في المتوسط خلال عام 2019، ارتفاعاً من 73.75 دولار توقعوها في سبتمبر (أيلول) الماضي. ومن المنتظر أن يسجل السعر 74.48 دولار للبرميل في المتوسط في 2018، مقابل 73.57 دولار للبرميل في المتوسط منذ بداية العام.
وقال المحللون الذين تحدثوا إلى «رويترز»، إنه من المتوقع أن يتباطأ الطلب خلال 2019 إذا تبين أن المخاوف المتعلقة بتباطؤ اقتصادي واسع النطاق لها ما يبررها. وبشكل عام من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على النفط بين 1.1 و1.5 مليون برميل يومياً في 2019، وهو نطاق يقل بشكل عام عن 1.4 مليون برميل يومياً توقعتها وكالة الطاقة الدولية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي للطلب في العام المقبل. واقترب خام برنت من 87 دولاراً للبرميل في وقت سابق من العام الحالي بعد محاولات أميركية لعزل إيران عن طريق فرض عقوبات من جديد. لكن منذ ذلك الحين تراجعت الأسعار عن هذه المستويات المرتفعة، ويسجل سعر خام برنت الآن نحو 76 دولاراً للبرميل.
ويشعر المحللون بقلق من أن يكون هناك نقص في الطاقة الفائضة للتعامل مع انقطاعات محتملة في أنحاء أخرى فور سريان العقوبات في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.
وقالت كايلين بيرش المحللة لدى وحدة معلومات «إيكونوميست»: «في جانب المعروض، ستستمر الضغوط الصعودية على الأسعار بسبب المخاوف من انخفاض الإمدادات من منتجين في (أوبك)؛ أبرزهم إيران بسبب تجدد العقوبات الأميركية، وأيضاً فنزويلا وأنغولا وليبيا ونيجيريا». ومن المتوقع أن تؤدي العقوبات الأميركية على صادرات الخام الإيرانية إلى تقليص الإمدادات، لا سيما إلى آسيا، التي تأخذ معظم شحنات النفط الإيرانية. وفضلاً عن السعودية وروسيا، يرى فرانك شالينبرغر رئيس أبحاث السلع الأولية في «إل بي بي دبليو»، أن هناك بضعة منتجين فقط يمكنهم سد أي فجوة في إمدادات إيران للسوق.
وأضاف: «أتوقع أن ترفع السعودية وروسيا مستويات الإنتاج عند الضرورة، حيث قد يشكل أي نقص في جانب الإمداد وارتفاع سعر النفط عن ذلك عامل خطورة رئيسياً على الاقتصاد العالمي في 2019».
ورغم المخاوف بشأن الإمدادات، قال المحللون إن العوامل المعاكسة للنمو العالمي قد تضر الطلب في العام المقبل، خصوصاً في ظل انخراط الولايات المتحدة والصين في حرب تجارية شهدت فرض رسوم جمركية بمليارات الدولارات على سلع كلٍّ منهما.
وفي قمة «رويترز» للسلع الأولية، أول من أمس (الثلاثاء)، قال راسل هاردي الرئيس التنفيذي لـ«فيتول»، إن الشركة خفضت توقعاتها لنمو الطلب على النفط إلى 1.3 مليون برميل يومياً من 1.5 مليون برميل من قبل.
وقال بنجامين لو محلل السلع الأولية في «فيليب فيوتشرز»، إن «المتغيرات المحتملة في الطلب على النفط العالمي تشمل سياسات الحماية التجارية بين الصين والولايات المتحدة، ومتاعب العملة في الأسواق الناشئة، وآثار تشديد السياسة النقدية».
وقالت وكالة الطاقة الدولية إن استهلاك النفط سيتجاوز 100 مليون برميل يومياً في الربع الأخير من العام الحالي مما يفرض ضغوطاً صعودية على الأسعار، وإن كانت أزمات الأسواق الناشئة والنزاعات التجارية قد تقلص هذا الطلب. واتفق كبار المنتجين بقيادة منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في يونيو (حزيران)، على تخفيف الالتزام بتخفيضات إنتاج النفط. لكن المجموعة قالت إنها قد تحتاج إلى تغيير المسار بسبب تنامي المخزونات والضبابية الاقتصادية.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قوله، أمس، إن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجي النفط غير الأعضاء بها يأملون في توقيع اتفاق تعاون جديد في ديسمبر (كانون الأول) المقبل لوضع حدود للإنتاج في العام المقبل. وينتهي أجل اتفاق تقييد الإنتاج الحالي بين «أوبك» وبعض منتجي النفط من خارجها بنهاية العام الجاري.
وتوقع ستة محللين ممن شملهم الاستطلاع زيادة الإمدادات من المنتجين خارج «أوبك» بمتوسط 1.6 مليون برميل يومياً في العام المقبل بدعم رئيسي من نمو إنتاج النفط الصخري الأميركي الذي يكبله نقص طاقة النقل المتاحة.
وقال كارستن فريتش كبير محللي السلع الأولية في «كومرتس بنك»: «تبين أن الاختناقات الحالية في أنابيب النفط (في الولايات المتحدة) هي عقبة قصيرة الأجل... سيتحسن الوضع العام المقبل بفضل بدء تشغيل طاقات إضافية من خطوط الأنابيب».