ماذا تقول يا صاحبي معادلة " الإصلاح × الفساد "

 • أينما كنت.. في البيت، في الشارع، في العمل، فثمة أحاديث بعينها تتردد على ألسنة الناس ومعظمها يدور حول الهمّ العام والخاص، ولا عجب هنا أن يلتقي، بل يلتحم الهم الخاص بالهم العام، فهو جزء منه، ولأن البلوى واحدة  فالخلاص منها-بلاشك- لن يكون إلا واحدا، ولا أظنّك تعارضني فيما أذهب إليه، لأن الواقع القاسي هو الشغل الشاغل للناس الذين لا يمكنهم النأي عنه "بالهروب منه"!!.

* إن ما تقوله حقيقة يدركها كل ذي بصيرة ومن الطبيعي، والحالة "هكذا" أن يجهر المواطنون بالتعبير عن معاناتهم، وبخاصة أن لا بارقة أمل تشع أمام عيونهم، فالمحرك الفعلي القادر على دفع الأمور نحو الإنفراج  ساكن رغم التهويمات " المسرحية " والجعجعة الصاخبة المرافقة لها على أكثر من صعيد !!. 

• لقد شبعنا تنظيرا ووعودا بأن الإصلاح قادم ومن المؤلم حقا أن من بيدهم الحل والربط بعيدون كل البعد عن معاناة جماهير الشعب وهمومها المعيشية !

*لماذا لا تقول إن أكثرهم بالفعل وراءها ولا مصلحة لهم في حلها ؟ وهذا هو -في الواقع-السبب الحقيقي وراء عدم إقلاع محرك الإصلاح!!

• الإصلاح يا صاحبي يتطلب أول ما يتطلب قناعة أكيدة بضرورة القيام به ومن ثم البدء فعلا بمجابهة السلبيات والإعوجاج والنهب والفساد والمفسدين، ولن يتحقق ذلك إلا بالاعتماد على الشعب، ولهذا لا بد من عمل متكامل يساهم فيه جميع الوطنيين بلا استثناء                       

*وهل تظن أن العقلية الوصائية المهيمنة يمكن أن تفسح المجال أمام المشاركة الشعبية الوطنية في وضع برنامج الإصلاح، ومن ثم في تحقيقه ؟؟!

• إن الاستئثار بتوجيه دفة المجتمع لا يقود إلى شاطئ الأمان، وعليه لا بد من إطلاق طاقات الشعب، ولن تنطلق طاقات الشعب إلا عندما يشعر أبناء الشعب أنهم فعلا وحقا مواطنون لا رعايا، وهذا ما تعبر عنه أقلام جميع الوطنيين التي ساهمت وما تزال تساهم في التعبير عن حق شعبنا في حياة عزيزة وكريمة بعيدا عن الحاجة والحرمان والقهر والألم والتهميش !!! وفي هذا المجال يدور الكلام حول آفة الفساد التي تهدد بانهيار المجتمع!!

*نعم، ولقد شد ت اهتمامي مقالة  لباحث سوري هو محمد أحمد الزبيدي موضوعها " الفساد "  حيث عرفه بقوله : 

" إن الفساد -عمليا- هو إعادة توزيع الدخل القومي ،ولكن إعادة التوزيع هذه تتم عن طريق دوس المواطن وسحقه، أي بتحويل حقوق يستحقها المواطن إلى رهائن تحرر مقابل فدية، وتدفع الفدية مقابل الحقوق ذاتها. كما أن الفساد يتم من خلال التأثير على قرارات هيئات مقابل المال، مقابل نسبة مئوية، و إلا  تعرقل وتعاق إذا كانت دون مقابل، ولو كان ذلك ضد الصالح العام ومن ثم يوضح الحقيقة التالية :

" لا يخفى على أحد أن أبناء الكثير من السياسيين والمسؤولين ينهجون نهج "البزنس" على أنواعه، فنحن نعرف ونسمع عن " الأبناء الناجحين" في هذا المجال، والذين يؤمّن لهم كل شيء، و هؤلاء الأبناء لا يؤمنون بالشعارات التي كان يطلقها سابقا آباؤهم، ولا تعنيهم القضية الوطنية ولا القضية الديمقراطية  ولا القضية الفلسطينية، فهم "متحررون "من الرومانسيات القومية القديمة !!

• خلاصة القول... كيف يرى محاربة الفساد؟؟!

*إنه يقول : إن محاربة الفساد -دون شك- هي عملية شاقة، ولا ندعي القول إن القضاء على الفساد سيتم بين ليلة وضحاها، فسيبقى فساد، وسيبقى فاسدون ومفسدون، ولكن أن تصبح ظاهرة الفساد ظاهرة شمولية في المجتمع ،هنا تكمن الكارثة. إن محاربة هذه الظاهرة لا تتم بالوعظ الأخلاقي، ولا بالأدعية والنصائح، وإنما تتم عبر فضح منظومة الفساد بأسرها، والنضال ضدها وفق برنامج ذي طابع ديمقراطي ،يحد من هذه الظاهرة على نطاق المجتمع، والحديث عن محاربة الفساد دون ذلك لن يكون سوى موضوع إنشاء يعطى لتلاميذ المرحلة الإعدادية، وهنا يكمن الجانب المأساوي في البرامج التي تضعها معظم الأحزاب في بلادنا، فهم يتكلمون كثيرا عن الفساد كظاهرة ،ولكن أحدا  ما  لا يتكلم بصراحة عن المنظومة التي سببت هذه الظاهرة الشاملة !!!.......

فماذا تقول يا صاحبي ؟؟!