155 طالباً لم يتخرجوا.. بسبب «التدقيق»!

فقد أكثر من 400 طالب في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق فرصتهم في بلوغ الدورة التكميلية هذا العام بسبب رسوبهم في مادة التدقيق الداخلي، بينما توقف تخرج أكثر من 155 طالباً بسببها فقط.. كما زاد عدد المتقدمين إلى امتحان الدورة التكميلية في مادة (تدقيق داخلي ـ مراجعة حسابات/ قسم المصارف) عن 450 طالباً وطالبة، وهذا حسب كل المقاييس عدد هائل بالمقارنة مع باقي المواد.

يتألف كتاب هذه المادة الضخمة من حيث المبدأ من 456 صفحة، يضاف إليها (نوطة) من 200 ـ 230 صفحة، إلى جانب عشرين محاضرة كل واحدة مكونة من 10 صفحات.. ناهيك عن المراجع المطلوبة للتقدم للامتحان فيها وهي متعلقة بالأزمة المالية العالمية والتي يمكن تصور عدد صفحاتها بما لا يقل عن 10.000..

أي وبحسبة بسيطة، يتبين أنه لكي يتسنى للطالب أن يقدم امتحانه في مادة من هذا العيار، وينجح ضمن معدل دراسة يومي للمادة وحدها لا يقل عن 8 ساعات، وإذا كان باستطاعته دراسة عشر صفحات في الساعة الواحدة فإنه سوف يحتاج إلى 200 ساعة دراسة: أي يحتاج 25 يوماً في دراسة هذه المادة (وحدها) دون بقية المواد ليتمكن من تغطية ما جاء فيها، فهل يعقل أن تتحول الأزمة الرأسمالية في العالم إلى أزمة طلابية في كلية الاقتصاد؟!.

يتساءل طلاب الكلية عن حقوقهم في الحصول على مساعدة من عمادة الكلية في تخفيف عبء هذا الكابوس على الأقل عبر تمكينهم من إنجاز حلقة بحث خلال الفصل الأول تساعدهم في تأمين بعض علامات المادة بشكل عملي، لكون ذلك يساعد الطالب على النجاح ويخفف عنهم عبء الحفظ البصم والتعامل النظري المجرد مع المسائل المطروحة أمامهم.

ولا يخفى أن بعض الطلاب أيضاً يشككون بنزاهة الأمر، متسائلين عن سبب إلقاء هذا الحمل الزائد على أكتافهم ومن المستفيد من ذلك؟ إذ ما ذنب الطالب الذي يزاول عملاً ما يؤمن له البدل المادي الكافي لمتابعة دراسته، أو ما ذنب الطالب المريض، أو العسكري أو المشلول؟! وتكثر الأسئلة حين تعيق هذه المادة تخرج 155 طالباً بشكل كامل وتؤجله عاماً قد لا ينتهي!.

وعلمت قاسيون أنه تم رفع شكوى إلى عميد الكلية ووكيلها الإداري ورئيس قسم المصارف بهذا الصدد، وأن أكثر من 40 طالباً دخلوا مكتب دكتور المادة للمطالبة برفع نسبة النجاح في هذه المادة ولكن دون جدوى. ومن المطالب التي توجه بها الطلاب إلى عمادة الكلية أن تكون الأسئلة واضحة ودون استخدام خيار (الإجابة الأصح) عند وضع أسئلة الامتحان، وحجتهم في ذلك أن علم الاقتصاد يحتمل أكثر من إجابة وبالتالي فإن الإجابات غالباً ما تعبر عن آراء أصحابها، ولكل رأيه، كما طالب المحتجون عمادة الكلية بالموافقة على تقديم حلقة بحث في الفصل الأول لتخفيف الحجم النظري الهائل المطلوب دراسته قبل تقديم الامتحان، وطالبوا كذلك بزيادة مدة الامتحان لو ربع ساعة..

قاسيون تضم صوتها إلى أصوات الطلاب المطالبين بإنصافهم، مع التأكيد على أن المشكلة لا تكمن فقط في ضخامة الحجم النظري المطلوب اجتراعه قبل دخول امتحان هذه المادة، وإنما هي مشكلة لها علاقة على ما يبدو بالتخفيف من الضغط على سوق العمل الذي لا يتسع لاستيعاب الأعداد الكبيرة المتخرجة سنوياً من الجامعات السورية، طبعاً ناهيك عن المشكلات الأخرى التي يعانيها المنهاج العام المتبنى، ليس فقط في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، وإنما في جميع كليات وأقسام هذه الجامعة وغيرها من الجامعات السورية. وتجدر الإشارة إلى أن كل هذه المطالب وغيرها تم توجيهها بشكل جماعي من عدد كبير من طلاب كلية الاقتصاد إلى رئاسة الجامعة، مرتين وليس مرةً واحدة، ولكن حتى الآن لم يأت الرد، علماً أن المطلوب هو سرعة الاستجابة لمشكلات الطلاب بعد سماع شكواهم، خاصةً وأن المشكلات التي سببتها هذه المادة لعدد كبير من الطلاب لا تقتصر زمنياً على العام الحالي أو الماضي.