أمننا الصّحي والغذائي في مهب الريح؟!
أصبح كل شيء في بلادنا عرضة للنهب والسرقة بفضل أساليب الفساد التي تُبتَكر كل يوم، والمتناسبة طرداً مع ازدياد نفوذ الليبراليين والفاسدين.. بينما تلعلع ألسنة المسؤولين بالنفاق والدجل وكيل المديح لأنفسهم وسياساتهم هنا وهناك، أو بالحديث عن التنمية والاستثمار والسياحة، فيما الواقع يقول إنّ كل شيء عكس ذلك، وأسعار جميع الأشياء بارتفاع، إلاّ حياة المواطن التي أصبحت رخيصة!!
لن نستغرب بعد كل هذا أن يطالعنا السيد وزير الصحة عبر جريدة تشرين وهو ينفي وجود الكوليرا في محافظتي دير الزور والرقة، بينما اعترف مدير صحة دير الزور عبر الصحف المكتوبة والإلكترونية بـ57 إصابة على الأقل وإن لم يقر بعدد الوفيات!!
الوقائع تقول إن مدينة السبخة التابعة لمحافظة الرقة لا تقل فيها الإصابات السمية عن 170 حالة، لم يكشف الستار عن سببها الحقيقي، وجرى التداول بأنها كوليرا، قبل تصريح معاليه. وكل ذلك كرمى عيون التجار والمستثمرين والسياح، أما المواطن فليذهب إلى الجحيم.. وهذا الاستهتار بأساسيات حياة المواطن لا يقتصر على الموضوع الصحي، بل يمتد إلى كل المجالات، بما فيها الأمن الغذائي للوطن، فسورية على وشك أن تتحول إلى دولة مستوردة للقمح بدلاً من أن تكون دولة مصدرة له، بعد كل الممارسات العجيبة التي اتبعها الفريق الاقتصادي في المجال الزراعي، والجميع يتذكر مشاكل الخبز التي كنّا نعاني منها عندما كان إنتاجنا من القمح يفوق حاجة الوطن بمرات، فكيف سيكون الحال الآن؟
الخبز نوعيته سيئة وتزداد سوءاً في أفران الدولة والأفران الخاصة في المدينة والريف، والمواطن يهدر وقتاً طويلاً في الحصول عليه، فهل تعجز الدولة عن توفير الطحين الجيد وقمحنا من أفضل الأقماح في العالم، بدل أن تترك الأمور بيد تجار الحبوب وأصحاب المطاحن الخاصة، ناهيك عن سرقة المواطن جهاراً نهاراً عبر تخفيض الوزن، وما لفت انتباهنا أكثر من الأساليب الجديدة في التلاعب بالأوزان، ما حدث في فرن مدينة العشارة ( تُرقا) التابعة لمنطقة الميادين بدير الزور، هو ما قام ويقوم به مستثمر الفرن الاحتياطي فيها الذي افتتح مؤخراً بعد مطالبات عديدة، وكان خبزه متميزاً في الأيام الأولى، لكن ما لبث أن تراجعت نوعيته، فهو يقوم بخصم ما لا يقلّ عن 40% من الوزن، دون أن يحاسبه أحد رغم شكاوى المواطنين الذين أكدوا لنا ذلك؟! وننوه هنا أن الأفران الاحتياطية لها إدارة مستقلة ومدعومة، كما أكد أحد النقابيين، وعمالهم من خارج المحافظة، بينما أبناء المنطقة يضطرون للذهاب إلى لبنان للبحث عن فرصة عمل، وهم غير منتمين للنقابة رغم محاولات تنسيبهم العديدة، بسبب سيطرة المستثمرين، وخوف العمال منهم؟!
يجب وضع حدّ لكل الممارسات، التي تمس أمننا الصحي والغذائي، ونتوجه إلى السيد محافظ دير الزور والمسؤولين الكبار بذلك، ومن يتحدث عن تنمية المنطقة الشرقية، عليه حماية غذائنا وصحتنا قبل كل شيء.