حلب عاصمة أحياء المخالفات... هل من منافس؟!
يحار المرء من أين يبدأ في وصف مدينة حلب، وخصوصاً إذا كان من سكان مدينتها، فتوصف أحيانا، بأنها مدينة الصناعة أو عاصمة النسيج، أو مدينة الغناء الأصيل أو الموشحات و القدود الحلبية، أو بعاصمة الشمال كما يحلو لبعض إعلاميينا الأفذاذ، ويبدو أن لكل فئة نظرتها إلى حلب(نا)، وأخيراً تمت تسميتها بعاصمة الثقافة الإسلامية، وتم نفض الغبار عن الماضي التليد لتلك المدينة الحائرة، وصار للحلبيين معلَماً آخر هو تلك الكرة المعدنية التي احتلت أجمل وأهم ساحات المدينة، وهي ساحة سعد الله الجابري(يقال أنها كلفت نحو 18 مليون ليرة سورية فقط)، وكما تعرفون فإن الكثير من سكان حلب وهم مثل أكثر سكان الأقاليم البعيدة، بدأ يراودهم الزهو بالنفس من كثرة ما سمعوه من المدائح بمدينتهم وخصوصاً بعد أن تم ختم جميع المحال التجارية والخدمية بشعار: حلب عاصمة الثقافة الإسلامية، ولكن ذلك الزهو لا يلبث أن يبدده كيس أوساخ طائر أو حفرة منزوية في شارع مظلم، وهنا بالطبع أتحدث عن حلب التي يسكن بها 70% بالمائة من سكانها إن لم يكن أكثر و من هذه النسبة هناك الكثير ممن يسكنون في ما يسمى مجازاً مدينة حلب.
وبما أنني من جماعة نصف الكأس الفارغ، (طبعاً ليس حباً بالنكد) أي من سكان تلك الأحياء المنسية، أو ما يُعرف بالأحياء الشعبية التي تحيط بجميع جهات المدينة عدا جهتها الغربية!!! وهي أحياء الصاخور ودوار الشعار وطريق الباب والحيدرية والأشرفية والكلاسة وصلاح الدين وجميع الأحياء التي يخترقها الدوار الجنوبي أو باصات " بيف تورز" وكذلك معظم أحياء الفقر والمخالفات التي بلغت أكثر من 50 حياً وتتراوح أسمائها بين الكرم (القاطرجي، الجبل، الدعدع، الجزماتي، حومد،....) ، أو الشيخ ( نجار، سعيد، مقصود، خضر، .....)؛ أطالب المسؤولين عن احتفالات عاصمة الثقافة الإنسانية بنقل بعض الفعاليات الاحتفالية لبعض أحيائنا المذكورة أعلاه، كون تاريخ المدينة هو جزء من تاريخ أولئك الفقراء الذين يسكنون فيها، وعسى أن تكون فاتحة خير لسكان تلك الأحياء، فتضاء شوارعهم وتكنس حاراتهم، ويعود الزفت فيغطي حفرهم ( فقط)، وتصبح فرصة لمسؤولي التخطيط والتنظيم العمراني في المدينة لكي يروا بأنفسهم حصيلة ما جنته أيديهم وخبراتهم العظيمة من شوارع غارقة بالحفر مغبرة صيفاً مُوحلة شتاءا،ً حققت أقصى ما يرغبه أصحاب المكاتب العقارية وسماسرة الأراضي، حيث تمتد على جانبي الشوارع عشرات أنابيب المياه لتزود كل شقة على حدة في بناء يعلم الله والعالمون بخفايا الأمور كيف بُني ولم لم يسقط حتى الآن؟ ( حي الصالحين وكرم الدعدع مثالاً نموذجيا)، وأخيراً نتمنى أن نرى نهاية مٌشرفة لبعض مشاريع حلب المزمنة التي تراوح مدة بنائها بين الربع قرن والخمس والثلاثين سنة، مثل مشروع القصر البلدي والمشفى العمالي وملعب الحمدانية الكبير، ونشكر كل من ساهم في إنهاء مشروع نفق الصاخور لجر المياه ( 7 كم فقط) الذي جاوزت مدة بنائه زمن حفر قناة السويس مرة ونصف، ونكتفي بهذا القدر من نصف الكأس الفارغ لأننا شبعنا شرب أو أكل هوا في حلب..