صفر بالسلوك تمتع بالجنسية السورية
بدأت مشكلة الأكراد المحرومين من الجنسية السورية تأخذ طريقها نحو الحل، فقريباً سيتمتع هؤلاء المحرومون بالجنسية السورية، ولكن يجب أن نتأكد من أنهم «سيتمتعون» بهذه الجنسية، أن تكون سورياً شيء رائع، وأن تتمتع بالجنسية السورية شيء أروع.
تمتع إذاً بالراتب الذي سيتوفى بعد العشرة الأيام الأولى من الشهر، وتمتع بالعقدة الأزلية للشاب السوري وهو خدمة السنتين في الجيش بينما صاحب الواسطة جالس في بيته تمر عليه الأيام بطيئة الكواكب دون أن يرتدي البدلة ليوم واحد، تمتع بالركض من دائرة إلى دائرة ومن مؤسسة إلى مؤسسة كي تنال وظيفة «محترمة» وراتباً قلنا أنه يولد ميتاً عادة، تمتع بالصعود كل يوم في الميكرو باص العجيب وأنت تحني قامتك وتتشاهد على روحك طيلة رحلتك اليومية من وادي المشاريع «زور آفا» إلى ركن الدين، ولا تنسَ أن تتمتع بالمستشفيات الوطنية حيث سيجرون عليك الاختبارات ويجربون هل يمكن أن تبقى على قيد الحياة إذا ما نسوا في بطنك مقصاً في أفضل الأحوال أو مفك براغي أو تراكتور كي يذكروك بأصولك الفلاحية، وتمتع أيضاً بظهور اسمك في الجرائد اليومية «تبع الخمس ليرات» وتأكد من التمتع بقراءة الافتتاحيات لرؤساء التحرير والتحليلات السياسية، وتمتع بحق ملكية بيتك أو دكانك وفي غمرة تمتعك بذلك إياك أن تنسى التمتع بدفع الترابية والشرفية من أجل الشوارع المحفرة أمامك والأرصفة التي مورست عليها كافة أصناف التعذيب من قلع بلاط وتكسير راس وإعادة بناء «بروسترويكا يومية»، وتمتع بساعة الكهرباء النظامية التي ستكلفك عشرة أحذية صينية من كثرة ما ستذهب وتجيء أمام شركة الكهرباء الموقرة، فقط كي تجد أسمك على لوحة الساعة، وتمتع أيضاً إذا كنت كاتباً بانضمامك إلى اتحاد الكتاب العرب وحضورك لاجتماعات جمعيات الشعر والقصة والرواية، حيث يوزعون عليك وعلى أمثالك من المتمتعين بونات السكر والرز والسمنة والزيت النباتي، وتمتعي بانضمامك للاتحاد النسائي حيث تتوفر الرجولة هناك أكثر من توفرها في اتحاد الفلاحين، وتمتع بمشاهدة برامج الطلبة والعمال والفلاحين وباقي المنظمات، وتمتع أيضاً بطردك من المكاتب العقارية فور مشاهدتهم لبطاقتك الشخصية فهم يفضلون عليك السعودي والعراقي موديل 2003 وما فوق، وتمتع أيضاً بالتقديم على المنح الدراسية إذا كنت متفوقاً، ثم تمتع بالصدمة وأنت ترى أيها الفقير أن ابن المسؤول الغني الكسلان هو الذي يفوز بالمنحة دائماً، تمتع بالبطالة وأنت تتأمل بطاقتك الشخصية جالساً على رصيف تدفع شرفيته دائماً.
وأخيراً تمتع بالوقوف مع الطوابير الواقفة على أبواب السفارات الخليجية أو الأوروبية أو الأمريكية أو الاسترالية، وتمتع بدفع سعر التقدم لطلب الفيزا دون أن تحصل عليها أبداً، تمتع بكونك متهماً حتى تثبت العكس، تمتع أيها السوري فمن حقك أن تتمتع بجنسيتك السورية، ومن حقك بعد كل هذا التعب أن تعود إلى المنزل كي «تتحمم » فتجد أن أبناءك قد تمتعوا قبلك بمياه الوطن الساخنة، وأن الخزان فاضي والمي مقطوعة، تمتع بالنوم دون حمّام، فأنت سوري ومن حقك أن تتمتع.