«السبينة» و«يلدا» تغرقان في المياه الآسنة! أراضٍ زراعية تروى بمياه ملوثة... والمحاصيل إلى المستهلك!!!
إن حماية البيئة في بلادنا من التلوث الخطير هو واجب وطني، ويصبح شأناً في غاية الأهمية إذا كان المواطن وغذاؤه اليومي هما المهددان نتيجة التلوث المستمر..
اليوم، هناك نداء عاجل من المواطنين في قرى السبينة ـ البويضة ـ يلدا ـ حجيرة، لإيجاد حلول سريعة لما يتهدد حياتهم بعدما أصبح التلوث العنوان الرئيسي لمعيشتهم التي تزداد تردياً وتراجعاً يوماً بعد يوم..
كارثة بيئية في السبينة والبويضة
غمرت معظم الأراضي الزراعية التابعة للفلاحين في قرى (السبينة – البويضة) بالمياه الملوثة الفائضة من الصرف الصحي ومياه المعامل، فخرجت هذه الأراضي بشكل فعلي من الاستثمار الزراعي، ويتم الآن سقاية المحاصيل ولاسيما الخضار الورقية (النعناع ـ بقدونس ـ الفجل... الخ) في بقية الأراضي التي ماتزال صالحة بمياه سوداء قادمة من عدة مناطق: داريا ـ صحنايا ـ المنطقة الصناعية ـ المعامل وغيرها.. وكأن المطلوب إعدام ما تبقى من هذه الأراضي.
ويستغرب أحد الفلاحين ما يحدث قائلاً: كأنما يراد منا ترك الأراضي بوراً أو نحولها عقارات للسكن، فما معنى أن يبقى خيارنا الوحيد هو سقاية المحاصيل بالمياه السوداء؟؟ خاصة وأن الجهات الرسمية منعت حفر الآبار، وبالتالي حرمتنا من سقاية المحاصيل بالمياه النظيفة..
السبينة الصغرى.. والمستنقعات
إذا مضينا باتجاه السبينة الصغرى نجد مستنقعات من المياه الملوثة (صرف صحي – بقايا المعامل) على جانبي الطريق وقرب التجمعات السكنية، فتضاف إلى سابق الهموم، الروائح الكريهة التي تخترق نوافذ المنازل القريبة محولة الحياة في هذه المنازل الفقيرة إلى جحيم، مشكلة خطراً كبيراً على حياة السكان، وخصوصاً الأطفال الذين يضطرون للقفز بين المستنقعات أثناء ذهابهم إلى المدارس وعودتهم منها....
وقد أكد بعض المواطنين لـ«قاسيون» أن هذه المياه يرتفع منسوبها في موسم سقوط الأمطار، فتدخل وتطوف على البيوت القريبة منها.
البويضة.. الحال أسوأ!
وإذا أكملنا المسير باتجاه طريق المداجن غرب البويضة والغزال، فإننا نجد تجمعاً كبيراً لمياه الصرف الصحي وبقايا المعامل التي تشكل بحيرة كبيرة بمساحة (حوالي 10 دونم) وأي ارتفاع لمنسوبها في فصل الشتاء يشكل خطراً على سكان البويضة، لذلك فهؤلاء يعيشون في قلق مستمر.
وحسب ما علمنا، فلقد تم إنشاء قناة إسمنتية مغطاة لتصريف المياه الآسنة ضمن مشروع مشترك بين وزارة الإسكان والتعمير والإنشاءات العسكرية برعاية محافظة ريف دمشق والمؤسسة العامة للموارد المائية، ولم تفتتح هذه القناة حتى الآن لأسباب غير واضحة، ويصرح المسؤولون بأن فتحها سيكون بعد أيام، والمواطنون ينتظرون هذا اليوم بفارغ الصبر، وفي جميع الأحوال لن يكون هذا المشروع إلا حلاً إسعافياً سريعاً مؤقتاً، والمطلوب هو حل استراتيجي ليعود بالفائدة على الفلاحين والأراضي والمواطنين بشكل عام.
يلدا وحجيرة أيضاً
وكما هو الحال في السبينة والقرى الملاصقة لها، فإن الوضع في يلدا لا يختلف كثيراً، فمشكلة ري المزروعات بالمياه السوداء (الصرف الصحي) مازالت تتفاقم وتتعاظم يومياً لأن الجهات الرسمية المعنية لم تسمح للفلاحين بحفر الآبار مما يعني رضوخهم للأمر الواقع، وهو ري المحاصيل بمياه الصرف الصحي أو ترك أراضيهم لتتحول إلى بور أو إلى عقارات للسكن. ويؤكد معظم الفلاحين في يلدا بأن محطة ضخ اليرموك التي تقوم بتحويل هذه المياه نحو عدرا للمعالجة تعاني من أعطال مستمرة، لتتحول هذه المياه نحو الأراضي الزراعية في يلدا ويتجمع قسم منها على شكل بحيرة كبيرة في شمال حجيرة لتشكل خطراً على المواشي والأطفال كونها تقع عند حافة الطريق.
الخطير في الأمر أن يلدا وحجيرة وسبينة وجميع القرى الواردة أسماؤها أعلاه، هي المصدر الأساسي لجميع الخضار الورقية في أسواق الحجر الأسود واليرموك والسيدة زينب والسبينة، وحتى في أسواق العاصمة، وبالتالي يدفع المواطن ثمن هذا التلوث من صحته بسبب تناوله غذاء ملوثاً.
حلول لابد منها
1 ـ تعويض الفلاحين أسوة بفلاحي الحسكة وريف حماه الذين تضرروا من انهيار سد زيزون، فهناك مساحة 100 دونم مغمورة بمياه الصرف الصحي حسب كشف مديرية الزراعية في ريف دمشق.
2 ـ السماح بحفر الآبار العامة ليستطيع الفلاح تطبيق الخطة الزراعية كحل إسعافي لا يمكن تأجيله.
3 ـ بناء محطات معالجة والإسراع في وضعها في الخدمة وعدم التلكؤ في الإجراءات الروتينية.
■ مراسل قاسيون في سبينة