مرافق جامعة دمشق اللاصحية.. بانتظار يد نظيفة!

يقتضي أحد شروط طلب العلم في جامعة دمشق أن يتمتع المريد بخصائص بيولوجية شديدة التمّيز، إذ عليه ألا يكون من أولئك الذين يلبون نداء الطبيعة حتى وإن صرخت بأعلى صوتها، لأنه لن يجد مكاناً ليلبي ذلك النداء الذي قد يشتد ليبلغ درجة العويل أحياناً، وإذا ما سمحت له الظروف وتسنت له شروط التلبية، فعليه أن يمتاز بخصلة بيولوجية أخرى هي انعدام القدرة على تمييز الروائح، لئلا يختلط عليه الأمر ويخرج من النافذة بدل الباب، أو يختار باباً غير باب الخروج (من ركن التلبية) فيسقط شهيد الرائحة، أو أسيراً بين تلال القاذورات المتراكمة خلف الأبواب الخاطئة!.

ليس ما تقدم نسجاً من الخيال، بل هو جانب مما يعيشه طلاب جامعة دمشق (في جميع الكليات والأقسام) يومياً خلال دوامهم الذي يصل في بعض الكليات إلى اثنتي عشرة ساعة، لا لشيء إلاّ لأن المرافق الصحية (التي يقتصر وجودها على أماكن محددة جداً في الجامعة) تفتقر إلى أدنى متطلبات النظافة، لدرجة أن يعاني الطلاب في وجودها أكثر من معاناتهم في غيابها، فيتحول شعار جامعة دمشق لدى رواد المرافق اللاصحية فيها اضطراراً من: «قل ربي زدني علماً»، إلى: «ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا»!.

فالداخل إلى مرافق كلية الآداب (التي تَعدُّ في مبانيها أكثر من عشرة آلاف طالب وطالبة)، قد لا يخرج سليماً معافى، إذ ليس لهذه المرافق صلة بأي معنى من المعاني «الصحية» غير الاسم، فلا شيء يغلب فيها على الرائحة سوى الرائحة نفسها، وتغيب المياه فيها عن معظم الصنابير، في حين تسرِّب المواسير الآسن والمالح من المياه في غياب من يوليها بعض الصيانة، لتتجمع في برك واسعة على امتداد أرضية المكان المتكسرة بفعل الإهمال، وفي كلية العلوم لا تختلف الأمور كثيراً إلا بما هو أسوأ، وكذلك الاقتصاد والطب والهندسة..الخ.

ومع التدقيق، يتَّضح أن سبب أزمة النظافة في جامعة دمشق لا يعود إلى تقاعس الطلاب عن واجباتهم «النظافية» (وإن ظنّ البعض ذلك)، بقدر ما يعود لانعدام المسؤولية لدى من تختاره إدارة الجامعة للاهتمام بهذا الجانب الأساسي من بيئة الحياة الجامعية (وغيرها بطبيعة الحال).

وعليه؛ وبما أن حقوق الطلاب في المطالبة بحقوقهم معدومة وتواجه بآلاف الروادع، فيبدو أن النظافة ستبقى معدومةً في المرافق ريثما تتوفر هذه النظافة «مصادفة» لدى القائمين على رعاية شؤون الطلاب، وإلى أن تمتد يد نظيفة لتسهيل حياة الطلاب، يقبع الدليل خلف أبواب المرافق في جميع الكليات، دون أي تعليق إضافي!