فساد في وضح النهار وتصريحات حكومية للاستهلاك
لم نسمع تصريحاً حكومياً، إلا ويؤكد على أن الحكومة أنجزت، حتى الآن، أكثر من 80% من برنامجها، أو أن الحكومة جادة في مكافحة الفساد. وأن الإصلاح الإداري قد بدأ، وإصلاح وتطوير القطاع العام، بات قريباً، أو أن النمو الاقتصادي حقق أرقاماً فلكية.
عندما نستمع إلى الخطابات، نشعر وكأن الوزراء يعيشون في أبراج عاجية، وفعلاً هم يعيشون في أبراج عاجية، وإلا كانوا قد اهتموا وخجلوا أمام ما يتعرض له المواطن من أزمات يومية حادة.
حقوق غائبة
تقول المادة 46 من الدستور: تكفل الدولة كل مواطن وأسرته في حالات الطوارئ والمرض والعجز واليتم والشيخوخة، وتحمي الدولة صحة المواطنين، وتوفر لهم وسائل الوقاية والمعالجة والنوادي.
هذه المادة منتهكة من الجهات الوصائية منذ أن وضع الدستور، بل وفوق ذلك، يجري الآن تقليص خدمات طبية تقدم للعمال منذ إنشاء القطاع العام، في حين تدور أحاديث يومية لوزيرة الشؤون الاجتماعية، وغيرها، حول مشروع قانون الضمان الصحي، وسبق أن صدر هذا القانون عام 1979، ولكن لم يطبق، وأعدت دراسات منذ عام 2000 ولكن لم تنفذ، ومنذ عام 2002 وحتى الآن، والوزيرة تطل علينا باقتراحات ومشاريع لتطبيق الضمان الصحي، فيما تقوم من ناحية أخرى، بعرقلته مع وزير المالية، تارة تحت حجة عدم توفر المبالغ الضرورية لتطبيقه، والتي قدّرتها وزارة المالية بـ40 مليار ل.س، وتارة سوف يجربونه في بعض المحافظات، ولم يجرب. ولكن التصريحات يومية: شبكة ضمان اجتماعي، صناديق بطالة وعجز وشيخوخة، وانتصارات يومية ووهمية للحكومة.
الإدارة المحلية
صدر القانون رقم لمعالجة مشكلة المخالفات السكنية، لكن التطبيق الفعلي لهذا القانون مازال غائباً. بل ازدادت الأبنية العشوائية، وتوسعت مناطق المخالفات الجماعية، وازدادت الرشاوى وكأن الهدف من هذا القانون، إفساد من لم يفسد وقوننة الرشوة والإثراء غير المشروع، وتقول الإحصائيات إن 70% من السكن في سورية، مخالف وعشوائي، وباتت المخالفات سمة مميزة في المدن السورية كافة، رشاوى وفساد ومحسوبية في مجالس المدن والبلديات.
تصريحات نسمع بها يومياً عن مفردات عديدة.. سكن شبابي، قروض سكنية، شركات استثمارية عقارية دخلت سورية، مجمعات ترفيهية، والمواطن يقف مذهولاً بائساً، أمام الأرقام الفلكية لأسعار البيوت، شراءً أو إيجاراً. حتى أصبح البيت في دمشق أغلى من مونتي كارلو، ولاس فيغاس. والجهات الوصائية تتفرج على مافيا العقارات التي تنهب الوطن، دون أية حلول إستراتيجية واضحة لمواجهة الأزمة.
الاستثمار في السكن، هو «شفط» للسيولة، التي كان من الممكن أن تتجه إلى قطاعات منتجة.
ويتساءل البعض: هل هناك دولة في العالم تسمح لشركات أجنبية أن تستثمر في السكن؟ أو أن تقدم لها كافة التسهيلات في إخراج الأموال؟ ولكن، لن نفاجأ، إذا علمنا بأن شركاء أصحاب هذه الشركات، هم سوريون، ومن أصحاب النعم الحديثة، الذين اغتنوا خلال سنوات طويلة، على حساب التنمية والقطاع العام والوطن.