حوايج الفرات الهدف الجديد لمشعلي الحرائق
حوايج الفرات، وهي الجزر التي تتوسط مجرى نهر الفرات، التي تشكل غابات طبيعية وخزاناً للتنوع الحيوي وتحوي في جنباتها على بقاياً الحيوانات النادرة، التي كانت تعيش على ضفاف نهر الفرات، حيث أنها تجد الملاذ الآمن هنا بعيداً عن الصيادين. وهي، بالإضافة لكل ما سبق، تشكل الرئة التي تتنفس بها منطقة الفرات، بعد أن لامست حدود التصحر سرير النهر بفعل التعديات على البادية. وحيث استوطنت عواصف الغبار ( العجاج) تلك المنطقة التي يُفترض بها أن تكون واحات خضراء. وما تعبير حضارات ما بين الرافدين إلا دلالة على تأثير الخضرة والماء وحفاظ الأقدمين عليها.
اليوم وفي خضم حملات التوعية البيئية، التي تركز على الحفاظ على ما تبقى من خضرة، وتنبه إلى مخاطر التصحر وما يصاحبه من التغير المناخي ، في هذا الوقت بالذات وفي ظل غياب الرقابة الرسمية أو تراخيها وفي ظل انحطاط أخلاقي وقيمي عند بعض الجشعين، تفتعل حرائق الغابات والحوايج التي يصعب إطفاؤها وتقيد أغلب الأحيان ضد مجهول، مع أن المستفيدين معروفين.
الثلاثاء 12 حزيران، تُضرم النار في أكبر حوايج نهر الفرات بالقرب من مدينة الميادين، وذلك للمرة الثالثة خلال شهر واحد فقط، وتحصد النيران عشرات الدونمات من الأشجار الكثيفة، فتحول أغلبها إلى رماد.
الشكوك تدور حول مستثمري بعض أجزاء الحويجة، لتوسيع مساحة استثمارهم. وهم بالوقت بنفسه يتهمون الصيادين، وبعض المشبوهين بغرض الإساءة لهم، وبين هذا وذاك تضيع حقيقة الجريمة بحق البيئة والحياة.
إن سرعة الاستجابة من إطفاء شركة الفرات للنفط، وبالتعاون مع الدفاع المدني وإطفاء دير الزور، الذين بعثوا بعربة وحيدة، كان لها الفضل في إخماد النار، التي كانت تحتاج إلى مساعدة أكبر، ولاسيما من مسؤولي مدينة الميادين، الذين يبدو أنهم لم يسمعوا بالحريق. وسيارة الإطفاء الوحيدة الموجودة في مدينة الميادين، هي عبارة عن صهريج لا يصلح للإطفاء، ويستخدم في غسل الشوارع فقط.
كلمة أخيرة نقولها للمسؤولين: إن حماية الغابات والأشجار والبيئة المحلية، هي حماية للحياة ولمستقبل الأجيال. عقلية التصحر والخواء التي تطبع الكثيرين نتيجة التخلف والفقر، وتعتبر الأشجار ترفاً زائداً، أو مصدر ثروة في سوق الفحم، أو عقاراً يجب الاستيلاء عليه، في ظل سكوت الجهات المناط بها حماية الأملاك العامة، ومنها تلك الحوايج النهرية.
■ سليم اليوسف