كيف أصبحت شيوعياً

ضيفنا لهذا العدد الرفيق النقابي أديب عزت العجمي

وهو من الرفاق في اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين ...

الرفيق المحترم أبو معتز حدثنا كيف أصبحت شيوعياً؟

قبل الخوض في هذا الحديث أحب أن أوضح أنني تابعت بكل الاهتمام ما نشر من لقاءات غنية مع رفاق قدامى لهم دورهم ونضالهم المشرف على الصعيد الحزبي والوطني والطبقي... نحن تلاميذ في مدرستهم نستلهم النموذج والعزم والإخلاص مما بذلوا وأعطوا فهم بحق الذين شقوا بأيديهم طريق الحزب، وهذا يدفعنا إلى عدم إغفال الدور الذي يؤديه الرفاق في أيامنا هذه، فلكل مرحلة سماتها ورجالها وتبقى راية الحزب عالية وتبقى صورة المناضلين الشيوعيين القدامى رائعة مشرقة في خيالنا نحن شيوعيي النصف الثاني من القرن العشرين.

ولدت عام 1951 في حي الشاغور أحد أحياء دمشق الشعبية التي اقترنت أسماؤها بالثورة الوطنية السورية الكبرى ضد الاحتلال الفرنسي ولا عجب في أن جيلنا تشبع منذ نعومة أظفاره بحب الوطن وروح التضحية في سبيل حريته وكرامته، والدي كان عامل نسيج بمعمل «دياب»، ورغم صعوبة وضعنا المعيشي حرص على تعليمنا وتحمل عبء المصروف، دخلت مدرسة حسان بن ثابت، وحصلت منها على الشهادة الابتدائية عام 1964وبعد ذلك درست بإعدادية المزة، ونلت الشهادة المتوسطة عام 1967 عام هزيمة حزيران المريرة التي زلزلت الواقع العربي برمته، تابعت دراستي الثانوية بمدرسة محمد بن قاسم الثقفي، ونلت شهادة البكالوريا الفرع العلمي عام 1970، والتحقت بالمعهد المتوسط للصناعات النسيجية وتخرجت عام 1972 بتقدير جيد، ثم عملت في معمل خاص للجوارب، ثم مدرسا لمادة الرياضيات في التعليم الخاص ثم مدرسا في مراكز التدريب المهني لسنوات عديدة،اتبعت دورة تخصص بتعليم الأميين و أسهمت بعدها في محو أمية مجموعات من الكبار وهذا العمل بالذات منحني شعور الفخر بما أنجزت،ومنذ عشرين عاما وأنا أتابع نشاطي النقابي في إعداد وكتابة الموضوعات حول قضايا العمال وأنشرها في النشرات النقابية.

تعرفت على الفكر الشيوعي عن طريق المطالعة (انتميت فكريا قبل انتمائي التنظيمي) وأنا في المرحلة الإعدادية، فقد كنت مولعا بالقراءة أتابع ما تكتبه مجلة المدار ونشرة نوفوستي ومجلة المجلة وأتردد على المراكز الثقافية (العربي والسوفييتي والألماني) وخلال دراستي في المعهد تعرفت على الطالب الرفيق محمود خزعل، وهو من جبل العرب، وتأثرت به، وكذلك تأثرت بالمدرس الرفيق رشاد القوتلي، ومن ثم انتظمت بفرقة حزبية طلابية مسؤولها الرفيق عبدو سعيد، وهو من دير عطية، ومنذ ذلك الوقت انخرطت في العمل الحزبي والسياسي، تطوعت في المقاومة الفلسطينية صيف عام 1971 وعملت بصفوفها ضمن الأراضي اللبنانية، وكانت مهمتي رصد تحركات العدو من مرصد عين عطا المشرف على منطقة الجليل بالأرض المحتلة.

ومن ذكريات مرحلة الشباب ذكرى المظاهرة الكبرى التي قام بها طلاب دمشق ضد التصريحات التي أطلقها الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة حول القضية الفلسطينية، وقد شاركت في حملة جمع التبرعات للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني، ولم أتردد يوما بالمشاركة بكل النشاطات المطلبية والجماهيرية، وكذلك المظاهرات والاعتصامات الوطنية التي نظمتها اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين ضد العدوان الأمريكي على العراق وضد الاعتداءات الصهيونية على الشعبين الفلسطيني واللبناني، وضد السياسات الأمريكية تجاه المنطقة العربية.

 عايشت ما تعرض له حزبنا منذ بيان 3 نيسان من انقسامات وتشرذم وضعف وحز في نفسي كثيرا ما حدث، واليوم وبعد توضح الأمور أستغرب كيف لا يهتم كثير من (القياديين) بواقع الحزب المؤلم ،فلا ينهضون لملاقاة جهود الرفاق في القواعد في سبيل استعادة الحزب لدوره التاريخي كمدافع صلب عن الوطن وعن كرامة ولقمة عيش الشعب. وأعتقد أن الضعف الذي أصاب عمل الشيوعيين ترك أثره الواضح على مجمل نشاط الحركة الوطنية، وفي ميدان العمل النقابي يلاحظ العمال تراجعا كبيرا في دور النقابات حيث أضحى العديد من (القادة النقابيين) موظفين يسعون للحفاظ على مراكزهم شأن الكثيرين من (القادة السياسيين) لضمان الامتيازات التي يتمتعون بها وبعضهم نافس كبار الطفيليين في تملك الثروات والأطيان، وأمثال هؤلاء مشاركون فعلا في تردي الأوضاع المعيشية للجماهير الشعبية وفي مقدمتها العمال الذين يدفعون ثمن تلك السياسة التي تنكرت لحقوق الكادحين، وشرعت تحول البلاد إلى اقتصاد السوق اقتصاد السوء والفساد الذي حرم العمال من حقهم المقدس في الإضراب دفاعا عن مطالبهم المشروعة والعادلة، حتى الاحتفال بعيد العمال العالمي غدا وللأسف الشديد مجرد كلمات إنشائية يلقيها من لا يجمعه جامع بحياة العمال ومعاناتهم وسط ديكور مسبق الصنع، وكما يقال ففي النفس الكثير الكثير مما يجب أن يقال! أين كلمات ومواقف النقابيين الحقيقيين أمثال إبراهيم بكري وجبران حلال وخليل حريرة.. وسهيل قوطرش؟!!.

ألم تسمعوا بما يقوله العمال: لقد أصبحنا في واد و(النقابيون) في واد آخر.

أتوجه من خلال هذه الزاوية في صحيفة قاسيون إلى رفاقي الشيوعيين في كل ساحات الوطن وبمختلف الفصائل والتنظيمات، وإلى الذين ابتعدوا لأسباب مختلفة عن التنظيم، لنعمل كتفا لكتف كي يستعيد الحزب الشيوعي السوري وجهه الناصع، حزبا للطبقة العاملة.. حزبا للشعب والوطن.

آخر تعديل على الخميس, 17 تشرين2/نوفمبر 2016 18:41