الشتاء على الأبواب... وشحّ المازوت على الشباك!!
يستعد الناس لاستقبال فصل الشتاء متأملين بمعظمهم ألا يكون قاسي البرد هذا العام، إذ أن اشتداد البرد من الطبيعة والحكومة معاً، أمر سيكلف الناس صحتهم لا محالة، فاستمرار أزمة المحروقات – المازوت تحديداً – وما رافقها من ارتفاع مضطرد في أسعار كافة السلع المأكولة وغير المأكولة، وما انبثق عنها من أزمات انعكست انتظاراً على مواقف الميكروباصات ومداخل الكازيات، وما تبع ذلك أو سبقه من تهريب للمازوت وتصدير للخضراوات بما رفع أسعار الحاجات الأساسية ضعفاً آخر، وألقى بأحمال ثقيلة على جيوب المواطنين، هذا كله ما هو إلا مقدمات لما سيعانيه الموطن في الشتاء القادم الذي سبقته الحكومة بمضاعفة تسعيرة الكهرباء، وسبق الكهرباء اختفاء المازوت من محطات الوقود (اللهم إلا من رئاتنا المشبعة بدخانه)، والمشكلة أننا (وللصيف الثاني) لم نعتد توفر المواصلات بما يؤمن وصولنا إلى منازلنا، فكيف سنصل إليها في الشتاء إن لم تجد الحكومة حلاً سريعاً لأزمة المحروقات؟ بل وكيف سنؤمن الدفء لأطفالنا إذا لم تبادر الحكومة بحل ناجع قبل وصول الشتاء؟!
من المعروف أن المازوت هو عصب الحياة في سورية وهو (الله يخليلنا ياه) أصل البلية في ما نعانيه من اختناقات تنفسية مرورية، وتلوث في المدينة والمدنية، وجفاف في الحلق (أثناء الصيام) وقلّة في القابلية، واليوم، ومع اقتراب الشتاء واعتماد معظم الناس على المازوت في تدفئة بيوتهم إلى جانب استمرار ظاهرة السرافيس المعتمدة عليه كوقود، فمن الطبيعي أن يزداد الطلب عليه (ككل عام)، ما سيؤدي إلى استعار السباق بين المواطنين الساعين إلى تأمينه من جهة، وبين البعض الساعين لاحتكاره أو تهريبه من جهة أخرى. أما نحن، فلأن الشحّ في المازوت لن يمنعنا من شرائه بقصد التدفئة وبالتالي حرمان السرافيس من وقودها المفضل، فإن أصحاب السرافيس، الأكثر تماسّاً منا بأصحاب محطات الوقود، لن يسمحوا لنا بحرمانهم من هدير محركات الديزل في الشوارع الضيقة، وبين ضرورات تأمين الدفء، ومحورية دور المواصلات، سيُحرم معظم الناس من أحد شيئين: فإما التماس الدفء في البيوت! وإما الوصول إلى تلك البيوت! وبما أن الخيارين أحلاهما مرّ، فلا يبقى أمامنا سوى أن (ننضب) في بيوتنا ونترك الحكومة (تشوف شغلها)، و(نبطل حوصان وكترة غلبة)، ونرسخ إيماننا بعدم جدوى الخروج إلى الطريق الذي لن نجد ما سيعيدنا منه أصلاً، ولنختبئ تحت اللحاف الشتوي، ولنتعلم من الآن يا أخي فنون السبات الشتوي! فنعفي أنفسنا من مصاريف الشتاء، ونبعد عنها عناء تركيب (الصوبيا) ثم الإشعال والإطفاء، ونعيش طويلاً على الخبز والماء، فهذا زمن الشح... وغلاء الكهرباء!.