في البوكمال باعوا بيوت الشهداء

للشهيد قدسية تكاد تساوي قدسية الأنبياء، هذا الذي قدم نفسه وروحه قرباناً للوطن، وجاد بأغلى ما يملك، للذود عن كرامة الوطن وعزته ونصرته، فمهما قدمنا له ولأبنائه يبقى كل العطاء مقصراً أمامه، وأمام كل قطرة من دمه الطاهر. لكن يبدو أن هنالك من يجهل، أو يتجاهل ذلك، عن سابق قصد وإصرار، ولا يهمه سوى مصلحته الشخصية، ضارباً عرض الحائط بكل القيم والأخلاق، وهذا ما حدث لشهداء مدينة البوكمال، من خلال التجاوزات على الأراضي المخصصة لسكن أسر الشهداء،

فمن بين ثمانية عشر مقسماً،لم يبُنَ منها سوى ثلاثة مقاسم، والبقية ذهبت في مهب رياح الفساد المنظم، فمن العقار /1838/ إلى العقار /1853/، خمسة عشر مقسماً،لم يبقَ منها لأبناء الشهداء سوى رحمة الله، هذا التجاوز، والذي تم بعلم رئيس مجلس المدينة السابق، وبتغطية منه من خلال السماح للمتجاوزين بالبناء، وهو الذي يعرف أن هذه الأراضي تعود ملكيتها لوزارة الدفاع، ثم أين هي رخص البناء التي تم البناء بموجبها؟ أليس هذا مشاركة في عملية التجاوز؟ ما هي الأسباب والدوافع؟ وما هو الثمن؟ فقد تم أكل حقوق الأحياء قبل الأموات، أيضاً فالعقار الذي يحمل الرقم /2287/ والمقرر له أن يكون ملاعب رياضية، والعقارات ذوات الأرقام 1831، 2288، 2289، هذه العقارات، وحسب المخطط التنظيمي، هي مَحاضر مدارس، فمن سمح بالتجاوز عليها؟ ولماذا؟ وما هي المظلة التي يحتمي بها؟ من تجاوز كل ذلك وعلى عينك يا تاجر؟! فلا فرق عندهم بين الأحياء والشهداء، لماذا؟ ومن وضع أي قانون أو شريعة تبخس حقوقهم؟!
كل ذلك والسيد محافظ دير الزور يطالب المكتب التنفيذي الجديد ورئيسه بعدم الالتفات إلى الفترة الماضية، أم أن الماضي لا يدخل في حسابات البعض؟!
جميل أن يوجه المحافظ المكتبَ التنفيذيَّ الجديد في البوكمال، بأن يعملوا لمصلحة المواطن، لكن علينا أن لا نؤمن بمقولة «من ضرب ضرب، ومن هرب هرب». كلنا مع شعار محاربة الفساد واجتثاثه، قديمه قبل جديده، وهذا الشعار تردده السلطة من أعلى الهرم إلى أسفله، أَوَليس السيد المحافظ مع هذا الشعار؟! إذاً لا بد من فتح الملفات وإجراء التحقيق الموسع والشامل، عبر تشكيل لجنة محايدة لسلامة التحقيق وشفافيته على أن تكون مشكَّلة من الوزارة لا من داخل المحافظة، أو من جهات وصائية أخرى، تكون ذات هيبة وفاعلية، كي توضع الحروف في أماكنها الصحيحة، وعليها جميع النقاط اللازمة، فلسنا بحاجة إلى فاسدٍ جديدٍ في البوكمال، على غرار ذلك الذي كان مديراً عاماً لمؤسسة مياه دير الزور، وضرب ضربته وتوارى عن الأنظار بقدرة قادر، فعسى عند فتح الملفات والمحاسبة، يكون هناك رادع لكل من تسول له نفسه أن يتلاعب بمقدرات الوطن والمواطن، وعدم فتحها يعني لنا أشياء كثيرة وكبيرة، ويشكل عندنا ألف سؤال وإشارة استفهام.
نتمنى إظهار الحقيقة بالتحقيق، فمن يملك الحقيقة، كأنه يقف على صخرة راسخة، وعليه ألا يخشى الأمواج، وفي ذلك صونٌ لكرامة الوطن والمواطن.